الخطوة الرسمية الأولى تمت في بغداد لاستئناف علاقات دبلوماسية مقطوعة بتقديم نسخة من أوراق اعتماد سفير السعودية لوزير الخارجية العراقي
الخطوة الرسمية الأولى تمت اليوم في بغداد لاستئناف علاقات دبلوماسية مقطوعة مع الرياض منذ 25 عامًا، بتقديم نسخة من أوراق اعتماد سفير السعودية ثامر السبهان لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، وتبدو فرصة لتذويب جليد العلاقات المتراكم بعد أيام من قرار جامعة الدول العربية الذي أدان اعتداء إيران على البعثة السعودية قبله العراق تحقيقًا لإجماع عربي.
السفير الأمريكي لدى العراق ستيوارت جونز لم يكن بعيدًا عن المشهد وإن كان تلميحًا؛ حيث امتدح -في تصريحات للصحفيين بمقر السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء، وسط بغداد، اليوم الخميس- سلوك حكومة ووزير الخارجية العراق المبادر لاحتواء التوتر ما بين السعودية وإيران، ووصفه بأنه "موقف مسؤول للقيادة في بغداد".
وكشف الجعفري -خلال تسلمه نسخة من أوراق اعتماد السفير السعودي ثامر السبهان- عن أنه سيزور الرياض قريبًا، لبحث تفعيل التعاون ومواجهة المخاطر المشتركة والقضاء على بؤر التوتر التي من شأنها التأثير في أمن واستقرار المنطقة.
وبحث الجعفري مع السبهان سبل تعزيز العلاقات بين بغداد والرياض بما يحقق تطلعات الشعبين، وناقشا جهود العراق لتهدئة الأوضاع وتخفيف التوتر بين الرياض وطهران، متمنيًا النجاح للسبهان والبعثة الدبلوماسية بالعراق.
من جانبه، قال السفير السعودي: إن المملكة تؤمن بضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة العراق، وإن وحدة وقوة الشيعة والسنة والكرد هي قوة للعراق والمنطقة، وإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أكد ضرورة الحضور الفاعل للسفارة، والعمل إلى جانب الحكومة العراقية باعتبار العراق ركنًا من أركان العالم العربي والإسلامي، وزاوية من زوايا الأمن والاستقرار في المنطقة.. وأعرب عن التطلع إلى أن تشهد المرحلة المقبلة تفعيل العلاقات بين بغداد والرياض في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
فرصة للأمام
ووصف المحلل السياسي العراقي المتخصص بالعلاقات الدولية واثق الهاشمي فتح سفارة سعودية في بغداد بعد عشر سنوات من الجهود الدبلوماسية العراقية بأنه "خطوة للأمام" لاستعادة علاقات تراكم عليها جليد طال الجانبين الرسمي والشعبي، وقال: إن وجود الحوار يمكن الجانبين من تجاوز عقبات ومشكلات سابقة، واستدرك "لكن هناك معوقات في ظل حالة التصعيد الطائفي والإعلان عن التحالف الإسلامي ضد الإرهاب دون التشاور مع العراق الذي يحارب داعش".
وتابع: بعد عشر سنوات من المحاولات العراقية وعلى قاعدة أن المصالح المشتركة هي الحاكمة لبوصلة العلاقات اتخذ الجانب العراقي قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية، رغم رفض تيار سياسي بالعراق، وبغداد الرسمية حسمت الأمر نحو التقارب العربي، شجعه الموقفين السعودي والقطري الداعم للعراق في الجامعة العربية التي أدانت التدخل العسكري التركي الذي اخترق السيادة الوطنية العراقية، وأكدت بالإجماع دعم الموقف العراقي وهو الأمر الذي كان مفاجأة سارة للعراق لم يتوقعها.
واعتبر أن الموقف العراقي بالجامعة العربية من قرار إدانة إيران أسهم في صعود اتجاه "الإجماع العربي"، وإن رفضت وساطة العراق مع إيران قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة.
وألمح الهاشمي إلى أن حالة "ترطيب الأجواء" السياسية تبدو في أفق علاقات البلدين، فعندما استقبل خادم الحرمين الشريفين السفير العراقي الجديد في الرياض أكد دعمه للعراق وسيادته، والزيارة المرتقبة للجعفري للسعودية التي يجري الترتيب لها تصب في هذا الاتجاه .. وقال: إن الأفق تلوح به فرصة أكثر منها إمكانية لتطبيع العلاقات بين البلدين وتطويرها على نحو ايجابي وهذا يعتمد على حل المشكلات التي طرأت والتلاقي وفق أسس المصلحة المشتركة".
وكان الجعفري أكد ضرورة فتح صفحة جديدة من العلاقات بين العراق والسعودية مع تطور الأحداث في المنطقة، وقال الجعفري -في تصريح صحفي عقب ختام القمّة العربية ودول أمريكا اللاتينية بالرياض نوفمبر الماضي-: إن الملك سلمان بن عبد العزيز ركـز خلال لقائه مع الرئيس العراقي فؤاد معصوم على العلاقات العراقية-السعودية، والتي وصفها بأنـها "ذات بعد تاريخي".
يذكر أن تيارا سياسيا تقوده كتلة "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي كانت قد طلبت التريث في التصديق على أوراق اعتماد السفير السعودي في بغداد.. إلا أن حكومة حيدر العبادي قررت المضي قدمًا نحو تطوير العلاقات مع المملكة.
وكان السفير السعودي وصل بغداد في 30 ديسمبر الماضي، وقال في تغريدة على صفحته على "تويتر": اللهم إني أستودعك أهلي وقيادتي ووطني وأبناء وطني قبلة الإسلام ومنبع العروبة والأصالة، باتجاه العراق بمكوناته كلها ونمد أيدينا للمشاركة.. وأن وفدًا سعوديًّا برئاسة عبد الرحمن الشهري، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية السعودية زار بغداد في يناير 2015م لبحث الترتيبات والإجراءات اللازمة لإعادة فتح السفارة السعودية التي أغلقت عام 1990، عقب الغزو العراقي للكويت، وفتح قنصلية عامة للسعودية في أربيل بكردستان العراق.