ليس بوتين «هتلر أمريكا» دونالد ترامب الذي لو قُدِّر له أن ينشر أفخاذ قبيلته وبطونها في الولايات المتحدة لأشعل فيها حربًا أهلية...
ليس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «هتلر أمريكا» دونالد ترامب الذي لو قُدِّر له أن ينشر أفخاذ قبيلته وبطونها في الولايات المتحدة لأشعل فيها حربًا أهلية...
ليس قيصر الكرملين «الناسك المجنون» رئيس الوزراء الأسترالي السابق توني أبوت الذي لا يرى مفرًّا من إعلان الغرب «تفوُّقه» على «ثقافة تُبرّر قتل الناس باسم الله».
ليس بوتين من صنف هيلاري كلينتون، فطموحاتها أقل بكثير من «تفوُّق» أحلامه، وصلابته في تحدّي الأمريكي «الخائف».
هي تَعِدُ العرب والمسلمين بأنها لن تتردَّد في فتح أبواب البيت الأبيض للقيادة الإسرائيلية، في أول أيام ولايتها رئيسًا لأمريكا، إذا فازت، وجعله يومًا آخر تاريخيًّا في نقل التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل إلى مرحلة متقدّمة.
كسبت هيلاري سريعًا أصوات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وتهوُّر خصومها في السباق إلى ترشيح الجمهوريين مَنْ يرونه الأفضل لمعركة الرئاسة، يخدم إطلالتها، علّ الأمريكيين ينتخبون أول امرأة رئيسًا، بعدما اختاروا أول أمريكي أسود.
ليس مهمًّا في هذا السباق أن يتذكّر الناخبون، خصوصًا المنحدرين من أصول إفريقية، كم اتّسعت مرارات العنصرية في عهد باراك أوباما، وازدادت اعتداءات الشرطة على المواطنين السود. أما هيلاري فما زالت تملك وقتًا لدغدغة اللوبي اليهودي، إذ تسعى إلى طي حقبة استفزاز بنيامين نتنياهو السياسة الأمريكية، بإصرار عجيب.
ليس المسلمون بداهةً في أزهى أحوالهم، في مرحلة «داعش» والحرب عليه، وتشابُك التحالفات بمقدار تراكم سُحب الألغاز وارتفاع ناطحات التضليل والكذب. لم تكن السياسات الإقليمية يومًا في حال فوضى وانهيارات بمثل ما هي اليوم، ولا السياسات الدولية في عصر انحطاط وابتزاز، ومؤامرات هي أكبر بكثير من أي نظرية مؤامرة.
والسؤال الأكثر مرارة الذي يُبعِد عن شعوب العالم خيوط الأمل بالانتصار على الفقر والجهل والتعصُّب، هو: ماذا لو قدِّرَ لأمثال دونالد ترامب وتوني أبوت أن «يُجنّدوا» وراء حرصهم على «نقاء» مجتمعات تعدُّدية وديموقراطية لكنها «فوق الأسلمة ودعاة الشريعة»، آلافًا من الجَهَلَة والمجانين؟
بكل بساطة، مضت عقود من التنظير للحريات وتفاعل الحضارات والانفتاح والتعايش، ورفض الإقصاء، وإعلاء دور العقل.
فلنعترف بشجاعة (كم بقيَ منها؟) بأن «القاعدة» و«داعش» أطاحا بعقود من الأمل والتعقُّل ونهوض الإنسانية في الشرق والغرب، كما أوقعا عشرات الآلاف من الضحايا في حربيهما والحروب المضادة. صحيح أن غالبية هؤلاء مسلمون، لكن الصحيح ايضًا أن المسلمين والعرب عمومًا مرشّحون على قوائم أشباه ترامب وأبوت، لاغتيال إنسانيتهم وشطب تاريخهم.
بعيدًا عن نظريات المؤامرة، ما الذي تعنيه دعوات ترامب إلى حظر دخول المسلمين أمريكا، سوى أنهم جميعًا «مشبوهون» إلى أن تثبت «براءتهم»؟ حتى البيت الأبيض لم يستطع تجاهل «حكمة» المرشّح، فاعتبر أنها تشكّل خطرًا على الأمن القومي للولايات المتحدة.
ما تفوّه به ترامب، لم يستطع أعتى عتاة اللوبي اليهودي أن يقاربه، لأنه يزرع بذور حرب دينية، بذريعة حماية قوة عظمى من الإرهاب و «الدواعش».
سريعًا تحوَّل المرشح إلى تلميذ نجيب لدولة البغدادي، إذ خدم أهدافها أفضل مما تفعل عشر عمليات إرهابية من نوع مجزرة باريس.
ولكن، هل من صلة بين ترامب وأبوت وبوتين؟
أي علاقة بين فورات الجنون والجنون الدموي في سورية، وطموحات القيصر الذي يمرّن عضلاته فيها وفي فضائها وبحرها...
في سبيل استئصال خطر «داعش»؟ القيصر نفسه هو الذي استهجن محاولات «أسلمة» تركيا، ولا يريد لسورية المصير ذاته! سيد الكرملين يبقى، مع ذلك، بطل الـ«كي جي بي» الذي لا يتخلى عن مشاعره الإنسانية، لذلك ورأفةً بالسوريين يأمل أن لا تُضطر غواصة أرسلها إلى قبالة سواحلهم، إلى استخدام صواريخ ذات رؤوس نووية.
هو شديد الحرص على سيادة سورية، لذلك يشارك في تدميرها نكايةً في «داعش» والإسلاميين الذين يُفضِّل إبادتهم، لمنع «غزوٍ لروسيا».
في عالم المجانين، يتسابق على رقابنا، ترامب وتلامذة أبوت والبغدادي، رياح الحقد وجنون التطرُّف... وإذا امتلك «داعش» الكيماوي، فبأيّ سلاح سيردّ الدب الأعور؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة