بعد تحذيرات محمد العريان.. 2023 عام الركود المخيف للاقتصاد العالمي
يبدو أن عام 2022 يأبى إلا أن يترك آثاره على العام الجاري، فالتضخم الذي صبغ العام الماضي بلون حالك قد يترك 2023 يعاني بشدة من الركود.
ورجح كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة "أليانز" محمد العريان، أن يحل الركود محل التضخم باعتباره المحرك للاقتصاد العالمي في 2023.
تباطؤ الاقتصاد العالمي
ويشهد النشاط الاقتصادي العالمي تباطؤا واسعا فاقت حدته التوقعات، بالتوازي مع تجاوز معدلات التضخم مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة.
كما تحمل آفاق الاقتصاد العالمي أعباء ثقيلة من جراء أزمة تكلفة المعيشة، وتشديد الأوضاع المالية في معظم المناطق، والحرب الروسية الأوكرانية، واستمرار جائحة كوفيد-19.
وتشير التنبؤات إلى تباطؤ النمو العالمي من 6,0% في عام 2021 إلى 3,2% في عام 2022 ثم 2,7% في عام 2023، فيما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة من جائحة كوفيد-19.
وبحسب التنبؤات، سيرتفع التضخم العالمي من 4,7% في 2021 إلى 8,8% في 2022 ليتراجع لاحقا إلى 6,5% في 2023 و4,1% في 2024.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإنه على السياسة النقدية أن تواصل العمل على استعادة استقرار الأسعار، مع توجيه سياسة المالية العامة نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة، على أن يظل موقفها متشددا بدرجة كافية اتساقا مع السياسة النقدية.
ويمكن أن يكون للإصلاحات الهيكلية دور إضافي في دعم الكفاح ضد التضخم من خلال تحسين الإنتاجية والحد من نقص الإمدادات، بينما يمثل التعاون متعدد الأطراف أداة ضرورية لتسريع مسار التحول إلى الطاقة الخضراء والحيلولة دون التشرذم.
عدم اليقين
وبعد سلسلة تحذيرات من محللي "وول ستريت"، وتوقع صندوق النقد الدولي حدوث ركود في ثلث العالم هذا العام، تستعد الأسواق لتراجع اقتصادي وشيك.
ويعني هذا أن المستثمرين سيواجهون المزيد من عدم اليقين بشأن ما يمكن أن يحدث مستقبلا.
الركود المخيف
وفي عمود رأي بصحيفة "فاينانشيال تايمز" كتب العريان يقول: في هذا العام الجديد، انضم الركود، الفعلي والمخيف، إلى التضخم على مقعد قيادة الاقتصاد العالمي ومن المرجح أن يحل محله.
وأضاف أن هذا سيؤدي إلى عدم القدرة على التنبؤ بالنسبة للمستثمرين. ويؤدي ذلك عادة إلى مزيد من الاضطرابات في السوق، وهو أمر توقعه خبراء استراتيجيون في شركة بلاك روك أيضاً، حيث حذروا من أن محافظي البنوك المركزية من غير المرجح أن ينقذوا الأسواق كما فعلوا في الماضي، وفقاً لما نقلته "Insider".
وأكد العريان أن ما يحدث هو تطور يجعل الاقتصاد العالمي والمحافظ الاستثمارية خاضعة لمجموعة واسعة من النتائج المحتملة، وهو أمر يبدو أن عدداً متزايداً من مستثمري السندات يدركونه أكثر من نظرائهم في الأسهم.
وفي عام 2022، كان تتبع التضخم في صدارة أذهان المستثمرين ومركزها، حيث شددت البنوك المركزية السياسة النقدية لإبطاء معدل ارتفاع الأسعار.
وفي الولايات المتحدة، تصرف مجلس الاحتياطي الفيدرالي بقوة ضد التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ 40 عاماً من خلال رفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة في تاريخه، ما قاد جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية الثلاثة لأسوأ عام لها منذ عام 2008.
والآن.. أصبح المحللون والمستثمرون مقتنعين بشكل متزايد بأن تشديد البنوك المركزية سيدفع اقتصاد الولايات المتحدة إلى الركود، وحذر بنك أوف أمريكا من بين البنوك الكبرى الأخرى في "وول ستريت" من أن الانكماش قد يؤدي إلى دفع الأسهم للهبوط بأكثر من 20%.
انتقاد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
وأوضح العريان، الذي انتقد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في وقت سابق لبطئه في اتخاذ إجراء، أن رفع أسعار الفائدة جاء متأخرا للغاية لمنع ضغوط التضخم من الانتشار إلى الأجور وقطاع الخدمات.
واستنتج قائلا: على هذا النحو، من المرجح أن يظل التضخم عنيداً عند حوالي 4%، ويكون أقل حساسية لسياسات أسعار الفائدة ويعرض الاقتصاد لخطر أكبر للحوادث الناجمة عن أخطاء السياسة الإضافية التي تقوض النمو.
وحذر العريان من الشعور بالرضا الشديد عن القوى الكامنة وراء الانكماش الاقتصادي المقبل، مؤكدا أن الشكوك التي تواجه المجالات الاقتصادية تشير إلى أن المحللين يجب أن يكونوا أكثر حذرا في طمأنتنا بأن ضغوط الركود ستكون قصيرة وضحلة، وأنهم يجب أن يكونوا منفتحين، حتى ولو كان ذلك فقط لتجنب تكرار الخطأ المتمثل في القضاء على التضخم قبل الأوان باعتباره عابراً.
وبات تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي واسع النطاق وأكثر حدة مما كان متوقعا، مع ارتفاع التضخم لمستويات أعلى مما شهدناه في عقود سابقة.
وتتوقف آفاق الاقتصاد العالمي في الفترة القادمة على المعايرة الناجحة لكل من السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، ومسار الحرب في أوكرانيا، وآفاق النمو في الصين.
ولا تزال المخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي بدرجة غير معتادة: فمن الممكن أن تخطئ السياسة النقدية في حساب الموقف الصحيح لتخفيض التضخم، ومن الممكن أن يؤدي تباعد مسارات السياسات في الاقتصادات الكبرى إلى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي؛ ومن الممكن أن يؤدي تشديد أوضاع التمويل العالمي إلى دخول الأسواق الصاعدة في مرحلة مديونية حرجة؛ ومن الممكن أن يؤدي تفاقم أزمة القطاع العقاري في الصين إلى إضعاف النمو.
ووفقا لصندوق النقد الدولي ينبغي لصناع السياسات التركيز على استعادة استقرار الأسعار والتخفيف من ضغوط تكلفة المعيشة، ولا يزال التعاون متعدد الأطراف ضروريا لتسريع مسار التحول إلى الطاقة الخضراء والحيلولة دون التشرذم.
aXA6IDMuMTQwLjE4NS4xOTQg
جزيرة ام اند امز