إن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة تفرضها الدول ضمن سياساتها الضريبية التي تضمن تعبئة الإيرادات بما يضمن لها مداخيل جيدة
الترف السائد في المجتمعات الخليجية الناتج عن ارتفاع مداخيل الأفراد بل وتنامي الطبقة الغنية على حساب الموارد القومية لهذه الدول، كان مدخلاً أساسيا في حوارات وتجاذبات المهتمين بالشأن الاقتصادي في دول الخليج، بل وحتى المسؤولين في الدول الست التي تعد المصدر الرئيس للنفط عالمياً تجاه "ضريبة القيمة المضافة" وفق ما تم نشره اعلاميا "مؤخرا، والذي قادته رغبة مطلقة لدى قادة القرار السياسي لإصلاحات اقتصادية كبرى قائمة على انفتاح وشراكة أكبر تجاه الأسواق الدولية وتحقيق معدلات نمو جيدة لاقتصاداتها.
تتفاوت التعريفات لضريبة القيمة المضافة، ولعل التعريف الأدق الذي أتوقع أنه سيكون الأقرب بالنظر إلى تكوين اقتصاداتنا في دول الخليج "يعني بالقيمة التي يضيفها مؤدي الخدمة، سواء أكان منتجا، أو تاجر جملة، أو تجزئة، أو وكيل خدمات، أو مؤدي خدمة.. إلخ. على تكلفة الصفقة، سواء كانت مواد خام مشتراة بقصد التصنيع، أو اعادة البيع، زائدا تكاليف الأجور والخدمات التي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في جعل السلعة، سلعة نهائية قابلة للبيع" وهو يختلف بذلك عن ضريبة المبيعات التي "تفرض على القيمة النهائية للسلع والخدمات عند بيعها. وعادة تفرض بمعدلات موحدة على السلع الاستهلاكية جميعها. كما أنها تفرض مرة واحدة في إحدى مراحل توزيع السلع، إما على مبيعات الجملة، أو على مبيعات التجزئة، أو على المبيعات إلى المستهلك النهائي".
إن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة تفرضها الدول ضمن سياساتها الضريبية التي تضمن تعبئة الإيرادات بما يضمن لها مداخيل جيدة تسهم في جودة الخدمات العامة والإنفاق على مشاريعها التنموية، ومن جانب آخر تقلل التكلفة التشغيلية للخدمات العامة ومخرجات الإنتاج بما يحقق استرداد جزء من إنفاقها في تأمين المواد الخام نحو بناء اقتصاد متين ومتماسك قادر على الصمود تجاه أي هزات متوقعة جراء انخفاض الطلب على الموارد الأساسية كالنفط الذي يعد مورداً أساسيا لاستمرار خططها التنموية .
وبعيدا عن الآثار الإيجابية المتوقعة لفرض هذه الضريبة ودورها في تحسين هيكلية الاقتصاد، يبقى الأثر المتوقع على المستهلك هاجساً يؤرق الجميع، فهذه الضريبة تضاف عمليا لكل مراحل الدورة الاقتصادية بدءا من الإنتاج مرورا بالتوزيع ونهاية بالاستهلاك، قد ينعكس بشكل مباشر على المستهلك من جانب تكلفة الإنتاج الذي سيكتسب مدخلا جديدا في كلفته النهائية وهي الضريبة، وبالتالي سعر المنتج النهائي، كما أنه قد يسهم في رفع تكلفة المنتج وزيادة المنافسة في السوق، كما أنه قد يسهم في انخفاض جاذبية الاستثمار تجاه بيئة هذه الدول، إلا أن ذلك يبقى رهنا بآليات فرض ضريبة القيمة المضافة لكل دولة ومعدلاتها، هذه العوامل أيضا، أحد نتائجها هو الارتفاع المصاحب للسلع الأساسية الذي يبدو أن دولة الخليج قد تنبهت له عبر استثناء قطاعات خدمية وتعليمية وما يفوق 90 سلعة نظرا لسياسته المتوازنة في فرض الإصلاحات الاقتصادية بطرق أكثر مرونة وأقل ضررا على المواطن والمقيم وبما يكفل تحقيق أهدافها الاقتصادية والانتقال بمجتمعاتها نحو وعي أفضل للتحديات المستقبلية التي يمكن أن تواجه اقتصاداتهم وصولا إلى تحقيق معايير تنموية أكثر تأثيرا تجاه التزاماتها الدولية نحو العالم الخارجي، لكن السؤال الذي يظل بلا إجابة: هل سيتم فرض ضريبة القيمة المضافة على كل فئات المجتمع؟ من جهتي سأصوّت بلا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة