هل يعيد اندماج أبوظبي الوطني والخليج الأول رسم خريطة المنافسة عربيا؟
الاندماج المرتقب بين بنكي أبوظبي الوطني والخليج الأول خلال الربع الأول 2017 يعزز من قوة المركز المالي والتصنيف الائتماني للكيان الجديد
اندماج بنكي "أبوظبي الوطني" و"الخليج الأول" يفتح مجالًا جديدًا أمام الكيان الجديد للعب دور أكبر في الأسواق الخارجية وتحديدًا بمنطقة الشرق الأوسط، وتغيير خريطة المنافسة في السوق الإماراتية ومنطقة الخليج، أهم المكاسب التي رصدها مصرفيون للاندماج المرتقب بين البنكين.
ويمتلك بنك "الخليج الأول" شبكة فروع تغطي لندن والهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية وليبيا وهونج كونج وقطر، فيما يحظى بنك "أبوظبي الوطني" بوجود مباشر في عمان والكويت والبحرين ومصر والسودان ولندن وباريس وجنيف وواشنطن.
وأكد مصرفيون أن التحسن المرتقب في كفاءة أداء البنك سواء من حيث نمو الودائع والقروض بالإضافة إلى امتلاك قدرة أكبر على مواجهة المخاطر عبر التمتع بسيولة تدعم إمكانية تكوين مخصصات لأية مخاطر توسع في الخارج.
وتوقعوا أن يكون إتمام الاندماج بمثابة ضربة البداية لسلسة اندماجات في القطاع المصرفي الإماراتي نظرًا لزيادة عدد البنوك بصورة لافتة، فضلًا عن أن هذه الاندماجات سترفع من الكفاءة المالية للبنوك ومن ثم تصنيفها الائتماني وقدرتها على التوسع في الخارج للاستفادة من زيادة عدد العملاء التي تنضم إلى شبكة الخدمات المصرفية.
وبحسب تقرير صادر عن بنك HSBC فإن تجربة بنكي الخليج الأول وأبوظبي الوطني تُذكر القطاع المصرفي بتجربة اندماج بنك الإمارات وبنك دبي الوطني عام 2007 وما نتج عنها من مزايا للطرفين، خاصة وأن المجموعة باتت أكبر مصرف في الإمارات بحصته سوقية تجاوزت 20% في الربع الأخير من عام 2015.
وبناء أيضًا على هذة التجربة، استنتج HSBC حجم الوفر المرتقب في تكاليف الإندماج بين الخليج الأول وأبوظبي الوطني بين 1% و1.5% قياسًا إلى إجمالي العائدات.
وقدر التقرير حجم المكاسب المالية التي تتحقق نتيجة الاندماج بنحو 11.4 مليار درهم مع خفض تكاليف التمويل بنحو 551 مليون درهم تضاف إلى عوائد المجموعة. كما يستفيد بنك الخليج الأول من خفض تكاليف الودائع نظرًا لحصول المجموعة الوليدة على تصنيف ائتماني أعلى مستفيدة من حجم الدعم الحكومي الأكبر.
من جانبه، قال محمد فاروق وكيل بنك الاستثمار القومي إن اندماج بنك الخليج الأول وبنك أبوظبي الوطني من شأنه تغيير خريطة المنافسة في السوق الإماراتية، بل من المرشح أيضًا أن يمتد التأثير إلى منطقة مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح أن هذا الاندماج سينعكس نتائجه سريعًا في زيادة الحصة السوقية للبنكين معًا داخل الإمارات وبمنطقة الخليج استنادًا إلى حجم الأصول والودائع والقروض التي يسجلها الكيان الجديدة، وهو الأمر الذي من شأنه رفع حجم المنافسة في القطاع المصرفي الخليجي، خاصةً في ظل امتلاك البنكين شبكة فروع في عدة دول وبالتحديد بدول مجلس التعاون الخليجي.
ومن شأن الاندماج أن يرفع الحصة السوقية للكيان الجديد المرتقب إلى 26% من إجمالي القروض القائمة في االإمارات، وأن يكون للبنك شبكة دولية من فروع ومكاتب في 19 دولة حول العالم.
وسيتحول الكيان الجديد إلى أكبر مصرف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإجمالي أصول تبلغ نحو 642 مليار درهم إماراتي ما يعادل 175 مليار دولار، بينما تبلغ قيمته السوقية نحو 106.9 مليار درهم توازي 29.1 مليار دولار .
ولفت فاروق إلى أن هذه القوة التي سيكتسبها المصرف محل الاندماج من شأنه أن يعضد من فرص التوسع في الأسواق الخارجية للاستفادة من قوة مركزه المالي في تقديم خدمات مالية ذات تنافسية عالية وخاصة في ظل ارتفاع معدل انتشار الخدمات المصرفية في الأسواق الناشئة.
ويشهد التوسع الخارجي تأييدًا من القيادات الإماراتية، إذ قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إن اتفاق بنكي الخليج الأول وأبوظبي الوطني على الاندماج خطوة بناءة تعزز متانة الاقتصاد الوطني.
وأضاف ولي عهد أبوظبي عبر حسابه على تويتر، أن الاندماج سيعزز الكفاءة محليًّا والمنافسة دوليًّا بما يتماشى وطموح الدولة وخطة أبوظبي الاقتصادية.
كما أكد وكيل بنك الاستثمار القومي أن التصنيف الائتماني للبنكين بعد الاندماج سيشهد تحسنًا بناء على قوة المؤشرات المالية، وهي إحدى الأدوات التي تعزز من قدرة الكيان الجديد على التعامل مع المؤسسات المالية العالمية.
وقالت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني، إن اندماج بنكي "الخليج الأول و"أبوظبي الوطني" خطوة إيجابية يستفيد منها كلا البنكين.
وأشارت المؤسسة، في تقرير صادر عنها إلى أن الهيكل الائتماني لبنك أبوظبي الوطني سيستفيد عبر تنويع أعمال البنك، والأرباح القوية للبنك الجديد الناتج عن الاندماج، أما المودعون والمقترضون من بنك الخليج الأول فسينتقلون إلى بنك أبوظبي الوطني، الذي يعد كيانًا أكبر وأقوى.
من جهة أخرى، توقع حسين رفاعي رئيس المجموعة المالية وعضو مجلس الإدارة التنفيذي للبنك الأهلي أن هذا الاندماج المرتقب من شأنه تمهيد الطريق لمجموعة اندماجات أخرى في ظل احتدام المنافسة على تقديم الخدمات المصرفية للعملاء.
وتابع: "أن هذه الاندماجات تسهم في تدعيم المراكز المالية والتحوط ضد المخاطر خاصةً فيما يتعلق بحجم التكاليف ومستوى الربحية".
وأوضح رفاعي أن ارتفاع كفاءة البنوك الإمارتية سينعكس مباشرةً على قوة الاقتصاد نظرًا لاكتسابها قدرة أكبر على تمويل المشروعات الحكومية والخاصة، فضلًا عن تحسين خدمات التجزئة الموجهة بشكل أساسي للعملاء الأفراد.