بينهم رئيسا وزراء.. 16 نافذا كتبوا نهاية نظام بوتفليقة بالسجن
"العين الإخبارية" تستعرض أبرز الشخصيات المسجونة بتهم فساد في عهد بوتفليقة من رؤساء حكومات ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين.
"لم نكن نتوقع أن نرى أو نسمع أن الجنرال توفيق أو أويحيى أو سلال أو رجلي الأعمال حداد أو ربراب في السجن"، "هل هي مسرحية تمثيلية أم حقيقة؟"، "هل نحن أمام عهد جديد؟"، "هل انتهى كابوس الفساد وسطوة المال على السياسة؟".
- 100 يوم على استقالة بوتفليقة.. تفاؤل حذر وأزمة ممتدة
- سجن الحَرَّاش الجزائري.. جامع رموز بوتفليقة الأغنياء
ترجمت هذه التساؤلات النابعة من أفواه كثير من الجزائريين التقتهم "العين الإخبارية" في أكثر من محافظة بالبلاد منذ بدء ما يعرف بـ"الحرب على الفساد" نهاية مارس/آذار الماضي، حالة الذهول والصدمة التي يعيشها الرأي العام عقب إصدار أوامر قضائية بسجن "شخصيات ليست كبقية الشخصيات في عهد بوتفليقة" كما يسمونها.
وبشعارات محددة من بينها "يرحلون جميعاً" و"ترحلوا يعني ترحلوا" ثم "يحاسبون جميعاً"، واصل الجزائريون مظاهراتهم بهدف الضغط على سلطات بلادهم لإبعاد ومحاسبة السياسيين ورجال الأعمال الذين قال عنهم قائد أركان الجيش إنهم "خانوا الأمانة".
وتوالت مع الأيام والأسابيع طوال 5 أشهر كاملة المتابعات القضائية والأحكام بالسجن المؤقت ضد العشرات من كبار المسؤولين في نظام بوتفليقة.
ويجمع المراقبون على أن نهاية عهد بوتفليقة لم تكن عند استقالته في 2 أبريل/نيسان الماضي، بل مع جر أعمدة نظامه إلى أروقة المحاكم بتهم ثقيلة قادتهم إلى غياهب السجون.
وهي الأحكام التي كتبت انهيار نظام بوتفليقة وفق العارفين بتركيبته المتداخلة بين السياسة والمال.
في هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" أبرز الشخصيات القابعة في سجني "الحراش" بالجزائر العاصمة و"البليدة" العسكري (وسط البلاد) بتهم فساد والتآمر على سلطتي الدولة والجيش، والذين أطلق عليهم قائد الجيش الجزائري وصف "العصابة".
وكانت حصيلة رموز "العهد البوتفليقي" المسجونين كما يسمى في الجزائر 13 شخصية نافذة وبارزة، بينهم رئيسا وزراء سابقان و5 وزراء سابقين و3 مسؤولين عسكريين وأمنيين كبار، ورجال أعمال برتبة "مسؤول فوق العادة" كما يصطلح على تسميتهم عند الجزائريين.
بينما تبقى الحصيلة مرشحة للارتفاع، خاصة مع المتابعات القضائية التي تلاحق حتى وزراء حاليين، من بينهم عبد القادر بن مسعود وزير السياحة المتهم في قضية رجل الأعمال محي الدين طحكوت بصفته محافظاً سابقاً لولاية تيسمسيلت.
بالإضافة إلى وزراء سابقين مثيرين للجدل، من أبرزهم شكيب خليل وزير الطاقة الأسبق، وعمار غول الوزير الأسبق للأشغال العمومية.
السعيد بوتفليقة
يعتبره الجزائريون "حاكم الجزائر الفعلي من وراء الستار" منذ تدهور صحة رئيسهم المستقيل في 2013.
ويواجه الشقيق الأصغر للرئيس المستقيل إرثا ثقيلا قد يقوده إلى حبل المشنقة، بعد تفعيل القضاء العسكري ضده تهماً بـ"الخيانة العظمى والتآمر على سلطتي الدولة والجيش"، ويوجد بالسجن العسكري في محافظة البليدة (وسط الجزائر).
