آمال أبو رقيق لـ"العين": الطلاق وابنتي جعلاني أول نجّارة محترفة في فلسطين
تقدمت لدخول موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية
حلمت بأن تدرس هندسة الديكور، إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة وانتشار البطالة في غزة، يضطرها لقضاء جلّ يومها في ممارسة النجارة الشاقة
في مشهد غريب تقف امرأة، في موقع لا تألفه النساء، دكان صغير يحوي العديد من آلات النجارة والكثير من الأخشاب، محترفة بذلك مهنة صعبة، ومتحدية احتكار الرجال لها.. إنها آمال أبو رقيق، من سكان مدينة النصيرات في قطاع غزة، هي بالتأكيد ليست المرأة الأولى التي احترفت مهنة صعبة، لكنها من القليلات اللواتي تجرّأن على مزاحمة الرجال في أعمالهم، لتكون بذلك أول نجارة في فلسطين.
وتقول: "في السنوات الأولى لانتفاضة الأقصى كنت في زيارة لأهلي في النصيرات، ولم أستطع العودة مع ابنتي إلى حيث يقطن زوجي في مدينة الرملة بالأراضي المحتلة عام 1948. والسبب عدم حصولي على تصريح لمّ شمل أو إقامة في مدينة الرملة، كوني من سكان غزة، وأحمل الهوية الفلسطينية. وقد حاولت العودة مراراً، إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل، وفي ظل تنكّر زوجي لي، وعدم اهتمامه بي وبابنتي التي تعاني من إعاقة ذهنية خفيفة، اضطررت لتطليق نفسي منه كي أحصل على تأمين صحي وشؤون اجتماعية تعينني على متطلبات الحياة".
وبالرغم من أنها مهنة تحتاج إلى جهد جسدي كبير ودقة عالية، إلا أنها قررت ممارسة هوايتها القديمة متحدية كافة الصعاب والعراقيل، لتصبح الهواية وحب النجارة حرفة وعملًا تكسب منه آمال قوت يومها.
آمال، التي طالما حلمت بأن تدرس هندسة الديكور، قالت لـ"بوابة العين"، إن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها، وانتشار البطالة في قطاع غزة، تضطرها لقضاء جل يومها في ممارسة مهنة النجارة الشاقة في ورشتها الصغيرة، حتى تتمكن من تأمين حياة كريمة لها ولابنتها التي وُلدت بإعاقة دائمة.
وأوضحت آمال لـ"العين" أنه لم يكن من السهل عليها في بداية الأمر مقاومة النظرة الذكورية من المجتمع الغزاوي، خاصة أنها تعيش في مخيم للاجئين تتحكم به العادات والتقاليد، لكنها استطاعت وخلال فترة وجيزة إقناع كل من حولها بأنها جديرة بالاحترام، بعد تميّزها في هذه المهنة، لتتبدل مواقف من انتقدوها إلى المبادرة بمساعدتها.
وحول بداية عملها واختيارها لمهنة النجارة، قالت آمال إنها حاولت البحث عن مهنة تزيد من دخلها وتوفر لها حياة أفضل، إلا أن حالة البطالة حالت دون ذلك، فاتجهت إلى عالم التدريب لاكتساب مهارات وخبرات.
وتوجهت آمال إلى مركز تمكين المرأة للتدريب والتأهيل، والذي يقدم العديد من الدورات، إلا أن واحدة فقط جذبت انتباهها كانت عن فنون النجارة والصناعات الخشبية، بسبب عشقها القديم لصناعة التحف الفنية المشغولة باليد، مشيرة إلى أنها انضمت برفقة 20 سيدة وفتاة للدورة، لكنها الوحيدة التي استمرت حتى النهاية، ومن ثم حصلت على قرض من المركز لتفتح ورشتها الخاصة.
المتجول في ورشة آمال يجد منحوتات متميزة كخريطة فلسطين، ومفتاح العودة الخشبي الذي تصحبه معها أينما حلت مفتخرة به، حيث تعتبره قطعة منها لا يمكن التفريط فيه رغم العروض الكثيرة التي تلقتها لشرائه، لكنها تقابل الأمر بالرفض.
حرفية آمال وجودة منتجاتها العالية بتكاليف قليلة مقارنة مع الورش الكبيرة، لاقت إقبالًا واسعًا وجعلت الكثيرين يقصدونها لتنفيذ الديكورات الخشبية في منازلهم، خاصة أنها تمزج منتجاتها الخشبية بالمطرزات التراثية الفلسطينية.
في الختام قالت آمال إن ابنتها الوحيدة هديل (19 عاما)، التي تعاني إعاقة ذهنية، دفعتها للعمل على إعداد دورات تدريبية للمعاقين لتمكينهم من ممارسة النجارة والحصول على عمل يندمجون من خلاله في المجتمع ويؤمنون احتياجات حياتهم، بالإضافة لتقدمها لدخول موسوعة "جينيس"، كأول امرأة تمارس مهنة النجارة، وهي في انتظار الرد عليها من قبل المشرفين على الجائزة.
aXA6IDMuMTM3LjE2OS4xNCA= جزيرة ام اند امز