أما موضوع النقاش فهو الحقائق التي تجلت وبصورة فاضحة في المشهد الثقافي والفكري لجماعة الإخوان الفاشلة والنظام التركي الانتهازي.
مسلمة لا بد أن نضعها خارج النقاش منذ البداية، وهي الحق المطلق للأستاذ جمال خاشقجي في التعبير عن رأيه، وفكره طالما يفعل ذلك ضمن أطر القانون والأخلاق والأعراف الاجتماعية المرعية، وأن حياته مقدسة قدسية مطلقة لا يحق لأحد أن يعتدي عليها أو أن يمسها بسوء، أو أن يهين كرامته وينال من سلامته البدنية في الحياة وبعدها، نؤكد ذلك رغم الاختلاف بل التناقض مع أطروحات الأستاذ جمال خاشقجي السياسية وانحيازاته الإيديولوجية.
الحقيقة التي نخرج بها من تحليل أزمة اختفاء السيد خاشقجي هي أن تنظيم الإخوان الفاشل، ورعاته في تركيا وقطر، نوع غريب من البشر، لا يملك عقلاً، ولا يحكمه منطق، ولا يلتزم بقيم، إنهم مجموعة من الانتهازيين الذين يستخدمون أي شيء لتحقيق مصالحهم السياسية
أما موضوع النقاش فهو الحقائق التي تجلت وبصورة فاضحة في المشهد الثقافي والفكري لجماعة الإخوان الفاشلة، والنظام التركي الانتهازي، والعائلة القطرية المتآمرة ومرتزقتها من الأقزام والغلمان والصبيان؛ الذين تحولوا إلى روبوتات ناطقة، تندفع بلا عقل ولا إحساس في الاتجاه الذي يشير إليه من يملكهم، وفي النقاط الآتية سوف نثير مجموعة من التساؤلات موجهة إلى كل ذي عقل؛ يجيب عليها بما يقوده إليه المنطق الإنساني البسيط.
أولاً: من مسلمات القانون في جميع أنحاء العالم أنه لا جريمة إلا بمحل للجريمة أو موضوع لها، فلا سرقة إلا بشيء مسروق، ولا قتل إلا بجسد مقتول، هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان من بني البشر، فلماذا انطلقت كل أبواق الإخوان من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق تعلن مقتل السيد خاشقجي، وتنعيه وتترحم عليه، وتتوعد قاتليه قبل أن يعثروا على جسده؟ ولماذا وقعت في الفخ نفسه مؤسسات رسمية تركية وتجرأت أن تعطي معلومات لوكالات الأنباء العالمية أن السيد خاشقجي قُتل؟ بل زاد الطين بلة أنهم حددوا مكان القتل والقاتل! وماذا فعل بجسد المقتول من تمثيل وتشويه دون أن يكون لدى جميع السلطات التركية جثة للسيد خاشقجي، ودون أن يؤكد مخلوق على ظهر الأرض أنه قد مات؟ وفي هذه الحالة فإنه وفقا للشريعة والقانون فإن السيد خاشقجي حي إلى أن يثبت العكس، فلا يحق لأحد أن يتعامل مع ممتلكاته على أنها ميراث، ولا يوجد قانون في العالم يجيز ذلك قبل مرور عامين على الأقل.