ألقي عليه القبض في 4 مايو/أيار الماضي، بعد اتهامات بالمشاركة في "اجتماع مشبوه" مع شخصيات جزائرية بارزة وعناصر في المخابرات الفرنسية بهدف "الانقلاب على قيادة الجيش"، كما ذكرت وزارة الدفاع الجزائرية في 20 أبريل/نيسان الماضي.
وأظهر الاتهامات الموجهة لبعض رموز نظام بوتفليقة، أن شقيقه الذي عينه في منصب مستشار خاص دون "أي قرار رسمي" يقف وراء عدد من أغنى رجال الأعمال، من أبرزهم رضا كونيناف، وعلي حداد الموجودان في سجن الحراش بتهم فساد متعددة.
أحمد أويحيى
أول رئيس وزراء جزائري يصدر في حقه حكم بالسجن المؤقت في 12 يونيو/حزيران الماضي بتهم فساد مرتبطة بعدد من كبار رجال الأعمال، من بينهم محي الدين طحكوت، وعلي حداد، ومراد عولمي، ويسعد ربراب.
ويتابع "أويحيى" بتهم فساد ثقيلة، من بينها "منح امتيازات غير مشروعة، وتبديد أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة عمداً بغرض منح منافع غير مستحقة للغير على نحو يخرق القوانين والتنظيمات".
وتتواصل التحقيقات معه في قضايا فساد أخرى مرتبطة برجال أعمال آخرين وملفات فساد كبرى تتعلق بشركة سوناطراك النفطية ومشاريع أخرى.
عبد المالك سلال
يعد ثاني رئيس وزراء في عهد بوتفليقة، ويواجه مصير السجن المؤقت منذ 13 يونيو/حزيران الماضي مع نجله بتهم فساد تتعلق بـ"منح امتيازات غير مشروعة واستغلال المنصب، والكسب غير المشروع واستعمال السلطة"، وهي التهم الأثقل من تلك الموجهة لأحمد أويحيى.
وعلى غرار أحمد أويحيى، لا تزال التحقيقات القضائية والأمنية مستمرة مع سلال في قضايا فساد مرتبطة برجال أعمال برزوا في عهد بوتفليقة، خاصة في مجالات تجميع السيارات والأجهزة الإلكترونية والصناعات الغذائية.
5 وزراء سابقين
وعلى مدار الشهرين الأخيرين فقط، توالت الأحكام القضائية بالسجن المؤقت ضد 5 وزراء سابقين في حكومات بوتفليقة السابقة، ويتعلق الأمر بالوزيرين الأسبقين للصناعة والمناجم بدة محجوب ويوسف يوسفي، والوزيرين الأسبقين لـ"التضامن الوطني والأسرة والجالية بالخارج" السعيد بركات وجمال ولد عباس، وعمارة بن يونس وزير التجارة الأسبق.
ويتابع الوزراء السابقون بتهم فساد مرتبطة أيضا بدعم "غير قانوني" لرجال أعمال، تتعلق بـ"إساءة استغلال الوظيفة، ومنح امتيازات غير مستحقة لرجل الأعمال، وتبييض الأموال وتحويل الممتلكات الناتجة عن عائدات إجرامية، والاستفادة من سلطة وتأثير أعوان الدولة أثناء إبرام العقود والصفقات، وتبديد أموال عمومية".
4 رؤساء أحزاب
وتجدر الإشارة إلى أن بعضاً من المسؤولين السياسيين السابقين في عهد بوتفليقة والقابعين في السجن بتهم فساد، كانوا يقودون أحزاباً سياسية أيضا، ويتعلق الأمر بكل من: أحمد أويحيى الأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي"، وعمارة بن يونس رئيس "الجبهة الشعبية الوطنية"، وجمال ولد عباس الأمين العام السابق لـ"جبهة التحرير الوطني الحاكم"، وهي الأحزاب التي كانت تشكل "التحالف الرئاسي" الداعم لبوتفليقة.
