الإيزيدية التي أبكت العالم لـ"العين": لست شجاعة وأتمنى العودة لقريتي لأدفن أمي
نادية مراد : المسلمون وحدهم يستطيعون هزيمة داعش وأعاتب حكومتي بغداد وكردستان
الشابة الأيزيدية العراقية نادية مراد، قالت في حوار خاص لـ"العين"، إنها ليست شجاعة، وكشفت عن أمنيتها وكواليس لقاءها بالرئيس المصري
كان قَدَر هذه الفتاة المنحدرة من أصول جبلية أن تكون بطلة من نوع خاص، وأهل الجبال عادة ما يتميزون بالقوة والصبر والعناد، بطولتها تجسدت بعدة صور: أولها وهي تهرب من سجّانيها، والثانية حين تحمل قضيتها وتجوب بها العالم، وتعرض أمام كل الأجناس والأديان والطوائف والألوان.
تقول نادية مراد، الشابة الأيزيدية التي حصلت على حريتها بعد خطفها من قبل داعش في سنجار على أطراف مدينة الموصل، في آب/ أغسطس 2014، وأبكت العالم من أكبر حملة إبادة ووحشية تعرض لها مكون ديني، إنها لا تمتلك الشجاعة، بل تمتلك القوة، بعد تجربة مريرة عاشتها في همجية العصر.
في هذا الحوار، فتحت قلبها لبوابة "الـعين" وتحدثت عن حياتها قبل داعش، عائلتها، وأحلامها، وكواليس لقائها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعتبها على حكومتي بغداد وكردستان.
*سألناها، من هي نادية مراد، وكيف كانت تعيش قبل هجوم داعش على قريتها؟
أنا فتاة أيزيدية من قضاء شنكال (سنجار)، عمري 21 سنة، وصلت إلى الخامس الأدبي كنت أعيش في منطقتي لغاية الثالث من آب/ أغسطس 2014، كنا نعيش حياة بسيطة في قريتي (كوجو) إخواني كانوا يعملون في مهنة الزراعة أو الأعمال الحرة البسيطة، وتوفي والدي في سنة 2003 وأمي ربتنا أنا وإخواني، نحن عائلة كبيرة، كان لدي 9 إخوان وأختان، قتل 6 من إخواني على يد داعش وبقي 3 منهم، أمي أيضًا قتلت في الإبادة.
*من أين لك هذه القوة والشجاعة ؟
أنا لست شجاعة ولكن أنا قوية، أنا فتاة شرقية بسيطة وجدت نفسها بين ليلة في أيادي همج العصر، وجدت أهلها وأقرباءها وكل مجتمعها تحت إبادة جماعية لا تفرق بين الطفل والبنت والرجل، هذه القوة استمدها من وجعي، ومن وجع مجتمع كامل فقد كل ما يملك، أتحدث عن المجرمين حتى يعرف العالم شرهم، حتى يتوقف الشباب في العالم الإسلامي عن الانضمام إلى هذه المنظمة التي ترتكب أبشع الجرائم باسم الدين الإسلامي، يجب أن يتم التعرف على حقيقتهم وإلا لن يعيش أحد في العالم بسلام، أكبر ضحاياهم هم المرأة والطفل لأنهم ضعفاء.
* ما هي الأحلام التي كانت تراودك طيلة فترة بقائك مختطفة لدى داعش؟
كنت أحلم أن أحضن أمي، أن أرى وجه إخواني، أن أعود إلى من أحب، كنت أعلم أني سأتحرر من الاغتصاب اليومي، وقضيت 3 أشهر في الأسر.
* ما هو الدرس الذي منحته لك هذه التجربة؟
الدرس الذي منحتني إياه المحنة هو الصدمة، وهو كيف لإنسان أن يرتكب هذه الجرائم بحق إنسان مثله، تعلمت أن شر الإنسان لا حدود له، ولكن أيضًا تعلمت مهما كان الشر، فهناك طريق للخلاص منه، أنا أؤمن بالإنسانية رغم الذي حدث لي.
*ما هو الهدف من الجولات التي تقومين بها، ماذا بعد كسب التأييد لقضيتك؟
الهدف من الجولة العربية والإسلامية هو أن أقول لهم بأن داعش يغتصب النساء والأطفال باسم دينكم، وأنتم يجب أن تقفوا بوجه داعش؛ لأنهم يؤثرون عليكم أكثر من غيركم، كنت في مصر والتقيت الرئيس وشيخ الأزهر الشريف، وهم عبروا لي عن وجه الإسلام الحق.
أنا بين المسلمين لأن المسلمين وحدهم يستطيعون إلحاق الهزيمة بداعش، فكل يوم كان يقتل منهم وفي نفس الوقت كان ينضم لهم المئات من شباب المسلمين من كل مكان في العالم.
