تونس تهدأ .. اعتراف بالتقصير مع الشباب ودعوات إلى خطة إنقاذ
رويدًا رويدًا، تحاول تونس أن تعود إلى الهدوء بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها في عديد من مدنها احتجاجا على البطالة.
عاد الهدوء إلى أغلب المدن التونسية، وانسحب الشباب المتظاهر من الساحات العامة، بعد تحركات اجتماعية تطالب بالتشغيل ومكافحة الفقر بدأت سلمية وتطورت إلى أعمال عنف ومواجهات عنيفة مع قوات الأمن شملت العاصمة تونس والأحياء الفقيرة حولها.
ووقعت بالأمس مواجهات جديدة بين قوات الأمن وعشرات من الشباب العاطل عن العمل في محافظة سيدي بوزيد -التي انفجرت فيها قبل 5 أعوام الانتفاضة الاجتماعية- بالرغم من إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول ليلًا.
وبعد أن وجه الرئيس التونسي تطمينات للشعب التونسي حول قوة المؤسستين العسكرية والأمنية، وحول فرص إنجاح "الانتقال الديمقراطي السلمي"، عقد مجلس الوزراء اجتماعًا طارئًا، صباح السبت، أعلن الحبيب الصيد رئيس الحكومة في أعقابه أن "الوضع الأمني تحسن"، وأنه "تحت السيطرة"، وطالب من جميع التونسيين التعاون مع الدولة لوقف العنف وإنجاح سياسات التنمية التي تتعثر منذ أعوام بسبب الاضطرابات وكثرة الملفات المفتوحة وقلة موارد الدولة.
كما أعلن عن الإبقاء على اجتماع مجلس الوزراء وأنه "في انعقاد دائم".
في الكواليس:
وتعاقبت في الكواليس لقاءات قيادات الأحزاب الأربعة الكبرى المشاركة في الائتلاف الحكومي "بهدف بلورة خطة استعجالية لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وعلى رأسها ملف الـ700 ألف عاطل عن العمل".
كما تعاقبت لقاءات قيادة اتحاد نقابة العمال بزعماء الأحزاب السياسية والمجتمع المدني؛ لحثِّها على "إنجاح النموذج التونسي للانتقال الديمقراطي السلمي".
وتكشف كل لقاءات "الكواليس" أن زعماء النقابات العمالية ومنظمات التجار والصناعيين والفلاحين توافقت مع قيادات الحزب الحاكم -نداء تونس- وحلفائه بزعامة حزب النهضة على "إجهاض محاولات المخربين إسقاط الحكومة وإرباك البلاد والإطاحة بنموذج التوافق بين العلمانيين والليبراليين واليسار المعتدل والإسلاميين" على حد تعبير الوزير السابق للعدل وعضو البرلمان حاليًّا نور الدين البحيري.
إيقافات ومخاطر:
من جهة أخرى، أورد القاضي وليد القويني الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، أن الوحدات الأمنية "تمكنت خلال اليومين الماضيين من إيقاف 423 مشتبهًا بالتورط في العنف ومخالفة القوانين، من بينهم 261 تم إيقافهم مساء الجمعة قبل ساعات من إعلان حظر التجول"، وأعلن أن كل الموقوفين سيحالون للقضاء".
وكشف وليد الوقيني أن الأبحاث الأمنية أثبتت "تورط العديد من الأطراف السياسية -دون تسميتها- في أحداث العنف والتخريب والاعتداءات التي شهدتها البلاد، من بينهم عدد من المهربين بهدف إحداث التفرقة والشرخ العميق بين المؤسستين الأمنية والعسكرية".
وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية "وجود إثباتات وشهادات من المواطنين ضد الموقوفين والمتهمين والمهربين".
مهربون وإرهابيون:
واتهم الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، المتهمين بكونهم "أرادوا المساس بالنقاط الأمنية والقمرقية الحدودية لتكسير القاعدة الأمامية لقوات الأمن والجيش التي استماتت في مواجهة المهربين وغيرهم من المخربين"، معتبرًا أن هذه الأطراف عملت على إفساد وتخريب "قيم نبيلة اكتسبها التونسيون إبان ثورة يناير 2011 وهي حق التظاهر السلمي".
وتعليقًا على سؤال حول وجود تهديدات لتونس مصدرها مجموعات إرهابية مثل القاعدة وداعش، أعلن الناطق الرسمي لوزارة الداخلية أن "التدوينات التي نشرت على تويتر هي لتنظيم القاعدة، أما الفيديو الذي هاجم الرئيس التونسي وحكومة الحبيب الصيد وحزبي النهضة والنداء، فيعود لتنظيم داعش الإرهابي".
اعترافات:
لكن كل الوزراء والمسؤولين في البرلمان والدولة أقروا بعد عودة الهدوء إلى البلاد بكون "الاحتجاجات الشبابية السلمية مشروعة بسبب تعثر جهود الحكومات المتعاقبة على تونس منذ 5 أعوام في معالجة المشاكل الحقيقية للشباب والجهات المهمشة مثل البطالة والفقر والخدمات الطبية والاجتماعية وأزمة التعليم وانسداد الآفاق".
وقد أقرَّ رئيس الحكومة الحبيب الصيد في مؤتمر صحفي صباح السبت، بوجود "صعوبات كبيرة ومشاكل أساسية وجوهرية على الحكومة التفرغ لمعالجتها".
في الأثناء تتابع المعارضة -وخاصة حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي- الدعوة إلى "عقد مؤتمر وطني للإنقاذ".
في المقابل تتابع المعارضة "الوسطية" وشخصيات سياسية من رموز النظام السابق في عهد بن علي -مثل وزير الخارجية والدفاع سابقًا كمال مرجان- الدعوة إلى "تشكيل حكومة إنقاذ وطني".
aXA6IDMuMTQ0LjQ1LjE4NyA=
جزيرة ام اند امز