بالإضافة إلى لويزة حنون رئيسة "حزب العمال" المتهمة من قبل القضاء العسكري بـ"التآمر على سلطتي الدولة والجيش" عقب مشاركتها في الاجتماع المشبوه.
عسكريون يتقدمهم مدين
رئيس جهاز المخابرات الأسبق طول 25 سنة (1990 – 2015) الذي يوصف بـ"صانع الرؤساء"، من أبرز الشخصيات التي شكّل الأمر القضائي العسكري بسجنه "مفاجأة غير متوقعة" عند الغالبية العظمى من الجزائريين.
ويواجه الفريق المتقاعد المعروف باسم "الجنرال توفيق" تهما ثقيلة تتعلق بـ"الخيانة العظمى والتآمر على سلطتي الدولة والجيش"، عقب اتهامه بالتخطيط مع شقيق بوتفليقة و"الاستنجاد بالمخابرات الفرنسية" للإطاحة بقيادة أركان الجيش الجزائري.
عثمان طرطاق
شغل منصب "منسق الأجهزة الأمنية" في الجزائر، وهو المنصب الذي يمثل جهاز المخابرات بعد إلحاقه بالرئاسة الجزائرية في 2015.
ألقي عليه القبض عليه مع شقيق بوتفليقة والرئيس الأسبق للمخابرات محمد مدين في في 4 مايو/أيار الماضي، وبالتهم ذاتها الموجهة لهما يوجد عثمان طرطاق المدعو "بشير" في سجن البليدة العسكري.
عبد الغني هامل
أمر القضاء المدني في 5 يوليو/تموز الماضي بوضعه في الحبس المؤقت مع 4 من أبنائه، ووضع زوجته تحت الرقابة القضائية، ليكون بذلك "آخر عمود" يسقط في نظام بوتفليقة.
وأعلن القضاء استمرار التحقيقات مع عائلة "هامل" حول تهم فساد، ووجّه لهم تهماً تتعلق بـ"نهب العقار والثراء غير المشروع".
علي غديري
جنرال أحيل إلى التقاعد سنة 2015، ترشح في رئاسيات 18 أبريل/نيسان الملغاة، لم يكن معروفاً عند عامة الجزائريين قبل ذلك التاريخ، حتى ظهوره إعلامياً بتصريحات أثارت الكثير من الجدل، تحدى فيها بوتفليقة بـ"طوفان شعبي يوصله إلى الرئاسة" وتحدى المؤسسة العسكرية الجزائرية بـ"سجن شقيق بوتفليقة".
يواجد بسجن الحراش منذ 14 يوينو/حزيران الماضي، بعد أن وجه له القضاء المدني تهماً ثقيلة وخطرة تتعلق بـ"تسليم معلومات إلى عملاء دولة أجنبية تمس بالاقتصاد الوطني والمساهمة في وقت السلم في مشروع إضعاف الروح المعنوية للجيش بقصد الإضرار بالدفاع الوطني، والتزوير".
4 رجال أعمال
من بين رجال الأعمال الـ9 الموجدين في سجن الحراش بالعاصمة الجزائرية، يوجد 4 منهم كشفت الأحداث الأخيرة والمتابعات القضائية ضدهم أنهم كانوا "رجال أعمال برتبة كبار المسؤولين" كما يصطلح على تسميتهم في الجزائر.
ويتعلق الأمر بكل من: "يسعد ربراب المقرب من رئيس جهاز المخابرات الأسبق محمد مدين، وعلي حداد، ورضا كونيناف المقربين من شقيق بوتفليقة، ومحي الدين طحكوت المقرب من رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى"، الذين يمتلكون ثروة تقدر بنحو 15 مليار دولار.
وكشفت تقارير إعلامية جزائرية عن أن رجال الأعمال الأربعة كانوا يتدخلون في تعيين بعض الوزراء وإقالة آخرين ورؤساء الشركات الحكومية، إضافة إلى التدخل في سن بعض القوانين المرتبطة بالاستثمار التي عرضت على البرلمان الجزائري في العشرية الأخيرة.