فلسطين .. نجاح حملة إعمار منزل شهيد تقود لإنشاء صندوق وطني لدعم المتضررين
دفع نجاح الحملة لمساعدة عائلة الشهيد مهند الحلبي، بعد هدم الاحتلال منزلها، إلى التحضير لإطلاق صندوق وطني لمساعدة المتضررين.
دفع نجاح الحملة الشعبية لمساعدة عائلة الشهيد مهند الحلبي، بعد هدم الاحتلال الإسرائيلي منزلها في رام الله وسط الضفة الغربية، في جمع مبالغ مالية كبيرة وإحداث حالة تضامن شعبية واسعة، إلى التحضير لإطلاق صندوق وطني لمساعدة المتضررين من سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلي بما يشكل رسالة حاسمة للاحتلال بعدم جدوى تلك السياسة في ظل الاحتضان الشعبي الواسع لذوي منفذي العمليات الفدائية.
وأعلنت الحملة خلال مؤتمر صحفي، اليوم الأحد، أنها جمعت خلال 6 أيام من الحملة -انتهت أمس السبت- (163) نقدًا، بالإضافة إلى قطعة أرض لإنشاء البيت عليها، فضلًا عن تبرع عشرات التجار بمواد عينية للبناء.
وقال رئيس بلدية سردا شمال مدينة رام الله ، إن البلدية خصصت قطعة أرض لإعادة بناء البيت، فيما سيتم إعادة تأهيل الأرض التي هدم عليها منزل مهند الحلبي لتتحول إلى حديقة وطنية باسمه بعد أن منعت قوات الاحتلال إعادة البناء في المكان نفسه.
كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد هدمت في التاسع من الشهر الجاري منزل عائلة الحلبي، الواقع في بلدة سردا، ضمن سياسة العقاب الجماعي بعد تنفيذ نجلها "مهند" أول عملية طعن في الانتفاضة الحالية، أسفرت عن مقتل اثنين من المستوطنين، وإصابة آخرين في الثالث من شهر أكتوبر الماضي، وبذلك بعد مفجر ثورة السكاكين الحالية.
تجسيد الوحدة:
وقال منسق الحملة، مرسي أبو غويلة، إن الحملة التي انطلقت من منزل الشهيد الحلبي "جسدت الوحدة الوطنية، حيث عمل الجميع تحت مظلة العلم الفلسطيني".
وأضاف: أن "عشرات من الصور التي تجسدت أمام الصندوق من قصص تجسد اللحمة الوطنية، والتي تؤكد أن دم الشهداء هو من يرتقي بنا نحو الصمود أمام ممارسات الاحتلال".
ولفت إلى أن أبرز هذه الصور هي تبرع أهالي الشهداء للحملة على رأسهم والد الشهيد بهاء عليان، ووالدة الشهيد محمد علي، ووالد الشهيد عيسى عساف وعنان أبو حبيسة.
وشكر أبو غويلة القائمين على الحملة وكل من ساهم من مؤسسات خاصة وخدماتية في إنجاحها من أجل توفير مكان للاجتماع والتبرع بأدوات البناء ومواده والرسومات الهندسية.
وقال القائمون على الحملة إن الحملة لا تزال مستمرة بشكل فردي ضمن شروط الحملة، على أن يتم المباشرة بالعمل في أقرب وقت ممكن.
مهند في ذاكرة الشعب:
من جهته، عبَّر شفيق الحلبي والد مهند، عن اعتزازه وفخره بهذا الالتفاف الشعبي، قائلًا: "أرادوا من هدم منزلي أن يمسحوا ذكريات مهند خشية من تلك الروح الوطنية، فإذا بالشعب يهب ليقول إن مهند يعيش في ذاكرة الشعب الجمعية".
وأضاف لـ"بوابة العين"، "ظن الاحتلال أن نسف المنزل سيفت من عضد عائلة مهند، لكننا اليوم نقول بعد هذا المشهد الملحمي: "إن نسف المنازل يزيد وقود وطنيتنا" نخرج من منازل أشد صمودًا وأكثر قوة.
وأشار إلى أن الشعب أثبت بالدليل أنه "معطاء"، وقال: "شعب ضحى بالروح والنفس قبل أن يضحي بماله يثبت للعالم أنه يبحث عن الحياة لأبنائه، ويثبت أن الشعب جسد واحد".
صندوق وطني:
ويؤكد عبد الكريم أبو عرقوب الناطق الإعلامي باسم الحملة الشعبية لمساندة أسرة الشهيد مهند الحلبي، لـ"بوابة العين"، أن ما تم جمعه يفوق التوقعات، ويؤسس لمرحلة جديدة من العمل الطوعي في مواجهة سياسة العقاب الإسرائيلية.
ولفت إلى أن الحملة "وضعت صندوقًا وسط رام الله وأعلنت عن فتح حملة التبرع طوال أسبوع لإعادة بناء المنزل عائلة الحلبي، فإذا بآلاف الفلسطينيين من شتى الفئات والمناطق يتجاوبون بما شكل فسيفساء فلسطينية بامتياز تستحق الفخر".
وأكد أن التبرعات كانت مالية، وعينية، وحلى ذهبية، معلنًا أن البدء في البناء سيكون قريبًا جدًّا.
ودفع نجاح الحملة القائمين عليها للتفكير بإنشاء صندوق وطني لإسناد العائلات المتضررة.
وقال أبو عرقوب: "نتطلع إلى تأسيس صندوق على مستوى المحافظات كلها، يقف إلى جانب العائلات المتضررة من سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال".
وشدد على أن هذا النجاح يوصل رسالة حاسمة للاحتلال بعدم جدوى سياسة العقاب الجماعي لمنفذي العمليات في ظل الاحتضان الشعبي الواسع لهم.
ترميم التصدعات:
من جهته، أكد أسامة الفرا عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن الحملة الشعبية لمساندة أسرة الشهيد مهند الحلبي، أكدت أن محتوى الحملة والتجاوب معها يتجاوز بكثير نتائجها الرقمية "رغم أهميتها".
وقال الفرا لـ"بوابة العين": إن الحملة "أعادت لنا صورة جميلة غابت عنا في السنوات الأخيرة"، مشددًا على أنها "تعيد ترميم التصدعات التي أصابت بنيتنا المجتمعية المتعلقة بالتكاتف والتعاضد والتلاحم بين فئات مجتمعنا المختلفة".
وأضاف: أنها "تعيد إنتاج لوحة للسلوك الحقيقي لشعبنا بعيدًا عن الصورة المشوهة التي صاحبت الانقسام وتداعياته".
ولفت إلى أن الحملة حملت الطابع الشعبي برحابته "لتتجاوز به محددات وقيود العمل الحزبي"، منوهًا بأن "هذا العمل المشرق للحملة الشعبية أعاد أمامنا شريطًا من الانتفاضة الأولى، تلك المرحلة التي ذخرت تفاصيلها اليومية بالعديد من صور التلاحم الشعبي التي عززت كثيرًا من صمود شعبنا في وجه غطرسة الاحتلال".
وشدد على أهمية استعادة روح التكاتف والتلاحم التي لا توفرها الخطابات بقدر ما تجسدها الممارسة، بما يعضد اللحمة الوطنية والاصطفاف الداخلي في مواجهة إرهاب الاحتلال ومستوطنيه.
aXA6IDE4LjIyMi41Ni43MSA= جزيرة ام اند امز