الجزائر بأسبوع.. تحالف بوتفليقة في السجن والرياضة تُحرج السياسيين
حلم التتويج باللقب الأفريقي وتحرك الدبلوماسية في مالي وسجن وزيرين أبرز الأحداث التي طغت على أسبوع الجزائر.
انقضى الأسبوع في الجزائر بـ"عودة العازفين عن السياسة" مؤقتاً، وطغت أحاديث أخبار منتخب كرة القدم الذي أعاد الأفراح إلى الشوارع بعد تأهله لنهائي "كان" 2019، وهو النهائي الذي جعل من مصر أول محطة خارجية لرئيس البلاد المؤقت عبدالقادر بن صالح منذ تسلمه زمام الأمور في البلاد.
- من انقسامات السياسة إلى وحدة الرياضة.. أسبوع عاصف في الجزائر
- أسبوع الجزائر.. سقوط "الباء الثانية" ولجنة للحوار مع قادة الاحتجاجات
كذلك أكمل عمار غول رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر" تشكيلة التحالف الداعم لبوتفليقة في سجن الحراش، وارتفع عدد وزرائه المسجونين إلى 6، بينما بقي الإخوان في سجن الانتهازية والصراع على الزعامة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، كانت الجزائر موعودة بعودة دورها الإقليمي انطلاقاً من الجارة مالي التي تعمل على دعم تطبيق اتفاق السلام والمصالحة المتعثر، وهو الملف الذي جمع وزيري خارجية البلدين للمرة الثانية في أقل من شهر.
ولاية بوتفليقة الخامسة في السجن
شهد أسبوع الجزائر المنتهي استمرار المتابعات القضائية ضد كبار الشخصيات في عهد الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، وارتفع عدد وزرائه السابقين الذين أصدر القضاء الجزائري أوامر بسجنهم مؤقتاً إلى 6.
وفي ظرف أسبوع واحد، زجت المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد) بوزيرين في السجن المؤقت بتهم فساد متعددة، وهما بدة محجوب وزير الصناعة والمناجم السابق وعمار غول وزير الأشغال العمومية الأسبق.
غير أن ما لفت الانتباه أكثر كان تواجد رؤساء أحزاب التحالف الرئاسي التي رشحت بوتفليقة لولاية خامسة في سجن واحد، وبات الجزائريون يطلقون على سجن الحراش "فريق اتحاد الحراش البوتفليقي لكرة الفساد".
ويتعلق الأمر بكل من: أحمد أويحيى الأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي"، وعمارة بن يونس رئيس "الجبهة الشعبية الوطنية"، وجمال ولد عباس الأمين العام السابق لـ"حزب جبهة التحرير الوطني" الحاكم، وعمار غول رئيس "تجمع أمل الجزائر".
وبعد أن كان "دعم بوتفليقة" يجمع الأحزاب الأربعة، أصبحت قضايا الفساد العنصر المشترك بين رؤسائها، خاصة فيما يتعلق بالامتيازات التي منحوها لرجال أعمال نافذين ظهروا في عهد الرئيس الجزائري المستقيل، من أبرزهم علي حداد ورضا كونيناف ويسعد ربراب ومراد عولمي.
كما أن من بين التهم الموجهة لرجال الأعمال "التمويل غير المشروع للأحزاب السياسية"، وهو ما يفسر، بحسب محللين سياسيين تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، المقصود من "تداخل المال مع السياسة" الذي كان "سياسة بحد ذاته" في عهد بوتفليقة.
واتهم القضاء الجزائري رؤساء الأحزاب الأربعة باستغلال مناصبهم ونفوذهم والضغط على موظفي الإدارات لمنح امتيازات غير محدودة وغير قانونية لرجال الأعمال، مقابل استفادتهم أيضا من دعمهم المالي الخفي.
ويقول المحللون إن الأحكام القضائية المتتالية لن تُبقي مجالاً لنظام بوتفليقة بالعودة إلى الساحة السياسية بعد أن تم تفكيك تلك العقدة المتداخلة بين المال والسياسة، والتي يرون أن بوتفليقة "تركها قنبلة موقوتة"، لكنها تسببت في الأخير في انهيار نظامه.
