أكد تقرير لجنة تقصي الحقائق حول حجم الفساد عدمَ صحة المزاعم بأن حجم الفساد في 2015 بلغ 600 مليار جنيه.
كشف تقرير اللجنة الرئاسية لتقصي الحقائق في وقائع الفساد، التي شكلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتحقيق في مزاعم وجود فساد قدر بقيمة 600 مليار جنيه مصري خلال عام 2015، اليوم الثلاثاء، عن وجود تضخيم وتضليل للرأي العام في قيمة هذا المبلغ، فيما قرر الرئيس السيسي إرسال التقرير إلى مجلس النواب.
كان الرئيس السيسي قد أصدر في مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي قرارا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الفساد، برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، محمد عرفان، عقب التصريحات التي أدلى بها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة حول وجود فساد بقيمة 600 مليار جنيه فقط في الدولة خلال عام 2015.
وطالبت لجنة تقصي الحقائق الجهاز المركزي للمحاسبات بإرسال بياناته ومعلوماته حول حجم الفساد، فأعد دراسة بذلك تم تفنديها في هذا التقرير والرد عليها.
وأكدت اللجنة في تقريرها وجود "تضليل للرأي العام المصري وتضخيم في قيمة ما سمى بالفساد، وذلك بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة".
وقالت اللجنة: إنه "تم احتساب مبلغ 174 مليار جنيه كإهدار مالي في التعدي على مدينة السادات شمالي القاهرة، ولم يورد التقرير ما قامت به أجهزة الدولة بإزالة هذه التعديات بالكامل في العام 2015".
وأكد نص تقرير اللجنة الرئاسية الذى يتكون من 7 صفحات ووصل "العين" نسخة منه، أن الدراسة التي أعدها الجهاز المركزي للمحاسبات تفتقد المصداقية لأنها "قامت بترتيب وتجميع وقائع حدث أغلبها منذ عشرات السنين، وإثبات استمرارها دون تصويب كذريعة لإدارجها المُغرض من تقرير 2015".
وكان من بين هذه الوقائع التي تضمنتها الدراسة وجود واقعة تعدٍّ على أراض مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية ومخالفات مبان تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان المصرية منذ عام 1979.
وأشارت اللجنة الرئاسية إلى أن جنينة عمد إلى إغفال ما تم اتخاذه من إجراءات حكومية حيال بعض الملاحظات التي تم إثباتها في بعض تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات المصري خلال بعض الأعوام الماضية، مؤكداً أنه "تم الرد على هذه الملاحظات وإحالة أغلبها للنيابة العامة المصرية لتولى التحقيق فيها".
وأكد التقرير أنه "تم إساءة توظيف الأرقام والسياسيات، مما قد يظهر الإيجابيات بشكل سلبى، حيث اعتبرت الدراسة تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب في قطاع البترول المصري لاعتبارات اقتصادية صعبة تمر بها البلاد على أنها فساد".
وقالت اللجنة الرئاسية إن "الدراسة التي أعدها الجهاز تم صياغتها بمعاونة جهات أجنبية، مما قد يضر بالمناخ الاقتصادي والسياسي بمصر في وقت تسعي فيه البلاد إلى جذب الاستثمارات وتنمية الاقتصاد.
وأكدت اللجنة في تقريرها إلى أنها عرضت الأمر على الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذى بدوره قرر إرسالها إلى رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال مع تكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس الوزراء المصري إسماعيل شريف بالتحقيق في هذه الوقائع، والتأكد من اتخاذ كافة الإجراءات القانونية، فيما أورده الجهاز المركزي للمحاسبات".
من جهته، قال المتحدث باسم الجهاز المركزي للمحاسبات أسامة المراغي: إن الجهاز يحتفظ بحق الرد على تقرير لجنة تقصي الحقائق الذى اعترض على أرقام الفساد التي أصدرها الجهاز.
وأضاف في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء أن المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سيقوم بالرد على كل ما تضمنه تقرير لجنة تقصى الحقائق بعد انتهاء احتفالات مصر بثورة 25 يناير وأعياد الشرطة.
وأوضح أن السبب في تأخر الرد هو "حتى لا يتم إثارة القلاقل وزعزعة استقرار البلاد" ، مضيفا أن "القول بأن التقرير تضمن أرقاما قديمة لا يمكن أن يغفلها الجهاز، فكافة تقارير الجهاز تعطي ملاحظات، وفى حالة عدم تصويب تلك الملاحظات يتم ذكرها في تقارير السنة التالية".
منه جانبه، قال محمد عثمان، نقيب محامي شمال القاهرة، لـ"العين": إن أي وقائع فساد استطاع الجهاز المركزي للمحاسبات رصدها لا بد أن يتقدم بها بلاغات، وليس محلها التصريحات الصحفية.
وأضاف عثمان أن ملحوظات "المركزي للحاسبات" على مؤسسات الدولة هي مجرد رأي يحتمل الصواب والخطأ، وتختلف عن الجرائم التي تحتاج وجود أدلة، وتابع "هناك فرق بين الملاحظات وبين الوقائع التي تستد إلى أوراق ومستندات، والحالة الثانية تستلزم توجيه بلاغات بها للنائب العام للتحقيق فيها".
ويُشتَرَط لإدانة المستشار هشام جنينة، بحسب عثمان، أن يتوافر لديه سوء القصد فيما صرح به، أما إن كان يُصرَّح من أجل إصلاح الاعوجاج فهذا لا يُعد جريمة.
وقال: "علينا الأخذ في الاعتبار أنه مسؤول في جهاز حساس، وعليه تقدير عواقب تصريحاته، خصوصا أنه لديه أدوات تمكنه من مواجهة الفساد باعتباره جهة رقابية مُعتَبَرة قانونا، ويجوز له أن يتخذ من الإجراءات ما يواجه به الفساد، وعدم اتخاذ خطوات قانونية تجاه الفساد معناه تستُّر عليه".
وعن الأخطاء التي ذكرها تقرير لجنة تقصي الحقائق عن تصريحات جنينة، قال عثمان: إن جميع ما ورد عبارات إنشائية لا تدلل على وجود جريمة جنائية تستوجب العقاب، مضيفا أنه لا يوجد في القانون جرائم بالمسميات التي جاءت في تقرير اللجنة، سواء التضخيم أو فقدان المصداقية، أو إساءة توظيف الأرقام، أو إساءة استخدام كلمة الفساد، موضحا أن هذا الكلام سياسي وليس قانونيا، ومطاط ويحمل كثيرا من المعاني.
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز