بالصور.. "القصر الإسلامية" مدينة أثرية بقلب الصحراء المصرية
مدينة القصر من أهم الآثار الإسلامية بالصحراء المصرية وتمثل النموذج الوحيد الباقي للمدن الإسلامية والعمارة المدنية في العصر العثماني.
مدينة القصر الإسلامية، التي تقع شمال واحة "الداخلة" في قلب الصحراء المصرية، واحدة من أقدم المدن الأثرية القديمة وكانت نقطة التقاء لطرق مواصلات قديمة، كما أنها كانت الطريق الرئيسي للقوافل التجارية والحجاج القادمين من المغرب العربي الذين يسلكون طريق الصحراء للوصول إلى الأراضي الحجازية. وعلى هامش افتتاح المدينة الأثرية، عقب انتهاء أعمال المرحلة الأولى من عمليات ترميم المدينة، قال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، الخميس، "إن القصر من أهم المدن الأثرية في مصر".
مشروع ترميم المدينة بدأ في فبراير 2015 بتمويل من منحة يابانية بلغت قيمتها 2 مليون و700 ألف جنيه مصري، واستمرت عمليات الترميم مع زيادة الدعم إلى 3 ملايين جنيه، ومن المفترض أن يتم البدء في أعمال المرحلة الثانية والأخيرة من المشروع خلال الفترة القادمة، وكانت وزارة الآثار المصرية تشرف على مشروع ترميم المدينة والذي نفذته "جمعية تنمية المجتمع بالراشدة" بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي.
أعمال الترميم تضمنت ترميم ثمانية مبانٍ أثرية شملت أعمال الترميم المعماري الدقيق وتم الاستبدال التدريجي لمداميك الطوب اللبن التالف، ومعالجة الشروخ، وفك وإعادة تركيب الجدران المتهدمة وإعادة بنائها على أصولها بالنسب والمقاييس القديمة نفسها، كما تم عمل صيانة وترميم للنوافذ الخشبية والأبواب، وتغطية الجدران بطبقة من الملاط الطيني بالنمط القديم نفسه.
"القصر".. نشأتها وأهميتها التاريخية
تقع مدينة القصر شمال واحة "الداخلة" إحدى الواحات المصرية وأقدمها، وكانت الواحات خط الدفاع الأول عن مصر من الغرب حيث الليبيين، ومن الجنوب حيث النوبيين، وترجع واحة الداخلة إلى العصر الفرعوني، وكانت تسمى "كنمت" وعاصمتها "دس- دس" وهي كلمة هيروغليفية تعني "اقطع- اقطع" بمعنى قطع الأرض وشقها لزراعتها.
ترجع نشأة مدينة القصر إلى ما قبل الفتح الإسلامي لمصر، وكانت أول قرية استقبلت القبائل الإسلامية بالواحات عام 50 هجرية، وأصل تسميتها بالقصر هو وجود قصر حاكم الواحات بالمدينة؛ حيث كانت هي عاصمة الواحات وتعود إلى العصر الأيوبي.
وتعتبر مدينة القصر واحدة من أهم الآثار الإسلامية؛ حيث تمثل النموذج الوحيد الباقي للمدن الإسلامية والعمارة المدنية في العصر العثماني، كما تتميز المدينة باحتفاظها بعدد كبير من النصوص الإنشائية والوثائق التاريخية التي تمثل مصدرًا مهمًا للتعرف على تاريخ هذه المدينة المهمة.
آثار "القصر" الإسلامية
من أبرز الآثار الإسلامية القديمة بمدينة القصر، بقايا مسجد من القرن الأول الهجري، وبها مئذنة خشبية مكونة من ثلاثة طوابق بارتفاع 21 مترًا، كما توجد أعتاب خشبية منقوش عليها آيات قرآنية، بالإضافة إلى مدرسة ترجع إلى العصور الإسلامية الأولى، وجامع الشيخ نصر الدين الذي يعتبر من أقدم الجوامع الباقية على حالتها في مصر. أيضًا يوجد بها مقابر "المزوقة"، وهي تبعد خمسة كيلو مترات عن قرية القصر حاليًا وقد اكتشفها المرحوم الدكتور أحمد فخري، عالم الآثار المصرية، وأطلق عليها اسم "المزوقة" لألوانها الزاهية.
تمتاز مدينة القصر بروعة تخطيط المباني من حيث التنظيم في البناء واتباع تخطيط المدن الإسلامية في ذلك الحين، والعجيب أن درجة الحرارة داخل مدينة القصر تختلف عن خارجها، فتقل درجة الحرارة داخل المدينة عن خارجها بنحو 13 درجة مئوية ما يدل على عظمة التخطيط وروعة التنظيم.
التاريخ السكاني للمدينة
توطن في المدينة العديد من القبائل والعائلات وخاصة العربية، من أقدم هذه القبائل:
1ـ قبيلة "خلف الله" ويعود أصلهم إلى أسيوط وقد وفدوا إلى القصر منذ عام 50 هجرية.
2 ـ قبيلة "الشهابية"، وموطنهم الأصلي أسيوط أيضًا، وقد استوطنوا الجزء الشرقي من المدينة.
3 ـ قبيلة "أبو بكر"، استوطنوا حارة الشهابية.
4ـ قبيلة "الدينارية"، ويعود أصلهم إلى "بني هلال بالحجاز" السعودية، وقد استوطنوا الجزء الشمالي الشرقي من قرية القصر، وكان الديناريون يختصون بالتعليم والمواريث والشهابية يميلون إلى الفقه والقرآن، ثم جاء بعد ذلك "الشرفاء" واستوطنوا الجزء الجنوبي من المدينة، وقد نزحوا من الأراضي الحجازية، ويرجع نسبهم إلى الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وشهدت المدينة أيضًا نزوح العديد من المماليك إليها للإقامة بها أو للهروب من الصراعات والمواجهات العسكرية التي كانت تميز هذا العصر.
aXA6IDE4LjExOC4xNDAuNzgg جزيرة ام اند امز