تغطي طريقا من نيويورك لسنغافورة.. رقم صادم لأنقاض غزة
لم يفقد قطاع غزة أرواح أبنائه فقط، بل ملامحه التي غدت أنقاضا شبيهة بصحراء قاحلة.
وبحسب وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، فقد قدّر الخبراء هذه الأنقاض بـ42 مليون طن ستتطلّب 700 مليون دولار لإزالتها خلال سنوات، وإعادة إعمار قد تكلّف أكثر من 80 مليار دولار.
وبحسابات أخرى، ستكفي هذه الأنقاض لملء خط من الشاحنات يمتد من نيويورك إلى سنغافورة.
حجم الدمار
وأفادت تقارير بأن أكثر من 70% من مساكن غزة تضررت، إلى جانب المستشفيات والشركات، وهي منشآت استنزفت بالفعل في الصراعات السابقة.
ووفقا لتقديرات البنك الدولي والأمم المتحدة في تقرير سابق، بلغت تكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة بنحو 18.5 مليار دولار بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويناير/كانون الثاني 2024.
ومن المتوقع أن تكون عملية إزالة الأنقاض معقدة بسبب القنابل غير المنفجرة، والمواد الملوثة الخطيرة، والبقايا البشرية تحت الأنقاض، وفق "بلومبرغ" التي أشارت إلى أن حقوق ملكية السكان والصعوبات في العثور على مواقع للتخلص من الأنقاض الملوثة من شأنها أن تزيد من تعقيد العملية.
كما ستتطلب مسألة إعادة بناء غزة، وحياة سكانها، إصلاحاً شاملاً للبنية الأساسية المادية بالكامل، وشكلاً من أشكال الحل السياسي حول ما قد تبدو عليه غزة الجديدة.
ولكن قبل أن يتسنى تحقيق أي من ذلك فإن جمع كل الأنقاض والتخلص منها -بعد انتهاء الحرب- سوف يكون ذا أهمية قصوى.
وبحسب دانييل إيجل، الخبير الاقتصادي البارز في مؤسسة راند البحثية ومقرها كاليفورنيا، فإن إعادة بناء غزة قد تكلف أكثر من 80 مليار دولار، إذا أخذنا في الاعتبار النفقات الخفية مثل التأثير الطويل الأجل لسوق العمل المدمر بسبب الموت والإصابة والصدمات.
وقال "يمكنك إعادة بناء مبنى، ولكن كيف يمكنك إعادة بناء حياة مليون طفل؟".
من جهته، اعتبر أستاذ تاريخ العمارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مارك جارزومبيك، الذي درس إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، أن "ما نراه في غزة هو شيء لم نشهده من قبل في تاريخ التخطيط الحضري. إنه ليس مجرد تدمير للبنية التحتية المادية؛ بل تدمير للمؤسسات الأساسية للحكم والشعور بالحياة الطبيعية".
ومع توافر الأموال والقوى العاملة والمعدات اللازمة، فإن وضع خطة الآن لإزالة الأنقاض أمر بالغ الأهمية حتى يتسنى بدء العمل بمجرد انتهاء القتال.
وغزة ليست غريبة على الصراع، إذ خاضت حماس أربع حروب أخرى مع إسرائيل منذ عام 2007.
وفي أعقاب كل جولة من الصراع، تدخل العديد من الدول العربية والغربية على خط إعادة الإعمار.
لكن المانحين الرئيسيين أبدوا ترددهم في المساهمة مرة أخرى دون مسار تفاوضي للتوصل إلى حل سياسي ينهي دائرة العنف.
إعادة الإعمار
إلى جانب محادثات وقف إطلاق النار التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر، والمناقشات حول تخفيف حدة التوترات بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، يدور نقاش مكثف حول متطلبات إعادة الإعمار ذلك.
وفي رام الله، يعكف مسؤولون من السلطة الفلسطينية على رسم خرائط إعادة إعمار غزة منذ أشهر. وقدموا رؤيتهم للمجتمع الدولي في بروكسل في مايو/أيار، وحاولوا منذ ذلك الحين حشد الدعم، وفق المصدر نفسه.
ولا تزال السلطة الفلسطينية تدفع نحو 40% من الإنفاق الرسمي لقطاع غزة الذي سيطرت عليه حماس في 2007، مثل رواتب ومعاشات موظفي الخدمة المدنية، بالإضافة إلى خدمات مثل المياه والكهرباء، التي تسيطر عليها إسرائيل إلى حد كبير.
كما نسقت جهود إعادة الإعمار في أعقاب الصراع السابق بين إسرائيل وحماس مع المؤسسات الدولية ومنظمات الإغاثة والوكالات الأممية المختلفة. ومن المرجح أن يكون هذا هو الحال هذه المرة أيضًا.
نفايات خطرة
وتقول الأمم المتحدة إن هناك حاجة إلى آلاف الأشخاص لجمع الأنقاض والتخلص منها، وإنه لا توجد قوة عاملة كافية للتعامل مع عمليات الإعمار في غزة وأوكرانيا في وقت واحد.
وسيتولى الخبراء القانونيون التعامل مع حقوق الملكية (الطابو)، التي أصبحت أكثر تعقيدًا بسبب التدمير الكامل لبعض الأحياء ووفاة أصحاب الأراضي.
وستساعد الفرق الماهرة في تحديد الأشياء الخطرة والتعامل مع أي مخاطر صحية فورية وطويلة الأجل من النفايات السامة.
وتشكل الأنقاض بيئة مثالية لذباب الرمل، الذي يمكن أن ينشر داء الليشمانيات، وهو مرض جلدي طفيلي مميت إذا ترك دون علاج. وتعشش العقارب الصفراء والأفاعي في الشقوق الصخرية.
ثم هناك الأسبستوس، الذي يستخدم على نطاق واسع كعامل عازل، وبحسب التقديرات هناك 2.3 مليون طن من الحطام في غزة تحتوي على هذه المادة، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ويُحظر استخدام الأسبستوس في عشرات البلدان، ويمكن أن يطلق جزيئات محمولة جواً يمكن أن تسبب أنواعًا متعددة من السرطان مثل الأورام المتوسطة.
كما تشكل المواد الخطرة من المستشفيات المتضررة مصدر قلق آخر. وقد رصدت الأمم المتحدة موقعين في غزة لمثل هذا الحطام. واحد في الشمال والآخر في الجنوب على طول السياج مع إسرائيل.
كذلك الملوثات التي تتسرب إلى المياه الجوفية، هي الأخرى مصدر قلق آخر، وسوف يتطلب ردم مناطق معينة دراسات بيئية إلى جانب موافقة من الدول المجاورة.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg جزيرة ام اند امز