* ما أبرز ما دار بينك وبين الرئيس المصري؟
قلت للرئيس السيسي قصتي وقصة مجتمعي وقريتي وعائلتي، قال الرئيس، إنه متعاطف مع الأيزيديين ومع الشعب العراقي عامة ولا يقبل بما يحدث، قال، أنا كابنته، ويجب أن يصل صوتي إلى كل العالم حتى تتوقف هذه الإبادة، وحتى يتم فضح جرائم داعش التي يرتكبها تحت غطاء الإسلام، الرئيس السيسي عاملني معاملة أبوية..
* لماذا لم تفكري بزيارة بغداد وطرح قضيتك في بلدك؟
العراق هو بلدي، فأنا لن أطلب منهم، هم يعرفون قضيتي وقضية المجتمع الأيزيدي والأقليات وجميع الشعوب العراقية منذ البداية، هم يجب أن يدافعوا عن شرف بناتهم، سأزور المنطقة حين أشعر أن الحكومات تعتبر شرفي من شرفهم وكرامتي من كرامتهم، وبأن 3400 امرأة وطفل أيزيدي يستحقون العيش والتفاتة وطنية لهم.
* ما هي محطاتك القادمة؟
سأطرق جميع الأبواب من الدول والمنظمات وغيرها، سأزور كل من يدعوني، انتظر دول العالم أن يقوموا بدعوتي حتى أنقل لهم مأساتي ومأساة مجتمعي ومأساة جميع المجتمعات التي تعيش تحت شر داعش.
*هل هناك ناجيات بعمرك، لماذا تم اختيارك أنت لتمثيلهن في المحافل الخارجية؟
نعم هناك ناجيات بعمري وهناك أطفال أيضًا، كان قد خطف داعش أكثر من 5800 من الأيزيديين، تم إلى اليوم تحرير أكثر من 2200 طفل وامرأة بمختلف الأعمار، تم اختياري أولًا من قبل منظمة يزدا، وهي منظمة أيزيدية عالمية؛ لأنهم كانوا يعرفون قصتي ولديهم برنامج لمساعدة الناجيات، ومن ثم تحدثت مع مفوضية الولايات المتحدة في مجلس الأمن لأن الولايات المتحدة كانت تترأس المجلس، وهم وافقوا عليَّ أنا، ومنظمة يزدا ساعدتني في الوصول إلى نيويورك.
* أصبحت سفيرة لقضية الأيزيديات، ماذا أضاف لك هذا اللقب ؟
أنا سفيرة لكل امرأة وكل طفل يتم التعرض اليهم باسم الدين، ويتم تفكيك عوائلهم وقتلهم وسبيهم واغتصابهم، أنا أيزيدية ومجتمعي تعرض إلى إبادة جماعية، ولكنني أدافع عن الأنسان أولًا، وكنت سأفعل هذا لأجل أي إنسان في العالم، أتمنى ان أكون جسرًا لنقل القضية إلى العالم وأتمنى أن أصنع السلام في كل مكان في العالم.
* كيف برأيك يمكن إنقاذ بقية المختطفات ؟
يجب على المجتمع المسلم في العراق وسوريا مساعدتنا في تحرير المختطفات لأن أغلبهم سكتوا إلى الآن على اغتصابنا وهتك شرفنا، أريد وقفة من داخل المناطق التي تسيطر عليها داعش، كما أريد أن يتحرك العالم عسكريًّا لتحرير المختطفات وإنهاء داعش، أيضًا أريد أن يوفر العالم المساعدة المالية لشبكات مساعدة تحرير البنات.
* هل تحلمين بالحصول على منصب دولي ؟
أنا لا أريد منصبًا ولا شهادة، أنا أريد أن يتم إنقاذ مجتمعي من الإبادة، كما أريد أن تعيش جميع مجتمعات المنطقة بسلام مع بعضهم، أريد أن يتوقف الإرهاب ويتوقف اغتصاب الأيزيديات ويعود جميع أطفالنا، أريد أن تتحرر (كوجو) قريتي وجميع مناطقنا حتى أدفن بقايا أمي وإخواني.
* ما هو تقييمك لموقف الحكومة العراقية إزاء ما تعرض له الأيزيديون ؟
رغم أنني أدرك حجم المسؤولية بفعل الحرب في كل مكان، ولكن الأيزيدية تعرضوا لإبادة جماعية ولم تقم الحكومة المركزية أو حكومة إقليم كردستان بواجبهم تجاهنا، فلم يتم حمايتنا، وأيضًا بعد الإبادة لم يتكفلوا بإعادة بناتنا وأطفالنا، كما لم يقوموا بتحرير أرضنا إلى الآن، أكثر من 40% من الأراضي الأيزيدية تحت حكم داعش، والمناطق التي تحررت لا تصلح للحياة.