يتحول الرأى العام بشكل تدريجى من داعم لانتهاك حقوق الإنسان «علشان ما نبقاش زى سوريا والعراق» إلى خائف من استمرار تلك الانتهاكات
«محكمة الجنايات تقرر الإفراج عن إسراء الطويل لأسباب صحية»، تلقيت الخبر المبهج وأنا فى زيارة عائلية، طفحت السعادة على وجوه الجميع. من كانوا حولى لم يكونوا أهل سياسة ولكنهم مصريون عاديون بعضهم كان إلى وقت ليس ببعيد عضوا فى «حزب الكنبة».
يتحول الرأى العام بشكل تدريجى من داعم لانتهاك حقوق الإنسان «علشان ما نبقاش زى سوريا والعراق» إلى خائف من استمرار تلك الانتهاكات التى ربما تسرع بنا إلى مصير «سوريا والعراق».
فى ظنى أن جهات داخل الدولة التقطت الرسالة. خلال شهر ديسمبر فقط تم الحكم على ثلاثة ضباط بالسجن المشدد لخمس سنوات لقتلهم مصريين تحت التعذيب، اثنان منهم ينتمون إلى جهاز «مباحث أمن الدولة» !!.اثنا عشر ضابطا وأمينا للشرطة جرى القبض عليهم وحبسهم احتياطيا فى وقائع تعذيب واستعمال القسوة أو ضرب مفضٍ إلى الموت ضد مواطنين. أحيل أربعة ضباط وخمسة أمناء شرطة إلى محكمة الجنايات بتهمه تعذيب محتجز حتى الموت بقسم شرطة الأقصر.
نُقل الدكتور سعد الكتاتنى إلى المستشفى ومعه الدكتور مجدى قرقر بعد أن تدهورت حالتهما الصحية. أمر وزير الداخلية بإرسال قوافل رعاية طبية إلى كل السجون لمتابعة الحالة الصحية للسجناء. سجن العقرب الذى كان مغلقا فى وجه الزيارات قرابة الخمسة اشهر استطاع أهالى المحبوسين فيه أخيرا أن يدخلوا إليهم دون اشتراط الحصول على تصريح بالزيارة.
الوضع لايزال بعيدا عن احترام الحد الأدنى لحقوق الإنسان ولكنه فى طريقه للتحسن أو يبدو أنه كذلك. أتصور أن هناك رغبة من النائب العام الجديد المستشار نبيل صادق فى أن تعود النيابة العامة لتلعب دورا أوسع كمحام عن الشعب وحام له. التشدد فى مراقبة الأوضاع فى أماكن الاحتجاز يجب أن يكون له أولوية. القانون يعطى النائب العام الحق فى القيام بزيارات إلى السجون.
أدعوه أن يفعل ذلك، ولكن يجب أن تكون الزيارة مفاجئة وليست كزيارات المجلس القومى لحقوق الإنسان مرتبة سلفا. أرجو أن تكون وزارة الداخلية قد اقتنعت بأن الاستمرار فى سياسة العصا الغليظة لن يحقق الاستقرار، الأخذ بتوصيات المنظمات الحقوقيه بشأن الرقابة على عمل منتسبيها لم يعد يحتمل التأخير. من واجب الإدارة القانونية بها حضور محاكمة الضباط الجناة ومطالبة المحكمة بأن تحكم عليهم بقيمه ما عسى أن تحكم به على وزارة الداخلية من تعويضات للضحايا.
خلال السنوات الأربع الماضية حصلت المنظمة العربية للإصلاح الجنائى على ١١ مليون جنيه كتعويضات لمواطنين عذبهم ضباط الشرطة أو أفرادها. من غير المقبول أن يدفع المصريون من أموالهم تعويضات عن جرائم الضباط. العمل على إقرار مشروع قانون «الوقاية من التعذيب» الذى قدمته المجموعة المتحدة إلى رئيس الجمهورية فى الصيف الماضى قد يكون مناسبا فى هذا التوقيت، حتى اللحظة يصدر الرئيس تشريعات فى كل جليل وهين من الأمور ولم يلتفت إلى أهمية إصدار مثل هذا القانون. الذل والمهانة يجرحان الشعوب بأكثر مما يجرحها الجوع ذاته.. هذا درس التاريخ.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة