يعيش أهل بلدة مضايا السورية في ظروف إنسانية صعبة جراء حصارهم منذ 204 أيام، الأمر الذي دفعهم لأكل القطط والنفايات وأوراق الشجر
أوراق الشجر والقمامة وحتى الكلاب والقطط باتت الطعام الوحيد الذي تبقّى لسدّ رمق أهالي بلدة مضايا في ريف دمشق الغربي، الذين يموتون جوعًا كل يوم نتيجة الحصار الخانق الذي تعاني منه البلدة منذ 204 أيام.
وحيث لا مجيب لنداءات الاستغاثة والمناشدات الإنسانية وأمام تخاذل الأمم المتحدة وكل منظمات حقوق الإنسان عن إدخال معونات غذائية للبلدة المحاصرة، والتي يقطنها حوالي 49 ألف مواطن سوري بين لاجئين من بلدة الزبداني، وسكان أصليين، أعلنت عدة هيئات إغاثية وطبية ومدنية، اليوم، عن تشكيل الهيئة الإغاثية الموحدة في "الزبداني ومضايا" بريف دمشق الغربي.
تنديدًا بالتخاذل الدولي.
وأكدت "الهيئة الإغاثية الموحدة للزبداني ومضايا" في بيان نشرته على صفحتها بموقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، أنها تجمعٌ مدني مكون من جميع الجهات الإغاثية العاملة في المنطقة، ولا ترتبط بأي جهة سياسية أو عسكرية، مشيرة إلى أنها الجهة الوحيدة المخولة من قبل المجلس المحلي في مضايا، لاستلام المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية وتوزيعها على الأهالي.
وجاءت الحملة أيضاً تنديداً بما أسموه "تخاذل فرق الأمم المتحدة التي استطاعت الدخول للزبداني وإخراج الجرحى بموافقة النظام السوري، ولم تستطع أن تحرك ساكناً لأجل أهالي مضايا، على الرغم من أن البلدة كانت على طريق وفد الأمم أثناء إجلائه للجرحى".
اتفاق "الزبداني -كفريا والفوعة" كان ينص على إدخال مساعدات ومواد غذائية لأهالي مضايا والزبداني المحاصرين في بلدة مضايا، ولكن منْع النظام لأي منظمة إنسانية من الوصول إلى البلدة، وعدم ضغط الأمم المتحدة في سبيل ذلك، أدى إلى عدم تنفيذ ذلك البند وبقائه معلقاً، ليبقى المحاصرون في مضايا يواجهون خطر الموت جوعاً دون أي بادرة إنسانية لإنقاذهم.
ولأجل ذلك، قال عامر بيرقدار، المسؤول الإعلامي للمجلس المحلي في منطقة الهامة، في تصريحات صحفية له: "إنهم سارعوا لإطلاق حملة تسعى لضغط أكبر على الأمم المتحدة في سبيل فك حصار الأهالي في مضايا، وخاصة بعد كثرة حالات الموت جوعاً في البلدة".
وأضاف بيرقدار: "إن الحملة امتدت لتشمل تحركاً في قدسيا وبقين وعدة مناطق مجاورة لمضايا، ولم تتوقف عند التنديد والتظاهر والحراك السلمي للمطالبة بفك الحصار، حيث إن بعض النشطاء قد بدؤوا بجمع بعض التبرعات والمواد العينية تحضيراً لإدخالها في أقرب فرصة عند بدء فتح الطريق بشكل إنساني، أو العمل للمخاطرة بإدخالها بطريق التهريب، رغم خطورة ذلك، فهم يجدون أنه لا بد من المخاطرة في سبيل ذلك؛ فجوع المحاصرين لم يعد يتحمل أكبر من هذا القدر".
واشار إلى "أنهم يعلمون أن الحراك السلمي قد لا يصل للحد المطلوب لفك الحصار، إلا أنهم برفعهم للافتات واضحة وصريحة موجهة للأمم المتحدة بمطالب المحاصرين بفصل المدنيين عن الصراع السياسي والعسكري، والمطالب بإدخال الخبز والغذاء فقط، ربما يكون فيه إحراج أكبر لكل مدعي الإنسانية في الوسط الدولي".
صور مأساوية.
وتحت هاشتاج #مضايا_تموت_جوعا وثّق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الحصار التجويعي الذي يتعرض له أبناء مضايا، بصور أظهرت للعالم الوضع الإنساني الخطير والمأساوي الذي لم يفرق بين طفل وامرأة وشيخ ورجل، ومن خلال مشاهد لم نعتد عليها في دول العالم العربي حتّى في أوج الصراع العربي – الإسرائيلي والحصار الذي فرضه العدو أكثر من مرّة على قطاع غزّة.
وكانت أبرز الصور التي تناقلها ناشطو الحملة على الفيس بوك هي للشهيد جميل علوش الملقب بأبو عماد، وهو نازح من بلدة بقين يعيش في بلدة مضايا في ريف دمشق، بعد أن مات نتيجة سوء التغذية وضعف الإمكانات الطبية، حيث كان أبو عماد قد عرض سيارته للبيع مقابل بضع كيلوجرامات من الأرز أو الحليب، وذلك بعد أن اشتد الحصار.
وعن حال الناس في مضايا المحاصرة، وتحت نفس الهاشتاج، نشرت صفحة المجلس المحلي في مضايا تغريدة تقول: الجوع عصف بنا والبرد يحاصرنا والليل يرمي ظلاله من دون أمل.
ومن بين التعليقات التي استخدمت هاشتاج #مضايا_تموت_جوعا أيضا، كتبت أنوار العمر: الصامت عن جوع مضايا..شيطان بكل اللغات.
كما كتب عبد الإله بكار: لو أن شخصا أراد دخول الإسلام، ونظر إلى أهل مضايا وهم يموتون جوعا، وقارنهم بمن يموتون شبعا من جيرانهم المسلمين.. هل يسلم؟.. الدعوة للإسلام ليست لحية وكتبا وقنوات فقط، بل سلوك وتطبيق.
من جانبها، أوردت صفحة "مضايا" على موقع فيس بوك، أن خمسة مدنيين توفوا يوم الأحد الماضي في المدينة، اثنان منهم بسبب سوء التغذية وشح المواد الغذائية، فيما قتل ثلاثة آخرون عندما سقطوا في كمين لقوات حزب الله اللبناني، حينما كانوا يحاولون الخروج من المدينة لجلب بعض المواد الغذائية، كما تحدثت الصفحة عن انفجار ألغام أرضية بسكان حاولوا الخروج من المدينة.
كذلك نشرت صفحة "أدبيات الحصار في مضايا"، صورة لعملية ذبح الأهالي للقطط وأكلها، وذلك على ضوء تساقط الثلوج التي حجبت بدورها "الأعشاب والحشائش" التي اضطر الأهالي إلى أكلها سابقاً، نتيجة انعدام الطعام في البلدة المحاصرة.
وعلقت الصفحة على صورة ذبح القطط بالقول: "لم نعد بحاجة لفتاوى الشيوخ لكي نأكل لحم القطط، لأننا وُضِعنا بيت حدين للسيف.. إما الموت جوعاً أو بالألغام التي تحيط بسجننا".
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMzMg جزيرة ام اند امز