كشف إعدام المملكة العربية السعودية ٤٧ إرهابياً مقدار التحيز والتزييف الذي تضخه بعض المؤسسات الحقوقية والفضائيات الغربية بمهارة احترافية
الأجوبة الإعلامية «المُسبقة الصنع»!
كشف إعدام المملكة العربية السعودية ٤٧ إرهابياً، مطلع هذا الأسبوع، مقدار التحيز والتزييف الذي تضخه بعض المؤسسات الحقوقية والفضائيات الغربية بمهارة احترافية. يتم ذلك من خلال صنع مائدة إعلامية مكونة من أجوبة مسبقة الصنع محاطة بتوابل من الأسئلة الفاتحة لشهية الاستماع والانخداع من لدن المشاهد الجائع للمعلومة.
انطلقت الفضائيات العالمية عقب الحدث لتصنع تغطية طائفية / نفعية بامتياز، تجرّ أحكام القصاص إلى تفسيرات طائفية، متناسية المسوغات الجنائية والأمنية للأحكام الشرعية. فعلت ذلك وهي التي كانت دوماً تنادي باجتثاث الإرهاب من جذوره، حتى قبل أن يُورق، فكيف به وقد أورق بل وأثمر في المدن السعودية عمليات عنف يعرفها الخارج قبل الداخل.
لا يلتفت الغرب، المسكون بهاجس متحيز لحقوق الإنسان، إلى ما تصنعه الحكومة الإيرانية كل يوم من استخدام رافعات البناء في هدم حياة أناس وإعدامهم، من دون محاكمة أو بمحاكمة صورية.
تتعاطف المؤسسات والفضائيات الغربية ضد قتل من تسميهم سجناء رأي، وهي تعرف نوع الرأي الذي يحملونه، أكثر من تعاطفها ضد قتل آلاف ممن لا رأي لهم البتة من أطفال وعجائز سورية والعراق الذين تقصفهم طائرات الدول (المتقدمة) من دون حسيب حقوقي أو رقيب إعلامي يليق ببشاعة الهمجية اليومية.
الإعلام الغربي يدافع عن حقوق سجين الرأي السعودي نمر النمر، وهو يعلم نوع الآراء التي كان يحرّض بها النمر شباب الأحياء الملتهبة في المنطقة، لكنه لا يأبه مثلاً لسجين الرأي السعودي في الولايات المتحدة حميدان التركي، الذي لم يُمسَك عليه مقطع تحريضي واحد، فلُفّقت عليه تهمة التحرش بخادمة كي يُحكم عليه بالسجن مدى الحياة!
أما التهم الجماعية ضد سجناء غوانتانامو فلا أحد من هذه المؤسسات الحقوقية والفضائيات «النزيهة» سيتطوع بالتنبيش في ماهيّة الاتهامات لكل إنسان هناك، ومسوغات إبقائه في تلك الحياة الافتراضية من دون زمنٍ معلوم؟!
كانوا، كلما ضربت يدُ الإرهاب الآمنين في الشرق أو الغرب، يتهمون السعودية بأنها تمول الإرهابيين بفكر العنف والتطرف، وحين وقفت السعودية الآن ضد المحرضين على الإرهاب اتهموها بالعنف أيضاً!
هدفهم ليس الدفاع عن النمر بل الهجوم على السعودية.
تعرّت هذه الازدواجية في المعايير الإعلامية أكثر فأكثر حين قررت السعودية قطع علاقاتها مع إيران، بعد الاعتداءات الهوجاء ضد سفارتها في طهران وبعد صبرٍ طويل على تدخلاتها السرطانية في المنطقة. إذ بدت الفضائيات الغربية وهي تحلل القرار السعودي، تتحدث عن (الشيطان الأكبر سابقاً) وكأنها تتحدث عن ملاكٍ طاهر يوزع الحلوى ويزرع الورود في الخليج؟!
لماذا تراخت سكاكين الإعلام الغربي على إيران، بعد أربعة عقود من السلخ؟!
إنها المصالح والأخلاق النفعية التي تدير هذا العالم، وتتحكم في شيطنة من تشاء وتبرئة من تشاء، وفق دورة المنافع التي لا تحكمها الأخلاق، بل هي التي تحكم الأخلاق وتتحكم بها.
العالم الذي تقوده المنافع لا يُشغل نفسه بإحقاق الحق، بل يشتغل على إحقاق الباطل.
* ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الحياة وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة