التاريخ الإيراني المعاصر يحفل بالعديد من النماذج التي تؤكد الدور الخطير الذي تلعبه طهران في المنطقة.
لم تتوقف محاولات إيران عبر تاريخها للسيطرة على منطقة الخليج العربي، وتتابعت المحاولات تلو بعضها بأشكال وأنماط مختلفة، منها الحروب الصريحة ومنها التهديد ومنها التخريب من الداخل من خلال تمويل تجمعات وتنظيمات إرهابية لزعزعة استقرار منطقة الخليج والدول العربية بشكل عام.
ويحفل التاريخ الإيراني المعاصر مع قيام ما يسمى بالثورة الإسلامية بالعديد من النماذج التي تؤكد الدور الخطير الذي تلعبه اليوم في سعيها المستمر لخلق مايشبه التوازن ليس مع أحد وإنما مع ذاتها فقط، ما يعكس معاناة طهران من عقدة نقص تشكلت عبر الزمن بعد هزائم متتالية منيت بها في مواجهاتها مع العرب، لتبدأ جمهورية "الخامنئي" وبعد عقود من انقضاء قدرتها على القتال أو الحرب المباشرة، باللعب بمقدرات الشعوب العربية، والعبث بأمن واستقرار المنطقة.
تتعالى صرخات التهديد والوعيد في كل المناسبات الرسمية والشعبية في إيران، ولا تكاد تمر مناسبة أو يفوت قادتها ومتعصبوها محفلا، إلا ويمررون عبره ما قد حفظه الشعب الإيراني كافة، من ما غدا محاولة لاستعادة المجد الفارسي الغابر، وتوجيه سيل من التهديدات لدول العالم القريبة والبعيدة.
إيران اليوم، وهي الدمية التي لطالما سعا الغرب لتصويرها على أنها خطر محدق بالمنطقة، سقطت عنها ورقة التوت الأخيرة، وسط متغيرات لم يكن ليراها أحكم حكمائهم في أحلامه، بعد ما حملت دول الخليج العربي زمام المبادرة، وقامت بما لم تتوقع إيران والعالم بالقيام به، حيث تصدت بقوة ووحدة ليس لهما مثيل لأحد أخطر مخططات إيران بالمنطقة متمثلة بالحوثيين في اليمن.
فبعد أن كشفت مسرحية حزب الله اللبناني وكونه الذراع السوداء لإيران في المنطقة، ودوره القبيح في الأزمة السورية، وتشكيلاته التي زرعها بالتعاون والتنسيق مع طهران في بعض الدول العربية، أصبحت إيران تبحث عن مجموعة أخرى توظفها لزعزعة أمن المنطقة، فجل ما تستطيع فعله لا يتعدى توظيف مرتزقة وتزويدهم بمشروع إرهابي على غرار حزب الله والحوثيين، ومدهم بقليل من السلاح مع الدعم الإعلامي اللازم لنشر أفكارهم الهدامة والتخريبية، فهي دولة تعجز عن المجابهة حتى في أحلام قادتها.
إلا أن الرد الحاسم الذي صدم الإيرانيين جاء من دول الخليج العربي، وهي التي ضاقت ذرعا بتدخلات إيران في منطقتهم، ومراوغاتها ودسها المستمر للسموم في أرضهم، فهبت قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية للوقوف في وجه مسلسل التخريب القذر الذي تقوده دولة تعيش على خراب المنطقة العربية.
إيران اليوم وهي الدمية التي لا تقدر على فعل شيء، تحاول بكل ماتستطيع ترقيع الصورة القديمة التي روج لها الإعلام الغربي على مدى عقود، صورة الوحش الذي لا يستطيع أحد مجابهته، من خلال محاولاتها للحصول على دور في أي حركة سياسية في المنطقة، بل أخذت تستجدي ولو دورا صغيرا في حل الأزمة السورية، وهي التي طالت بسبب تدخلها السلبي فيها، وبعد أن انكشفت عورتها كقرص الشمس، حاولت الاصطياد في الماء العكر، متدخلة في شؤون دول المنطقة، لكن مجددا يرتد السحر على الساحر، لتجد من كل دول العالم نبذا ملحوظا، بعد "استنكارها" الوقح لإعدام المملكة العربية السعودية عددا من الإرهابيين المدانين، ليبدو من جديد أن هذه الدولة لا تتحرك إلى على أسس طائفية مكشوفة.
دولة ما يسمى بالثورة الإسلامية، لا تتعدى اليوم كونها كيانا يقوده مجموعة من أصحاب الفكر المتطرف، العاجزين عن فعل أي شيء لشعبهم، يتغذون على إشعال نار الصراعات والتخريب في الدول العربية، فهي ليست قادرة إلا على تمويل جماعة هنا وشراء ذمم هناك، ومد مرتزقتها على غرار حزب الله والحوثيين بكميات من السلاح، وأقصى أمنياتهم هو تمكنهم من زرع شبكات تخريبية في دولة عربية، تقوم بتحريكها وقت ما شاءت، لتبدو وكأنها المسيطرة، لكن الحقيقة هي أن ذلك كله، ليس سوى مرآة تعكس حالة العجز التي تعاني منها إيران وسط التقدم والتطور الهائل الذي تنعم به دول الضفة الجنوبية للخليج العربي.
وما إن تعلوا صرخات الاستغاثة من الشعب الإيراني المنكوب والبائس، ومطالبتهم بأبسط حقوقهم للعيش برخاء واستقرار، إلا وتبدأ القيادة الإيرانية بإعطاء الأوامر لمرتزقتها وأتباعها في العالم ببدء أعمال التخريب، في محاولة يائسة للتغطية على حالة البؤس التي يعيشها شعبها، بالتوازي مع تدخلات سافرة للعبث في شؤون المنطقة.
وفي عالم أصبح فيه كل شيء متاحا ومتوفرا، يبدو أن القيادة الإيرانية تعيش في كوكب آخر لم تصل إليه أخبار العالم الآن، فنحن في عصر جديد وعهد يقوده حلف عتيد، يقف بقوة أمام كل من يروم الأذى للمنطقة وأهلها، لم يعد من مكان للدمى ولا مكان لسماع الأعذار، بل هناك رد حاسم وجازم على كل من تسول له نفسه العبث في مقدرات المنطقة وشعوبها.
وفي الختام نقول لإيران كفى لعبا بالنار، فما جاءك منها يكاد لا يذكر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة