مصر تجاهد لحصار السوق السوداء قبل مفاوضات صندوق النقد
التوتر خيم على السوق الموازية للعملات في مصر، اليوم الخميس، مع حملات أمنية على شركات الصرافة في عدد من المحافظات.
خيم التوتر، اليوم الخميس، على السوق الموازية للعملات في مصر مع حملات أمنية على شركات الصرافة في عدد من المحافظات، قبيل وصول بعثة صندوق النقد إلى مصر للتفاوض على تمويل البلاد بنحو 12 مليار دولار على 3 سنوات.
وقالت وزارة الداخلية، في بيان صحفي، إن مباحث الأموال العامة "داهمت 10 شركات صرافة في القاهرة والجيزة بعد ورود تحريات بأن مسؤوليها يقومون بالاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي بأسعار السوق السوداء، وتم تحرير محاضر لهم وإخطار البنك المركزي."
وأضافت أن مباحث الأموال العامة داهمت أيضًا "بعض الشركات في الإسكندرية والقاهرة لمزاولة نشاطها بالرغم من صدور قرار من محافظ البنك المركزي بإلغاء التراخيص الممنوحة لهم."
وتراجع سعر الدولار في السوق الموازية من مستويات بين 13 جنيهًا و13.25 جنيه للدولار يوم الإثنين إلى ما بين 12.30 و12.50 جنيه اليوم.
وقال متعامل في السوق الموازية "لدينا تعليمات صريحة بعدم بيع أي دولار اليوم في السوق لعدم إحراج الحكومة قبل زيارة وفد صندوق النقد، قالوا لنا: "من يبيع أي دولار اليوم فليتحمل ما سيحدث له".
وتستقبل القاهرة، بعد غدٍ السبت، بعثة رسمية من صندوق النقد لاستكمال مفاوضات الحصول على التمويل.
وقال 5 متعاملين إن الدولار يباع اليوم بعيدًا عن الأنظار بين 12.30 و12.50 جنيه.
وقال أحد المستوردين: "معروض علينا 200 ألف دولار بسعر 12.35 جنيه، لم نتخذ قرار الشراء بعد لأننا نتوقع نزول السعر."
وكانت توقعات بخفض وشيك في سعر صرف الجنيه أسهمت في تفاقم حدة نقص الدولار بشدة على مدى الأيام القليلة الماضية ليقفز سعر الدولار في السوق الموازية إلى أكثر من 13 جنيهًا قبل أن يتراجع عقب أنباء التفاوض على تمويل مع صندوق النقد.
وقال متعامل في السوق: "نحاول شراء الدولار بين 11.70 و11.75 جنيه لعمل متوسطات ونبيع على 12.50 جنيه لمن نعرفه ونثق فيه فقط حتى لا نتعرض للإغلاق."
وتعثر البنك المركزي المصري في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواءً بخفض سعر العملة في مارس/ آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة في الأشهر الـ6 الأولى من العام.
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيه، بينما يبلغ السعر للأفراد في البنوك 8.88 جنيه.
ويسمح البنك رسميًا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشًا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، لكن من المعروف أن مكاتب الصرافة تطلب سعرًا أعلى للدولار عندما يكون شحيحًا.
وقال هاني جنينة، من بلتون المالية: "هناك حرب نفسية تدور الآن بين البنك المركزي وتجار العملة وهو ما يؤكد التمهيد لحدوث شيء ما".
"أعتقد أن المركزي أقرب للتعويم سواءً اليوم أو خلال الأسبوعين المقبلين حتى ولو تعويم مدار، أعتقد أن ذلك قد يحدث أثناء وجود بعثة صندوق بمصر."
وقال نائب وزير المالية للسياسات المالية، أحمد كوجك، في مؤتمر صحفي اليوم، إن بلاده ستحصل على شريحة أولى بقيمة لا تقل عن ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدولي خلال شهرين إذا توصلت لاتفاق مع الصندوق، وإن سداد كل شريحة من شرائح القرض سيكون على 5 سنوات منها 3 سنوات وربع السنة فترة سماح.
وتكافح مصر التي تعتمد اعتمادًا شديدًا على الواردات لإنعاش اقتصادها بسبب الأحداث التي مرت بها وأدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح، وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة، وانخفاض إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.
وفي بيان آخر، كشفت وزارة الداخلية أن مباحث الأموال العامة تمكنت من "ضبط أحد العاملين بإحدى شركات الصرافة لقيامه بالاتجار غير المشروع في العملات الأجنبية وبحوزته 300 ألف جنيه مصري و1750 جنيهًا إسترلينيًا."
وقال متعامل آخر: "هناك حالة من السكتة القلبية والجمود في السوق الموازية، الجميع يترقب خفض المركزي للجنيه، ولذا لا أحد يريد أن يشتري أو يبيع غير المضطر فقط."
وقال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية في مصر: "المستوردون يشترون الدولار من السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 12.30 و12.50 جنيه، لم تحدث انفراجة من قبل البنوك لتوفير الدولار للمستوردين ولذا اتجهوا للسوق السوداء."
وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 14 بالمائة في مارس/ آذار ليقلص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية لفترة قصيرة، لكن الجنيه تراجع بعد ذلك إلى مستويات قياسية في السوق السوداء مما زاد الضغط على المركزي لخفض العملة مجددًا.
ويقول مصرفيون وخبراء اقتصاد، إن خفض العملة بات حتميًا لكن يتعين جذب دولارات إلى الاقتصاد لتجنب الدخول في فترة طويلة من الغموض وتعديل أسعار الصرف بشكل متكرر.
ورغم أن البنك المركزي قال إنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة عقب تخفيض العملة في مارس/ آذار، إلا أن السعر الرسمي لم يتغير منذ ذلك الحين.
وقال أحد المتعاملين: "نفذنا صفقات على سعر 12.50 وحتى 12.70 جنيه "في وقت مبكر من ليل أمس الأربعاء وصباح اليوم الخميس" ولكنها صفقات صغيرة، لا يوجد أحد في السوق نفذ أو سمع الأسعار التي تنشر على المواقع منذ الليلة الماضية أو الصحف اليوم."
وذكرت بعض الصحف والمواقع الإخبارية المحلية، أن الدولار تراجع إلى 10.90 جنيه و10.80 جنيه في السوق الموازية بعد تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي ومناقشته الأزمة أمس مع المجموعة الاقتصادية الوزارية، لكن الصحف لم تخض في أية تفاصيل عن كيفية تدخل الرئيس.
وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة "العالم اليوم" "السجن 10 سنوات ومصادرة الأموال عقوبة المضاربين في السوق السوداء"، ولم تشر الصحيفة في متن الخبر إلى أية تفاصيل عن تلك العقوبات.
وتوقع 9 من 13 خبيرًا اقتصاديًا استطلعت "رويترز" آراءهم قبل الإعلان عن مفاوضات صندوق النقد أن يبقي البنك على أسعار الفائدة دون تغيير اليوم الخميس، بينما يتوقع أربعة رفعها بواقع 50 أو 100 نقطة أساس.
ورفع المركزي أسعار الفائدة الرئيسية 100 نقطة أساس إلى أعلى مستوى لها في سنوات خلال الاجتماع الماضي للجنة السياسة النقدية في 16 يونيو/ حزيران، وهي خطوة قال خبراء الاقتصاد إن الهدف منها كبح معدل التضخم المتصاعد وتخفيف الضغوط النزولية عن الجنيه.