قدرتنا على البقاء مرهونة بقدرتنا على الابتكار، وقدرتنا على الابتكار نابعة من رغبتنا في خلق مجتمعات أفضل جودة
قدرتنا على البقاء مرهونة بقدرتنا على الابتكار، وقدرتنا على الابتكار نابعة من رغبتنا في خلق مجتمعات أفضل جودة، الابتكار هو المحفز الأول، بل الهدف الأقوى الذي يجب أن نتخذ منه خيارًا إستراتيجيًّا إن أردنا الحصول على اقتصاد مستدام، إن أهمية الابتكار تبرز من كونه أحد أهم العناصر التي يمكن أن تنقل أي اقتصاد لمستويات متجددة من النمو وفقًا للبيئة الحاضنة له والقوانين التي تسهم في تطوره.
لقد أسهم الابتكار "اقتصاديًّا" في صناعة عالمنا الحالي، ونقل المجتمعات من بدائية إلى ناشئة وصولاً إلى الثورة الصناعية واقتصاديات الدول المتقدمة، عديد من المجتمعات أسهم الابتكار في صناعة مستقبلها وتحسين مستويات المعيشة من خلال الابتكار الذي أسهم في خلق منتجات نوعية عززت من إنتاج الدول، وأسهمت في تغيير خارطتها الاقتصادية، حتى بات الابتكار محركًا أساسيًّا لأعمال كبرى الشركات مع تخصيصها ميزانيات ضخمة من أجل ضمان استمرارية الأبحاث التي تعزز الابتكار نوعيًّا، وبما ينعكس على جودة منتجاتها ويسهم في تعظيم عوائدها، وهو ذا أثر مباشر على الناتج القومي للدول ومحفز جيد لتناميه.
إن الابتكار يضمن الوصول إلى تحسين مستويات الإنتاج وتحقيق الرفاه الاقتصادي، وما قيام بعض الشركات المبتكرة برفع دعاوى أو شكاوى تجاه اقتباس أفكار ابتكارها دون موافقة الشركة صاحبة الاختراع، ومثال ذلك القضية التي كسبتها شركة أبل ضد شركة سامسونج خلال السنوات الأخيرة إلا دليل ساطع على ذلك.
حكومة المملكة، عملت على دعم هذا التوجه في محاولة لتأصيل ثقافة الابتكار وبناء مجتمع المعرفة، عبر طرح مزيد من الخدمات بمفاهيم ابتكارية تطور من نوعية المنتج وتسهم في الرفع من كفاءة أعمالها وهو ما يخفض من تكاليف التشغيل التي تنعكس على طبيعة الانفاق الحكومي التقليدي الذي يعتمد على العنصر البشري لإدارة المنتج وليس على نوعيته وكفاءته، إلا أن الجهود الحكومية الحالية إضافة إلى جهود القطاع الخاص لم ترتقِ بعد إلى مستويات جيدة تجعل من الابتكار خيارًا إستراتيجيًّا وأحد أهم ملامح اقتصادنا المقبل؛ إذ رغم التشجيع الحكومي المتمثل في جائزة خادم الحرمين الشريفين لتكريم المخترعين والموهوبين، التي عكست سعة الرؤية والاهتمام لدى الحكومة السعودية، إلا أن الابتكار لا يزال يرزح تحت وطأة الإدارة الكلاسيكية التي تعتقد أنه يحمل مخاطر جمة؛ أهمها ما يتمثل في الجانب التقني وتبعاته، وهو ما يؤخر كثيرًا انتقال المنتج السعودي باختلاف قطاعته نحو الريادة في صناعة مجتمع اقتصادي "مبتكر".
في الواقع، المبتكرون في حاجة إلى مشاركة أكبر من قبل الجهات التعليمية منذ المراحل الأولية وحتى الدراسات العليا، وفق معايير تضمن تحقيق تنشيط وتعزيز المبادرات الابتكارية، وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص وهو المستفيد الأكبر، بهدف تعزيز العمليات الإنتاجية جراء الابتكارات الحديثة.
إن الابتكار يولد ابتكارات جديدة، وهي النظرية التي تنطبق على العالم الأمريكي توماس أديسون، وكون ذلك يحتاج إلى حاضنات مرنة بعيدة عن البيروقراطية المتعارف عليها، مع إيجاد عمليات تمويل بشروط ميسرة للمبتكرين هدفها خلق منتجات نوعية تسهم في تنوع مصادر الدخل وتكون محفزة على بناء اقتصاد منافس بعيدًا عن الاقتصاد الريعي القائم نحو مجتمع مستدام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة