النفط يتجه لـ20 دولارًا.. وخبراء: تنويع الاقتصاد هو الحل
النفط، وانهيار أسعاره المتواصلة، يمثل تحديًا كبيرًا أمام توقعات الخبراء الذين أكَّدوا نزوله لـ20 دولارًا للبرميل.
النفط، وانهيار أسعاره المتواصلة، تمثل تحديًا كبيرًا أمام توقعات الخبراء الذين أكَّدوا نزوله لـ20 دولارًا للبرميل.
يقول المحلل الاقتصادي محمد العنقري لـ"بوابة العين": "لا يمكن التوقع إلى أين يتجه سعر النفط، رغم أنَّ أغلب التوقعات تراوح حول الـ20 دولارًا، والمملكة ومجموعة أوبك أخذت قرارها أنَّ السياسة النفطية هي للحفاظ على الأسواق والحصص فيها، كون الأسعار يعالجها نمو الطلب مستقبلاً، على اعتبار أنَّ الاقتصاد العالمي يمر بتحول كبير أدى لاتجاه تصحيحي للأسعار، بعد سحب خطط التحفيز والإنقاذ في أمريكا تحديدًا، بخلاف تباطؤ النمو بالصين وركود أوروبا الذي يتعافى ببطء، بينما بعد أن يبدأ التعافي بالاقتصاد العالمي، فالأسعار ستتحسن، ولكن عندها سيكون من يملك حصصًا بالأسواق هو الأكثر استفادة، خصوصًا للموردين الموثوقين كالسعودية".
عن البدائل التي يبحث عنها الدول المصدرة للنفط، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، فيوضح العنقري "أنَّ البدائل مطلوبة في كلِّ الأوقات، سواء كان النفط مرتفعًا أو منخفضًا، من خلال تنويع الاقتصاد، والتخصص بمجالات إضافية، كالتعدين والصناعات التحويلية، وزيادة الصادرات غير البترولية، وتحسين المالية العامة".
بينما أشار العنقري إلى أنَّ النفط الصخري برز تأثيره من حيث زيادة كمياته، لكن كتكلفة؛ ما زال بعيدًا عن تكلفة نفط الخليج، و"أوبك" عمومًا، والأهم هو عودة النمو للاقتصاد العالمي الذي سيستوعب أي زيادة بالإنتاج".
الأسعار مرشحة للانخفاض
أمَّا المحلل الاقتصادي الدكتور فضل بن سعد البوعينين فيقول عن توقعاته لسعر برميل النفط: "هناك سيناريوهات مختلفة لما ستؤول له أسعار النفط مستقبلاً؛ وإن كانت تتفق جميعًا في نظرتها التشاؤمية تجاه الأسعار، وأعتقد أنَّ أسعار النفط مرشحة لانخفاضات أكثر حدة إذا ما استمر حجم الإنتاج الحالي على ما هو عليه دون تغيير، الفائض الكبير في المعروض النفطي يدعم توقع انخفاض الأسعار بشكل أكبر خلال العام الحالي، برغم توقعات تقلص الفائض في النصف الثاني من العام الحالي، إلا أنني أعتقد استحالة هذا الأمر؛ إلا أن تتعرض أي من الدول المنتجة لمشكلات تتسبب في انخفاض حاد في إنتاجها، أو تتوصل الدول المنتجة لاتفاقية خفض الإنتاج لدعم الأسعار، وهذا يمكن أن يحدث قريبًا بعد أن وصلت الأسعار مرحلة "كسر العظم".
وعن إصرار السعودية على عدم تقليل إنتاج النفط لاستعادة الأسعار على ما كانت عليه، فيقول: "لم تكن السعودية ضد فكرة خفض الإنتاج وفق مساهمة عادلة من جميع المنتجين؛ بل كانت أول المطالبين بالاتفاق حول حجم إنتاج يسهم في دعم الأسعار، شريطة أن يساهم جميع المنتجين في أوبك وخارجها بخفض الإنتاج، اعتراض السعودية ارتكز على عدم قبولها أن تتحمل عبء خفض إنتاجها في الوقت الذي تحتفظ فيه الدول الرئيسة الأخرى بحصتها كاملة دون تخفيض، برغم اتهامات روسيا وإيران للسعودية برفضها فكرة الخفض إلا أنهما كانتا أول المعارضين لخفض الإنتاج وفق اتفاق يشمل الجميع، لذا نقول: إنَّ السعودية لم تكن ضد فكرة خفض الإنتاج، ولكنها كانت ضد فكرة تحملها عبء الخفض وحدها دون الآخرين".
وأضاف: "تحمل السعودية عبء الخفض وحدها يعني فقدانها حصة من السوق ستذهب للدول المنتجة الأخرى، وفقدانها بعض عملائها الرئيسين الذين سيبحثون عن مصدر آخر غيرها. السعودية تصرِّح دائمًا أنَّها تلبي طلب عملائها في الشراء، وأنَّها لا تضخ كميات من النفط دون أن يقابلها مشترون، ومن الخطأ التوقف عن تلبية طلبات عملائها في الوقت الذي يستمر منافسيها في الإنتاج، أعتقد أنَّ السعودية استفادت من تجربة التسعينات الميلادية عندما تحمَّلت عبء خفض الإنتاج دون أن يسهم ذلك في ارتفاع الأسعار، بسبب ضخ الدول المنتجة الأخرى كميات إضافية من النفط ما منع السوق من التوازن، وهي لا تريد تكرار تلك التجربة من جديد".
عن البدائل المستقبلية التي يمكن البحث عنها، أو الاعتماد عليها، يؤكد البوعينين أنَّه "مهما تعرضت أسعار النفط للانخفاض، فذلك لا يعني فقدان الأمل في عودتها للصعود، فالعملية تحتاج إلى كبح الإنتاج لتجفيف الفائض من السوق، وبالتالي تحقيق التوازن الذي سيدعم ارتفاع الأسعار مستقبلاً، وأجزم أنَّ مرحلة كسر العظم ستفرض على جميع الدول الجلوس لطاولة المفاوضات لخفض الإنتاج ودعم الأسعار، وأعتقد أنَّ دول الخليج المنتجة للنفط تواجه تحديات كبرى بسبب اعتمادها على النفط كمصدر وحيد لتمويل موازناتها؛ وهي تعاني حاليًا بسبب انخفاض الأسعار وتقلص الدخل؛ لذا نجد أن دول الخليج بدأت في مراجعة الدعم ورفع أسعار الطاقة والتفكير في فرض ضريبة القيمة المُضافة، إلا أنَّ ذلك لن يكون كافيًا لو استمرت الأسعار في الانخفاض، وبقيت على تلك المستويات مدة طويلة.
ومن هنا نجد أنَّ الحكومات الخليجية تدفع نحو إعادة هيكلة اقتصاداتها، وبما يسهم في تحقيق هدف تنويع الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، السعودية لديها خطط طموحة لتحقيق ذلك الهدف، وأعتقد أنَّ لديها فرصًا كبيرة في قطاع الصناعات التحويلية والتعدينية والسياحة وبعض القطاعات الأخرى التي يمكن أن تسهم في تنويع مصادر الاقتصاد على المدى المتوسط والبعيد، إضافة إلى خصخصة بعض القطاعات، وبما يساعد على خفض الالتزامات المالية وتوفير مصادر مالية جديدة للحكومة، أمَّا على المدى القصير، فالاعتماد الأكثر سيكون على الاحتياطيات المالية الضخمة التي تمتلكها حاليًا، والتمويل من الأسواق المالية المحلية والدولية، وهذه يمكن أن توفر تمويلاً بديلاً للموازنة لعدة سنوات قادمة.
وعن تأثير النفط الصخري على أسعار النفط الخليجي، فيرى البوعينين أنَّه من أسباب تدهور أسعار النفط لما تسبب به من زيادة في المعروض، إلا أنَّه لن يكون قادرًا على الصمود لأسباب مرتبطة بالتكلفة من جهة؛ وبالمحاذير البيئية من جهة أخرى، وهي من وجهة نظر خاصة أعتقد أنَّها ستكون الأكثر تأثيرًا على استمرار إنتاج النفط الصخري مستقبلًا، خصوصًا مع وجود منظمات حماية البيئة ومناهضة الأعمال المدمرة لها، وفي مقدمها النفط الصخري الذي يتسبب بأضرار فادحة للبيئة، لذا فالمراهنة الأكبر في خروج شركات النفط الصخري من السوق لن تكون مرتبطة بأسعار النفط؛ ولكنَّها ستكون أكثر ارتباطًا بأضرارها البيئية، دون تجاهل أثر الأسعار المتدنية على شركات النفط الصخري.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg جزيرة ام اند امز