الإخوان في قفص الانتهازية
سجل أسبوع الجزائر المنصرم دليلاً جديداً على "انتهازية الإخوان" وتأكيداً على رفضهم الخروج من سجن صراعات الزعامة وتغليب الحسابات الحزبية على مصلحة البلاد، بحسب تعليقات كثير من النشطاء السياسيين.
إذ لم تمر تزكية الإخواني سليمان شنين على رأس البرلمان الجزائري دون أن تحدث جدلاً واسعاً في البلاد.
واتهم نشطاء سياسيون معارضون "التكتل الإخواني" في البرلمان بعقد صفقة مع السلطة، رغم ادعائهم معارضة بقاء رموز نظام بوتفليقة في السجن، وحديثهم المتكرر عن أن البرلمان الحالي "غير شرعي".
وتراوح وصف التقلب المفاجي داخل قبة البرلمان الجزائري من قبل معارضين بارزين بين "خيانة الحراك الشعبي" و"اللهث وراء المناصب" و"المعارضة في العلن مقابل إبرام صفقات في السر".
دبلوماسية من بوابة مالي
جمع أسبوع الجزائر المنتهي وزيري الخارجية صبري بوقادوم ونظيره المالي تييبيلي درامي في ثاني لقاء بينهما في ظرف شهر؛ للتباحث حول إمكانية تجاوز العقبات التي تعترض اتفاق السلام والمصالحة الموقع في 2015 في هذا البلد الأفريقي بوساطة جزائرية.
وأجمع خبراء أمنيون ومحللون سياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" على أن مالي تمثل العمق الاستراتيجي للجزائر، وهو ما يفسر وفق تصريحاتهم الأهمية التي توليها لدعم إحلال السلام في بلد يخضع شماله لسيطرة الجماعات الإرهابية وتجار المخدرات والأسلحة والبشر.
الأمر الذي شكل تحدياً أمنياً للجزائر في السنوات الأخيرة، خاصة وأن لها حدوداً هي الأطول مع بقية جيرانها والبالغ طولها 1376 كيلومتراً والقريبة أيضا من مواقع استراتيجية نفطية جنوب البلاد، وباتت معها تلك الحدود منطقة عسكرية مغلقة من جهة الجزائر، لم تهدأ معها حالة الاستنفار القصوى التي فرضها الجيش منذ التدخل الفرنسي بشمال مالي سنة 2013.
حلم التتويج باللقب
لا حديث آخر يعلو فوق نقاشات واهتمامات الجزائريين طوال الأسبوع المنصرم إلا "الحلم بالتتويج باللقب الأفريقي" الثاني في تاريخ بلادهم، عقب تأهلهم إلى نهائي كان 2019 بفوز قاتل على نيجيريا بنتيجة 2-1 الأحد الماضي، ليضرب موعدا مع السنغال في النهائي.
نتيجة حددت الأجندة الدبلوماسية للرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح، وكانت مصر أول محطة خارجية له منذ توليه منصبه في أبريل/نيسان الماضي، استُقبل خلالها من قبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتنقل بن صالح إلى معسكر "الخُضر" لتقديم دعم معنوي للطاقم الفني واللاعبين في مباراتهم المصيرية.
وتمكن "محاربو الصحراء" بعد خيبات متتالية منذ 2014، من إعادة الفرحة إلى شوارع البلاد، وتحول إلى منتخب جامع للجزائريين بعد أن فرقتهم السياسة طوال 5 أشهر كاملة.
والأكثر من ذلك، فقد أظهرت تعليقات ومنشورات الجزائريين عبر منصات التواصل حجم الهوة بينهم وبين الطبقة السياسية، خاصة من خلال المقارنات التي يجرونها بين إنجاز مدرب في أقل من عام، في مقابل ما يرونه من عجز السياسيين عن تحقيق طموحاتهم.
وتحول جمال بلماضي مدرب "الخُضر" إلى ملهم للجماهير الجزائرية العاشقة لكرة القدم، وتمنى بعض رواد مواقع التواصل أن يرأس بلادهم شخصية تشبه بلماضي في جديته وسعيه لتشريف بلده، حتى أن آخرين دعوه إلى الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، اقتداء بأسطورة كرة القدم في ليبيريا جورج ويا.