"خليط الظربان".. سلاح إسرائيلي لقمع المسيرات السلمية بالضفة الغربية

إلى جانب الرصاص والقنابل المسيلة للدموع تستخدم قوات الاحتلال "ماء الظربان" كمزيج خاص من المياه العادمة المضاف لها مواد كيميائية
إلى جانب الرصاص والقنابل المسيلة للدموع تستخدم قوات الاحتلال "ماء الظربان" كمزيج خاص من المياه العادمة المضاف لها مواد كيميائية في قمع التظاهرات السلمية المناهضة للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
ويقول عبد الله أبو رحمة، منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، لـ"بوابة العين" إن استخدام الاحتلال للمياه العادمة المعالجة كيميائيا بدأ لأول مرة في شهر أغسطس/آب 2008 لقمع المسيرة الأسبوعية في بلعين المناهضة للجدار الفاصل والاستيطان في رام الله، وسط الضفة الغربية.
وأوضح أبو رحمة، أن استخدام الاحتلال لهذه المادة شهد تطورات عدة، ففي البداية كانت مياها عادية تضاف لها صبغات معينة، ثم جرى استخدام المياه العادمة، والمعالجة كيميائيا إلى ما وصلنا إليه اليوم من استخدام خليط الظربان، كريه الرائحة التي تشبه المادة التي يطلقها حيوان الظربان ويصطاد عبرها فريسته.
والظربان، هو حيوان صغير الحجم، لا يملك أدوات دفاع أو هجوم مألوفة، كالأنياب والمخالب أو القوة، ولكن سلاحه الوحيد الذي يجعل الجميع يتحاشاه ويشمئزون من التعامل معه، هو الرائحة الكريهة التي يطلقها.
تجربة مرة
ويروي أبو رحمة، تجربته المرة في هذا الصدد، لافتا إلى أنه أصيب عشرات المرات بهذا الخليط الذي تطلقه آليات خاصة ترافق قوات الاحتلال، خلال مشاركته في مسيرة بلعين، وغيرها، من المسيرات السلمية في الضفة، موضحا أن من يصاب بهذا الخليط يضطر إلى خلع ملابسه وإلقائها، والاغتسال عدة مرات.
وينظم الفلسطينيون 4 مسيرات سلمية على الأقل كل يوم جمعة في بلدات بلعين ونعلين والنبي صالح برام الله، وكفر قدوم في قلقيلية بالضفة الغربية.
وأوضح أبو رحمة أن "مواد التنظيف العادية من صابون وشامبو لا تكفي لإزالة الرائحة الكريهة، إنما قد تكون مضطرا لاستخدام مواد شديدة ومطهرة مثل الديتول والسبيرتو ورغم ذلك تبقى الرائحة إلى نحو 3-4 أيام، خاصة ما يصيب الشعر وأسفل الأظافر وثنايا الجسم".
طبيعة الخليط
ووفق منظمة "بتسليم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فإن الخليط الذي يحمل اسم " skunk "water وترجمته الحرفية "ماء الظربان"، تنتجه الشركة الإسرائيلية Odortec، وتستخدمه قوات الاحتلال ضمن أساليب تفريق التظاهرات.
وأوضحت المنظمة أن الخليط يتكون من الماس والخميرة وبيكربونات الصوديوم وتفاعل الخميرة والبيكربونات كيميائيا هو الذي يعطي هذه الرائحة النفاذة، التي تشبه الرائحة التي يطلقها حيوان الظربان، وهو يشبه خليط بين "رائحة حيوان ميت وبراز البشر".
استهداف المتظاهرين والمنازل
ويؤكد منسق المقاومة الشعبية في بلدة كفر قدوم، مراد شتيوي، أن قوات الاحتلال باتت تستخدم هذا الخليط بشكل مكثف في قمع المسيرات بالضفة.
وأوضح شتيوي في حديثه لـ"بوابة العين" أن أحدث استخدام لهذا الخليط كان قمع المسيرة التي نظمت أمس في كفر قدوم، حيت تم رش المياه تجاه المواطنين ومنازلهم، إلى جانب استخدام الرصاص الذي تسبب بإصابة فلسطينيين اثنين، إضافة لآخرين بالغاز المسيل للدموع.
وتزعم قوات الاحتلال أن خليط الظربان ليس سامًّا، وأنها حصلت على ترخيص من السلطات الطبية والقانونية لاستخدامه، وأن هناك بروتوكولات خاصة لهذا الاستخدام، من ضمنها عدم استخدامه ضد الجدران والمباني.
غير أن اشتيوي يؤكد أن الاحتلال يتعمد رش المنازل المجاورة من أماكن المظاهرات، بهذا الخليط، لإثارة الأهالي على المتظاهرين، خاصة أن أثر هذه المياه كريهة الرائحة تبقى لأوقات طويلة وليس من السهل إزالتها.
غثيان وتقيؤ
الشاب سامر اشتيوي له تجربة مرة مع المادة، ويقول لـ"بوابة العين": "كنت أشارك في مسيرة كفر قدوم، عندما جرى استخدام هذه المادة من الاحتلال وأصبت بها بشكل مباشر.. ابتلت ملابسي، الرائحة كانت خانقة وكريهة جدا، أصبت بالغثيان والتقيؤ”.
وأضاف "عدت لمنزلي بمساعدة أحد الأقارب، استحممت 3 مرات وألقيت ملابسي المبتلة في القمامة، ومع كل ما استخدمته من مواد منظفة بقيت الرائحة لمدة 3 أيام”.
عقاب جماعي
من جانبه، أكد نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ياسر عبد الغفور، أن طواقم الباحثين وثّقوا استخدام الاحتلال هذه المادة مئات المرات.
وأشار إلى أن الاحتلال لا يستخدمها فقط لتفريق المظاهرات والمسيرات إنما كأسلوب عقاب جماعي، سواء ضد المشاركين في التظاهرة، أو السكان محيطها، من خلال الرش المتعمد تجاه المنازل، وهو الأمر الذي يكون له تأثيرات سلبية خاصة على الأطفال والنساء الحوامل؛ لأن الرائحة لا تحتمل.