ثانيا: استقرت جميع المذاهب الإسلامية وجميع القوانين الوضعية على مبدأ أن لا اتهام إلا بدليل، وما دون ذلك شبهة لا يمكن أن يُبنى عليها اتهام إلا بدليل مادي أو شهود عدول أو اعتراف، فلماذا يصر تنظيم الإخوان الفاشل الذي يدعي أنه يسعى لتطبيق الشريعة إلى مخالفة أبسط مبادئ ومسلمات الشريعة والقانون، ويستخدم حياة إنسان ومشاعر أسرته للانتقام السياسي من دولة كانت الملجأ والملاذ والداعم لهم لأكثر من نصف قرن، ثم ابتعدت عنهم عندما خانوها، وغدروا بها وتآمروا عليها مع قطر وإيران؟ وأين إسلام السلطان أردوغان؟ هل هذه هي مبادئ السلطان خليفة المسلمين في القرن الحادي والعشرين؟ هل هذا هو مستقبل المسلمين مع سلطان يعاملهم بانتهازية تتجاوز أبسط الأخلاق والقيم؟
ثالثاً: شريعة الإسلام لا ترتب حقوقاً للمخطوبة على خطيبها، ولا تعطيها لا ميراثا ولا نسبا، وأعراف العرب والمسلمين لا تسمح بأن تكون المخطوبة ولية أمر خطيبها وصاحبة الدم، فمن أين جاء جهاز المخابرات التركي بهذا المبدأ ليجعل السيدة خديجة جنكيز هي صاحبة دم الأستاذ خاشقجي في ظل وجود أولاده؟ وهل فعلا خطبها السيد خاشقجي؟ وهل كان خاطباً لها ومنتظراً حتى يؤثث شقة ويكون نفسه فيتم الزواج؟ وكيف لرجل ستيني أن يكون خاطباً؟ ثقافتنا تقول إن هؤلاء يتزوجون مباشرة، وكيف تكون خطيبته وهو يتعامل معها في منشور على صفحته في التويتر بالتجهيل الكامل، وكأنها لا يعرفها؟ ولما لم تظهر معه في أي مناسبة، وليس لها معه أي صورة قبل اختفائه إلا تلك التي علق عليها بتجهيلها؟
رابعاً: هل من الطبيعي على كل من يريد زيارة عادية لقنصلية بلده أن يصطحب معه من يتركها خارج باب القنصلية، ويترك معها التليفون المحمول الخاص به، ويخبرها أن تبلغ السيد ياسين أقطاي مستشار السيد أردوغان إذا حدث له مكروه ولم يسألها أن تبلغ أهله؟ هل كان يعلم أنه سوف يتم خطفه؟ وإذا كان ذلك كذلك فلماذا ذهب للقنصلية وهو يعلم أن حياته في خطر؟ وهل كان هناك شيء أهم من حياته ليخاطر من أجله ويدخل قنصلية بلده وهو يشك أن مكروهاً سوف يصيبه؟ ولماذا لم يستخرج أوراقه في واشنطن حيث يقيم؟
خامساً: السيادة السعودية على القنصلية لا تتجاوز 500 متر مربع، وباقي المدينة تخضع للقانون التركي، فلماذا تنازلت الدولة التركية عن سيادتها في مدينة إسطنبول من أجل سيادة المملكة العربية السعودية على فيلا فيها؟ ولماذا لم تبحث مؤسسات إنفاذ القانون في تركيا خارج القنصلية؟ وتفتش الكاميرات المتاحة أمام القنصلية؟ ولماذا تم وضع كل الأمر على قنصلية لا تملك خارج أسوارها متراً واحداً؟ وأين كان الأمن التركي الذي يحرس القنصلية؟
سادساً: أجهزة الأمن في العالم تبدأ بفرضية الاختفاء، وتمارس كل وسائل البحث، وعندما تستنفد كل الوسائل والأساليب والفرص المتاحة للبحث عن مختفٍ أو مخطوف تنتقل لفرضية القتل، فلماذا بدأت الأجهزة الأمنية والقانونية التركية بفرضية القتل ولم تبحث عن شخص مختفٍ؟ ألا يمثل ذلك تواطؤاً مع المجرمين إن كان السيد خاشقجي مخطوفاً؟ أليس ذلك تعريض لحياة إنسان للخطر من خلال التخلي عن الدور الرئيسي للأمن في البحث عنه حياً أو ميتاً، وتحويل الأمر كله إلى حرب إعلامية على دولة السيد خاشقجي؟
سابعا: هل كل قصة السيد خاشقجي هي ثمن الطائرة التي أهداها الغلام لسيده؟
الحقيقة التي نخرج بها من تحليل أزمة اختفاء السيد خاشقجي أن تنظيم الإخوان الفاشل، ورعاته في تركيا وقطر، نوع غريب من البشر، لا يملك عقلاً ولا يحكمه منطق ولا يلتزم بقيم، إنهم مجموعة من الانتهازيين الذين يستخدمون أي شيء لتحقيق مصالحهم السياسية.
في كلمة واحدة.. إن تنظيم الإخوان الفاشل، والسلطان الواهم، والغلام اليتيم نموذج لبشر؛ المصالح عندهم قبل المبادئ، يضحون بكل القيم من أجل المصالح، حتى وإن كانت مصالح سلبية مريضة مثل الرغبة في الانتقام والتشفي والثأر، يضحون بالدين والقيم والإنسانية من أجل شهوة الثأر والانتقام والتشفي.. نوع مريض من البشر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة