"طعام.. صلاة.. حب".. قصة تُعاش وأخرى تُروى
تصدرت الكاتبة الأمريكية إليزابيث جيلبرت محركات البحث خلال الأيام الأخيرة، هذه المرة ليست بسبب صدور كتاب جديد لصاحبة الأعلى مبيعات
تصدرت الكاتبة الأمريكية إليزابيث جيلبرت محركات البحث خلال الأيام الأخيرة، هذه المرة ليست بسبب صدور كتاب جديد لصاحبة الأعلى مبيعات، ولكن بعد الخبر الذي أعلنته رسميًا عبر صفحتها على الـ"فيس بوك" بانفصالها عن زوجها البرازيلي فيليب.
"أعلن انفصالي عن الرجل الذي عرفتموه باسم فيليب، الرجل الذي التقيته في نهاية رحلتي في طعام صلاة حب"، الخبر لم يُؤخذ بمحمل الخبر الشخصي على الإطلاق، بل تم تلقيه وتحميله الكثير من الانطباعات والتساؤلات، فلم يكن "فيليب" مجرد زوج، ولكنه حسب مريدي الكتاب كان زواجها به ثمرة رحلتها الطويلة التي أسرت الملايين في كتابها ذائع الشهرة "طعام.. صلاة.. حب".
صحيفة "تليجراف" البريطانية عبرت عن هذا الموقف بصيغة أقرب للرثاء قالت: "إنها الرومانسية التي شجعت جيلًا كاملًا من السيدات للسفر عبر البحار للبحث عن الاشباع الروحاني، والنهاية السعيدة" هكذا استهلت تقريرها حول إعلان خبر طلاقها.
سيرة جيلبرت، 46 عامًا، تعد وبلا شك واحدة من أهم السير الذاتية لمرحلة ما بعد الطلاق، وتخطى صعابه بالاكتشاف الروحاني للنفس، تم ترجمتها إلى أكثر من 30 لغة في العالم، وباعت ما يزيد على 10 ملايين نسخة، وتبعت ذلك بكتاب آخر حول مخاوف مؤسسة الزواج ذكرت فيه تجربة إقدامها على الزواج Commited: A skeptic makes peace with marriage، وكتاب Big magic: creative living beyond fear وهو كتاب حول إمكانية تخطى الإنسان لمخاوفه بطرق غير تقليدية وإبداعية، وقد لاقا نجاحًا كبيرًا ولكن ليس بحجم نجاح مذكراتها الأولى.
تحول كتاب إليزابيث جيلبرت إلى فيلم سينمائي عام 2010، ليواصل تصاعد حالة الإلهام التي بدأتها السيرة الذاتية.
فطالما دقت قلوب لمشاهد كانت تجمع بين جوليا روبرتس وخافيير بارديم بطلي الفيلم وهما يتبادلان تأثير السحر الأول، واختبارات المحبة غير المقصودة، قبل أن يكتبا بزواجهما نهايتهما السعيدة، وتتوج بذلك البطلة رحلتها غير العادية.
رحلة إليزابيث لاكتشاف ذاتها، بدأت من إيطاليا العامرة ما بين المقاهي ومحلات البيتزا والآيس كريم لمدة 4 شهور، متابعة إياها بطقوس تقشفية غارقة في الصلوات والتعبد، ومنهما شقت طريقها للتوازن في بالي الإندونيسية، حيث التقت الحب الجديد الذي أنساها تجربتها الأولى في الولايات المتحدة.
نُشرت السيرة الذاتية عام 2006، وحقق بطولة في عالم المبيعات في ذلك الوقت، حتى أنه أكمل 110 أسبوعًا على قائمة النيويورك تايمزِ للكتب الأكثر رواجًا.
لم تتوقف التعليقات على صفحة إليزابيث جيلبرت منذ أن أعلنت الخبر، ما بين دعوات وصلوات لمنحها القدرة على تعدي تلك المرحلة، وبين صدمة وإحباط من محبي الكتاب والفيلم لاسيما وأنه على حسب تعبير الكثيرين أفقدهم الإيمان بالرحلة الذاتية من الأساس.
فكتاب جيلبرت يعد واحدًا من أهم وأشهر السير الذاتية التي تتعرض لمرحلة ما بعد الطلاق، خاصة في قصتها التي خرجت منها باكتئاب شديد، كانت على حد تعبيرها تجعلها تجلس على الأرض فى حمام منزلها لتبكي بالساعات، حتى قررت أن تنفصل عن زوجها لتبدأ رحلة حول العالم لمدة عام، فكما جاء في المذكرات "تركتني تلك الخسارات المتتالية فريسة للحزن وشعرت بأنى هشة وضعيفة، وكأن عمرى 7 آلاف سنة"، فقررت آنذاك قضاء عام كامل في عزلة "ما أردته في الواقع هو أن أستكشف بعمق ناحية معينة من ذاتي في إطار تلك البلدان، في مكان اعتاد تقليديًّا على إتقان ذاك الشىء، أردت استكشاف فن المتعة في إيطاليا، وفن التأمل في الهند، وفى إندونيسيا فن الموازنة بين الاثنين"، لأنه حسب ما كانت تظن "لم يكن الوقت مناسبًا للبحث عن الرومانسية، جاء وقت البحث عن الشفاء والسلام اللذين لا يأتيان إلا من الوحدة".
بلغت شهرة هذه المذكرات الآفاق، حتى أن مجلة "تايم" اختارت جيلبرت عام 2008 كواحدة من أكثر نساء العالم تأثيرًا، وظلت ضيفة ببرنامج "أوبرا" الشهير لشرح فلسفة كتابها وإمكانية تطبيق أفكاره، وعلى رأسها حب الشخص الحقيقي لذاته.
وليقينها الكامل بحالة التماهي الكامل لجمهورها مع "طعام.. صلاة.. حب" فاختتمت إعلانها الخبر على "فيس بوك" بجملة "هذه هي القصة التي أعيشها.. وليست القصة التي أرويها"، في محاولة منها لفض الاشتباك بين الواقع الذي تعيشه وحالة الإلهام والسحر التي أوقعت فيها جمهورها بمذكراتها، وتركته الآن في حيرة، وربما يتوق لجزء جديد من السيرة الذاتية، لمحاولة فهم ما حدث، حتى لو كانت صاحبته غير راغبة في البوح الآن كإنسانة وزوجة، ولكنها وبلا شك ستتلقى عروضًا ضخمة بوصفها كاتبة ذائعة الصيت لنشر تلك التجربة في كتاب جديد.
السير الذاتية التى تناولت رحلة الطلاق ومعاناة تخطى مراراته لاتزال من أكثر الموضوعات رواجًا بين الكتب غير الروائية، ويتم استقبالها باهتمام لافت، حتى لو لم تبلغ شهرة "طعام.. صلاة.. حب"، من بين تلك السير الذاتية كتاب split أو انفصال.
لصاحبته سوزان فينامور، التي تميزت بالجمع بين السخرية والحزن الشديد في مواجهة حقيقة تخلي الشريك، حاولت من خلال الكتاب الإجابة على تساؤل :كيف يمكن مواجهة الطلاق والخروج منه إلى حياة جديدة؟
سير الحب الملهمة التي واصلت نجاحاتها مع السينما لا يمكن حصرها، يمكن الإشارة هنا لرائعة نيكولاس سباركس "المفكرة"The notebook الرواية التي تحولت لفيلم يحمل نفس الاسم حول قصة حب جسدها كل من رايان جوسلينج وراشيل ماكآدمز، والتي أكد سباركس أنها مستوحاة من قصة حقيقية لجد زوجته الأمر الذي زاد من ألق الحكاية والفيلم، وهي قصة دارت أحداثها في الأربعينيات من القرن الماضي، ويشار إلى أن سباركس من أشهر الروائيين الذين تحولت أعمالهم الأدبية لأفلام سينمائية، يذكر منها كذلك روايته "النذر" The vow التي تروي محنة زوجة فقدت الذاكرة بعد حادث أليم تعرضت له مع زوجها، ونجحت روايته كفيلم حمل نفس الاسم.
وعلى ذكر سير الحب، تُذكر مليًا قصة الحب التي توجت سيرة عالم الفيزياء الشهير جون ناش الذي كان حب زوجته الاستثنائي له سببًا رئيسيًّا في تجاوزه لمرض الشيزوفرانيا الذى حاصر عقله وهدد مشروعه العلمي والإنساني كزوج وأب، وكان دعم زوجته وراء حصوله على جائزة نوبل، وهو ما جاء في كتاب المؤلفة سيلفيا نصار التى رصدت سيرة ناش في كتاب حصلت به على جائزة بوليتزر عام 1998، وحقق مبيعات لافتة في ذلك الوقت، وتحول بعدها للفيلم الشهير "A beautiful mind"، الذي قام ببطولته النجم راسل كرو.
aXA6IDUyLjE0LjI3LjEyMiA= جزيرة ام اند امز