مداخلة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى برنامج «القاهرة اليوم»، أكدت على الطريقة التى يفكر بها الرئيس فى حال البلد،
مداخلة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى برنامج «القاهرة اليوم» مع الزميلين عمرو أديب ورانيا بدوى، أكدت على الطريقة التى يفكر بها الرئيس فى حال البلد، كما قال، ورغبته الصادقة فى أن يستطيع ومعه أجهزة الدولة فهم شباب مصر والتواصل معهم.
ولاشك أن ما قاله الرئيس فى مداخلته الموفقة للغاية قد أرسل عديداً من الرسائل الإيجابية للشباب خصوصاً، وللمصريين عموماً، وفى مقدمتهم الفقراء الذين أكد لهم أنهم قضية حياته.
ويبقى لكى تتحوّل مداخلة الرئيس ومبادرته لشباب الألتراس إلى سياسة مستقرة تساعد البلاد على تخطى التحديات الهائلة التى تواجهها، أن يبادر الرئيس ويفرض على أجهزة الدولة فى حدود سلطاته ومسؤولياته الدستورية تنفيذ مجموعة من الخطوات والإجراءات التى ستكون لها حال تطبيقها آثار كبيرة فى إعادة الثقة والفهم بين الحكم والمصريين، وخصوصاً الشباب منهم. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فهذه نماذج لما يمكن عمله:
مع التأكيد على أنه لا مصالحة مع جماعات ترتكب العنف والقتل والإرهاب، وتسعى إلى إسقاط الدستور والحكم، وتضع نفسها فى مواجهة الدولة رأساً برأس، وعلى رأسها الإخوان، فإن المصالحة مع الشباب وبأفراده وليس بأى أفكار أو تنظيمات ينتمون إليها تبدو ضرورية وعاجلة.
ونطرح المصالحة هنا بالمعنى الدستورى والقانونى فى صورة العفو الشامل عن كل الشباب المصريين الذين لم تتلوث أيديهم بدماء أو بإفساد أو بتخريب أو بإرهاب، سواء الذين حُكم عليهم أو مازالوا قيد التحقيق أو المحاكمة.
فالمادة 155 من الدستور تنص على أنه «لا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب»، والمادة 76 من قانون العقوبات تنص على أن «العفو الشامل يمنع أو يوقف السير فى إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة».
وهنا نطرح اقتراح قيام الرئيس السيسى بالتقدم لمجلس النواب بمشروع قانون للعفو الشامل عن كل الشباب المصريين الذين لم تتلوث أيديهم بدماء أو بإفساد أو بتخريب أو بإرهاب، ليكون أول مشروع يقدمه للمجلس فى كلمته أمامه، لكى تعيد الدولة احتضان أبنائها ممن لم يرتكبوا أياً من الجرائم السابقة. وإجراء هذا العفو الشامل عن تلك القطاعات من الشباب باقتراح من رئيس الجمهورية وموافقة من مجلس النواب سيجعل من تصالح هؤلاء مع دولتهم برئيسها وبرلمانها ومع أنفسهم بالعودة عن طريق مخالفة القانون، أياً كان اختلافهم معه، بمثابة نقلة نوعية مهمة وفارقة فى مسيرة العمل الوطنى المحفوفة بالصعاب والمخاطر التى تخوضها مصرنا، والتى تحتاج فيها بشدة لطاقات شبابها ووحدة صف شعبها.
- استكمالاً للمقترح السابق، وارتباطاً بقضية رسام الكاريكاتير إسلام جاويش، التى تابعها الرئيس عن قرب وعلّق عليها فى مداخلته، فإننا ندعو الرئيس لاستخدام صلاحية العفو عن العقوبة التى خوّلها له الدستور والقانون، لكى يفرج عن مجموعة الصحفيين والإعلاميين المحكوم عليهم فى قضايا متعلقة بجرائم نشر وعلانية بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الفكرية أو المؤسسات الصحفية التى يعملون بها ولم تتلوث أيديهم بدماء أو بإفساد أو بتخريب أو بإرهاب، سواء كانوا أعضاء بنقابة الصحفيين أم لا، وهو الأمر الذى يجد سنده فى المادة (71) من الدستور التى تحظر الحبس فى هذه النوعية من الجرائم.
ويتبقى بعد المحكوم عليهم المحبوسون احتياطياً على ذمة قضايا قيد التحقيق، سواء من أعضاء نقابة الصحفيين أو من غير أعضائها الممارسين للصحافة الورقية والإلكترونية والإعلام المرئى. والرجاء هنا للسيد النائب العام، المستشار نبيل صادق، أن يستخدم صلاحياته القانونية ومكانته كنائب للشعب المصرى ودولته لكى يفرج عمن لم تتلوث يده بدماء أو بإفساد أو بتخريب أو بإرهاب من هؤلاء الزملاء، استكمالاً لما نرجوه من عفو من الرئيس السيسى عن المحكوم عليهم.
- نطلب من الرئيس أن يقوم بجولات داخل البلاد على غرار جولاته الخارجية يلتقى فيها مع الذين أيدوه بأغلبية ساحقة ويتوقعون منه أداءً غير مسبوق، فهم يحق لهم أن تكون له جولات بينهم فى مختلف مناطقهم وبتنوع شرائحهم وفئاتهم، لكى يسمعوا منه مباشرة ما يجب أن يصل إليهم حول ما يجرى فى بلادهم وحولها بالداخل والخارج.
