احتجاجات الجزائر.. إصرار على عزل نظام بوتفليقة
ترصد "العين الإخبارية" بالصور مظاهرات الجمعة الـ22 بالجزائر والتي يخيم عليها هذا الأسبوع نهائي كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم
خرج مئات آلاف الجزائريين في مظاهرات للجمعة الـ22 على التوالي منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، مؤكدين مرة أخرى إصرارهم على تطبيق مطالب التغيير الجذري في بلادهم.
- الجزائر بأسبوع.. تحالف بوتفليقة في السجن والرياضة تُحرج السياسيين
- عمار غول سادس وزير "مثير للجدل" في عهد بوتفليقة إلى السجن
وبحسب ما رصدته "العين الإخبارية" في العاصمة الجزائرية، فقد تزايدت أعداد المتظاهرين بشكل كبير الجمعة، فيما أوقف الأمن الجزائري أحد الشباب المتظاهرين في ساحة "موريس أودان" وقاده إلى مركز الشرطة دون أن تتضح أسباب ذلك، في وقت كانت العاصمة الجزائرية مطوقة بشكل كامل بالشرطة وسياراتها، خاصة في الشوارع الكبرى لمنطقة "الجزائر الوسطى" التي تستقطب كل جمعة مئات آلاف المتظاهرين من العاصمة والمحافظات المجاورة لها.
وعلى عكس كثير من المحافظات الجزائرية، ردد المتظاهرون شعارات تنادي بـ"عدم عسكرة السلطة"، كان من أبرزها "دولة مدنية وليست عسكرية"، ورفع آخرون صوراً مناوئة لجنرالات سابقين، ارتبطت أسماؤهم بفترة التسعينيات أو كما يسميها الجزائريون "العشرية السوداء"، من أبرزهم وزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار.
وحافظ المتظاهرون في العاصمة الجزائرية وبقية المحافظات على مطالبهم السابقة، الرافضة لبقاء رموز نظام بوتفليقة في الحكم وإشرافهم على الانتخابات الرئاسية، والاستمرار في محاسبة رموز الفساد، والمناداة بـ"حرية الصحافة واستقلالية القضاء".
ومن بين الهتافات التي نطق بها المحتجون في العاصمة: "الشعب يريد الاستقلال"، "تطبيق المادتين 7 و8 من حق الشعب"، "نريد رئيساً عادلاً عن طريق الصندوق"، "لا حوار مع العصابات".
وفي منطقة "البريد المركزي" تعرض بعض المتظاهرين لإغماءات بسبب تدافع المتظاهرين، بالتزامن مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، بينما كان بعض الأهالي يرشون المتظاهرين بالمياه من شرفات منازلهم في منطقة "البريد المركزي" وشارعي "ديدوش مراد" و"موريس أودان".
نكهة رياضية
اختلطت الشعارات والمشاهد في مظاهرات الجمعة الـ22 بالجزائر، إلى درجة لم يظهر معها في بعض الأوقات إن كان الأمر متعلقاً بمظاهرة ذات مطالب سياسية أم باحتفالية رياضية.
كانت تلك ميزة فريدة صنعها المتظاهرون حسب ما رصدته "العين الإخبارية" في العاصمة الجزائرية، من بينها أغانٍ كان يرددها عشاق كرة القدم في الملاعب لمناصرة فرقهم أو منتخب بلادهم، غير أنهم غيروا بعض كلماتها بما يتماشى مع مطالبهم السياسية وحافظوا على لحنها وترديدها جماعياً.
"فريد" تقدم مظاهرة في شارع "ديدوش مراد" وهو يرتدي لباساً تقليدياً يشتهر به سكان الجزائر العاصمة منذ القدم، يتمثل في طربوش وقميص أزرق مصنوع من قماش الجينز، وبرفقته ابنه الصغير يضع على رأسه علم الجزائر.
ومع عشرات المتظاهرين كان فريد وابنه يرددون أغنية رياضية عنوانها "قلبي محروق"، ومما جاء فيها "قلبي محروق، غدوة (غداً) يجيب (يأتي) بغدوة (بِغَدٍ)، في هذاك السوق (في ذلك السوق) لازم (لا بد) يتسيباراو (يتم تفريقهم) في الحراش".
كلمات الأغنية لم تكن إلا إبداعاً جديداً من وحي الحراك الشعبي السلمي، تعود المتظاهرون من خلال هذا النوع من الأساليب إيصال رسائلهم، معتمدين في ذلك على الأغاني الشعبية والرياضية والسخرية.
ويقصد المتظاهرون في تلك الأغنية التي كيفوها مع حراكهم الشعبي، امتعاضهم من بقاء الرئيس الجزائري المؤقت ورئيس وزرائه في منصبيهما رغم إصرارهم على رحيلهم كل جمعة، إضافة إلى سخريتهم من رموز نظام بوتفليقة الموجودين في سجن الحراش، وطالب المتظاهرون بـ"سخرية" بوضع كل نزيل منهم في زنزانة انفرادية "عقوبة أخرى لهم".
أما "فطيمة"، تلك السيدة الجزائرية التي استقطبت أنظار بعض المتظاهرين والفضوليين بلباسها التقليدي "الحايك" ووضعها علم الجزائر على رأسها، فقد كانت تنادي بـ"مستقبل أفضل لأبنائها وأنباء بلدها" كما كانت تردد.
التقتها "العين الإخبارية" وهي تسير في شارع "ديدوش مراد" مثل عارضات الأزياء وسط اهتمام شعبي بها، وهي تردد "تحيا الجزائر"، وحرص آخرون على التقاط صور معها.
قالت السيدة "فطيمة" لـ"العين الإخبارية" "نحن هنا اليوم في المظاهرات نمثل أبناءنا، والحراك لن يتوقف حتى تستجيب السلطات لمطالب الشعب، لأن مطالبه معقولة وغير تعجيزية، الله والبشر معنا، لأننا نريد مستقبلاً أجمل لأبنائنا".
وبعد أن أكملت كلامها وهي تهتف "تحيا الجزائر" عادت لتقول "أبناؤنا ذهبوا إلى مصر وسيحضرون معهم المادتين 7 و8"، وهي تقصد بذلك الالتفاف الشعبي حول المنتخب الجزائري بعد النتائج المميزة التي حققها في كان 2019، معتبرة أن الطاقم الفني واللاعبين يمثلون أبناء الجزائر وتمكنوا من تشريف الراية الوطنية عكس رموز نظام بوتفليقة.
أكواب "ترحلون جميعاً"
ومن المشاهد الطريفة التي وقفت عندها "العين الإخبارية" في العاصمة الجزائرية باعة متجولون في شوارع "الجزائر الوسطى" يبيعون أكواباً مكتوب عليها الشعار الأبرز والأشهر للحراك الشعبي في الجزائر وهو "ترحلون جميعاً"، والذي يبلغ ثمنه 30 ديناراً جزائرياً؛ أي ما يعادل نحو 0.25 دولار أمريكي.
ويبدو أن ذلك الشعار رفع من قيمة الكوب الذي لا يتعدى عادة بدون رسوم أو كتابات 10 دنانير، ومع ذلك لقي إقبالاً كبيراً من قبل المتظاهرين وزوار العاصمة لأخذه تذكاراً يؤرخ لواحدة من أهم الفترات التي تمر بها الجزائر.
والملاحظ كذلك في الجمعة الـ22 من مظاهرات الجزائريين انتعاش تجارة الأعلام الوطنية الجزائرية وأقمصة المنتخب الجزائري، وأساور طاقيات بألوان العلم الجزائري.
ولم يجد حرجاً بعض المشاركين في المسيرات من الخروج منها وهم يرددون الهتافات للسؤال عن أسعارها واقتناء ما يلزمه لتشجيع منتخب بلاده.
وبالمحصلة، ورغم تراجع زخم الحراك الشعبي في معظم المحافظات الجزائرية وحتى العاصمة، إلا أن المباراة التي تنتظر المنتخب الجزائري مع نظيره السنغالي في نهائي كأس أمم أفريقيا بالقاهرة أعطت زخماً مختلفاً تماماً عن بقية الجمعات الـ 21، وتوحدت آمال الجزائريين في تغيير أفضل في كل المجالات، معتبرين أن النتائج التي حققها منتخبهم "جزء من التغيير الجذري الذي يطالبونه ويحلمون به".
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز