في ذكرى أحداث 7 أكتوبر.. إعمار غزة المهمة الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية
لا أحد يمكنه أن يتصور حجم الدمار الهائل الذي خلفته الحرب الغاشمة على قطاع غزة على مدار عام كامل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتصف المنظمات الأممية عملية إعادة الإعمار بأنها تبدو كمهمة مستحيلة، حيث تتطلب عمليات رفع الأنقاض والركام نحو 20 عاما على الأقل!
وفي تعبير صادم لمسؤول أممي، فإن إعادة إعمال غزة مهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية.
ذكر تقرير للأمم المتحدة والبنك الدولي أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بالقطاع تقدر بما يزيد على 18.5 مليار دولار، وقد أثرت على المباني السكنية وأماكن التجارة والصناعة والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والطاقة.
وقالت منظمة أوكسفام في تقرير صدر في الآونة الأخيرة إن مدينة غزة فقدت تقريبا كل قدرتها على إنتاج المياه، إذ تعرض 88 بالمئة من آبار المياه بها و100 بالمئة من محطات تحلية المياه لأضرار أو تدمير.
في أغسطس/آب الماضي، أحصى تقرير صادر عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة الأضرار التي لحقت بالمرافق العامة، إذ أدى الصراع إلى تدمير 200 منشأة حكومية و122 مدرسة وجامعة و610 مساجد وثلاث كنائس.
وسلط مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية الضوء على مدى الدمار على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة. فحتى مايو/آيار 2024، كان أكثر من 90 بالمئة من المباني في هذه المنطقة، بما في ذلك أكثر من 3500 مبنى، إما مدمرة أو تعرضت لأضرار شديدة.
أكبر منطقة ركام في العالم
وأدى العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة إلى دمار هائل أدى لفقد أكثر من مليون شخص على الأقل منازلهم وفقا لبيانات البنك الدولي، وتعرض ما يقرب من 90% من المرافق الصحية إلى دمار كلي أو جزئي، كما دمرت المدارس والبنية التحتية لقطاع غزة الذي تحول إلى أكبر منطقة ركام في العالم.
وفي وقت سابق كشفت دراسة لمؤسسة راند البحثية الأمريكية أن إعادة إعمار قطاع غزة سيكلف أكثر من 80 مليار دولار، وأن إزالة الأنقاض وحدها ستكلف ما يزيد على 700 مليون دولار.
ووفقا للوكالة الأمريكية، فإن هذه الأنقاض تكفي لملء خط من شاحنات القمامة يمتد من نيويورك إلى سنغافورة، وقد يستغرق إزالة كل تلك الأنقاض سنوات بتكلفة تصل إلى 700 مليون دولار على الأقل.
وقال كبير الاقتصاديين في مؤسسة "راند" البحثية بكاليفورنيا، دانييل إيجل: "إن إعادة بناء غزة قد تكلف أكثر من 80 مليار دولار إذا أخذنا في الاعتبار النفقات المخفية مثل التأثير الطويل الأجل لسوق العمل المدمر بسبب الموت والإصابة والصدمات.
مهمة مستحيلة
وأشار التقرير إلى أن عملية إزالة الأنقاض ستكون معقدة بسبب القنابل غير المنفجرة والمواد الملوثة الخطيرة والرفات البشرية تحت الأنقاض، بالإضافة إلى أن حقوق ملكية السكان والصعوبات في العثور على مواقع للتخلص من الأنقاض الملوثة من شأنها أن تزيد من تعقيد العملية، ووفقا للسلطات الصحية في غزة فإن هناك ما يزيد على 10 آلاف شخص مفقودون تحت الركام، مما يعني تحلل آلاف الجثث.
وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة عبد الله الدردري في مؤتمر صحفي مشترك في عمان مع مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن "تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأولية لإعادة بناء كل ما دمّر في قطاع غزة تتجاوز الـ30 مليار دولار، وتصل حتى إلى 40 مليار دولار".
وأضاف "إنها مهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية".
خطة دولية
ويقود البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بشكل مشترك عملية التقييم السريع للأضرار والاحتياجات وصياغة إطار التعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة والأراض الفلسطينية المحتلة عموماً، والذي سيتم تنفيذه عندما تسمح الظروف على الأرض بذلك حال توقف الحرب.
وعلى الصعيد العالمي، تتم قيادة هذه العمليات على المستوى القطري. وكما هو متفق عليه مع السلطة الفلسطينية، مع تفعيل شراكتهم منذ أواخر عام 2023، نشر البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تقييمًا مؤقتًا لأضرار غزة في أبريل/نيسان 2024، مقدّرًا الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المادية وحدها بنحو 20 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر الأربعة الأولى فقط من الحرب، ما يعني أن المبلغ الإجمالي للأضرار ربما يتجاوز 3 أضعاف هذه القيمة.
وقال مهند هادي، نائب المنسق الخاص والمنسق المقيم للأمم المتحدة: "سنواصل تكثيف تقديم المساعدات الإنسانية وتدخلات الإنعاش المبكر إذا تغيرت الظروف، لا سيما في مجالات الصحة وسبل العيش والمأوى والمياه والصرف الصحي والنظافة".
وتحدد مسودة الاستراتيجية مجموعة من العوامل التي ستحدد سرعة وحجم ونطاق تدخلات التعافي المبكر. يعتقد الفريق القطري التابع للأمم المتحدة والفريق القطري للعمل الإنساني أن العناصر التالية تمثل الحد الأدنى من الشروط الضرورية لتوسيع نطاق أنشطة التعافي المبكر بشكل كبير في جميع أنحاء غزة ومن ثم الانتقال إلى مرحلة التعافي على المدى المتوسط:
1. ضمان الأمن والسلامة وحرية التنقل والقدرة على الوصول إلى السكان في غزة.
2. إطار سياسي أمني انتقالي يعزز الملكية الفلسطينية وإدارة إعادة الإعمار تحت قيادة السلطة الفلسطينية.
3. إتاحة الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، وخاصة المياه والكهرباء والصرف الصحي والخدمات المصرفية والمالية والاتصالات، ضمن إطار حوكمة متماسك.
4. دخول السلع والمواد والمعدات الإنسانية والتجارية والمتعلقة بإعادة الإعمار على نطاق واسع ويمكن التنبؤ به، بما في ذلك الضفة الغربية.
5. تعزيز قدرة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وشركائها على دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديد ونشر الخبراء، واستيراد معدات الحماية، وغيرها من القضايا العملية والتشغيلية.
6. التمويل الكافي من الجهات المانحة، ويفضل أن يكون ذلك بطرق متسقة ومتعددة لسنوات قادمة.
aXA6IDE4LjExNi40OS4yNDMg جزيرة ام اند امز