إن التساؤلات الكثيرة والواسعة التى تثار بين المصريين حول ما ستكون عليه البلاد فى حاضرها ومستقبلها القريب، والهموم والمشاكل والأزمات التى يشكون منها فى الفترة الحالية الانتقالية الصعبة، خاصة الفقراء منهم، الذين هم قضية حياة الرئيس، لن يستطيع أن يقدم إجابات شافية عنها أو شروحات منطقية لها ومقنعة لهم سوى الرئيس نفسه.
كما أن لقاءات الرئيس المباشرة مع المصريين وجولاته بينهم سوف تعطى أيضاً رسالة أخرى مهمة فى الداخل والخارج باستقرار الأوضاع فى البلاد، فالتهديدات الإرهابية لا تحول بينه وبين التجول فى بلاده ولقاء أبناء شعبه دون حواجز.
- من المهم للغاية أن يُنظم لقاء موسع للرئيس تتم إذاعته كاملاً على الهواء مباشرة فى وسائل الإعلام مع طلاب الجامعات المصرية، الحكومية والخاصة والأهلية، يُقترح أن يتم فى قاعة الاجتماعات الكبرى بجامعة القاهرة، الأقدم والأكبر فى البلاد. ولاشك أن مثل هذا اللقاء، الذى يُعطى فيه الطلاب فرصة مناقشة الرئيس وطرح أسئلتهم وتخوفاتهم وحتى انتقاداتهم عليه مباشرة، سوف يكون فرصة كبيرة لكى يجيب عنها، وهو قادر بقوة على هذا، وأن يشرح لهم تفاصيل ما يجرى فى حكم البلاد الصعب وما يعترضها من عقبات ومشكلات كبرى، وأن يجد الطلاب أمامهم ومعهم أعلى مسؤول فى البلاد، يناقشهم ويتفاعل معهم، وهم الذين يشكون من غياب المسؤولين الأقل عن التواجد معهم. ولعل مبادرة الرئيس تجاه الألتراس تجعل من لقائه بطلاب الجامعات أمراً مهماً وضرورياً وله الكثير من الإيجابيات، بخلاف ما قد تراه بعض الجهات والأجهزة، فسوف يعمل على إعادة لُحمة المصريين، خاصة الشباب، ودعمهم للرئيس الذى انتخبوه والنظام السياسى الذى أقاموه بعد ثورتين، أكثر بكثير من السلبيات التى قد يظنها البعض.
- استكمالاً للاقتراح السابق، ففى حالة صدور فتوى مجلس الدولة لصالح صحة انتخابات اتحاد طلاب جامعات مصر ضد قرار وزير التعليم العالى بوقفها، فالرجاء من الرئيس السيسى أن يتخذ إجراءين: الأول أن يطلب من الوزير تقديم استقالته، لأنه لن يكون مناسباً أن يقود سفينة التعليم الجامعى فى مصر وهو فى مثل هذه الخصومة مع ممثلى طلابه المنتخبين ديمقراطياً، لو أقر مجلس الدولة بهذا. أما الإجراء الثانى فهو أن يدعو الرئيس أعضاء هذا الاتحاد للقاء معه والاستماع منهم لما يريدونه، وأن يُسمعهم ما يجب أن يعرفوه عن الأحوال الحقيقية لبلدهم.
- تأكيداً لما ذكره الرئيس فى مداخلته من أن «أمر الإجراءات الأمنية وحقوق الإنسان أمر حساس وبحاجة لمتابعة دقيقة»، فإننا ندعو الرئيس لاستكمال هذه المتابعة بعد عدة لقاءات له مع رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، بعقد اجتماع- نرجو أن يكون دورياً كل ثلاثة شهور- مع المجلس بكامل أعضائه، ليستمع منهم ويُسمِعهم ما يجب عمله من أجل تحقيق هذا التوازن الدقيق بين هذين الأمرين المهمين، بما يبعث برسائل شديدة الإيجابية للمصريين أولاً فى الداخل، وللرأى العام الدولى الذى يتابع عن كثب هذا الملف فى مصر، وتَبْرَع جماعة الإخوان وحلفاؤها فى استغلاله لتحقيق مصالح سياسية.
لقد قال الرئيس السيسى فى مداخلته شديدة الأهمية: «أنا عمرى مازعلت من حد، وممكن أزعل على حالنا اللى بقى كده»، وأضاف: «أنا عندى أولادى وعمرى ما ضقت بيهم، فلماذا سأضيق بأبناء مصر؟»، مؤكداً: «إحنا اللى مش عارفين نتواصل معاهم ومش عارفين نوجد مساحات تفاهم ببذل جهد كبير فى هذا المجال، وعارف إنى حاخد وقت حتى نُوجِد حالة الثقة المتبادلة، أنا أثق فيهم لكن يجب أن يثقوا فى أن ما نقدمه لصالح مصر سياسياً واجتماعياً وأمنياً واقتصادياً هدفه كبير، وهم جزء من هذا الهدف».
لكل هذا ولتحويل مداخلة الرئيس التليفزيونية الصريحة إلى سياسة مستقرة دائمة، كانت السطور والاقتراحات السابقة التى نرجو أن نراها قيد التنفيذ فى أقرب وقت ممكن.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة المصري اليوم وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة