فشل جنيف.. اتهامات متبادلة وناشطون يردون بـ"كلهم خذلونا"
بعد طيّ صفحة مفاوضات "جنيف 3" التي تم الإعلان عن تعليقها، دخلت الأطراف المعنية بالأزمة في تنافس من أجل إلقاء مسؤولية الفشل على من ترغب
بعد طيّ صفحة مفاوضات "جنيف 3" بشأن سوريا والتي تم الإعلان عن تعليقها، دخلت الأطراف المعنية بالأزمة في تنافس من أجل إلقاء مسؤولية الفشل على من ترغب، لتتحول قضية السوريين إلى ساحة لتبادل الاتهامات والانتقادات.
بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة السورية إلى جنيف، وجّه أصابع الاتهام إلى "مجموعة الرياض" بالسعي إلى إفشال المفاوضات السورية عبر طرح شروط مسبقة لبدئها.
وقال في تصريحات صحفية إن "وفد الرياض أتى إلى جنيف بقرار سعودي قطري تركي لإفشال المحادثات"، واصفا قرار المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بتعليق المحادثات بـ"التصرف غير المسؤول وغير الجدي وغير الملتزم".
ولفت إلى أن "ضغوطًا غربية وعربية كثيرة مُورست على دي ميستورا، الأمر الذي جعله غير قادر على الإمساك بالمعضلة".
من جهته، وصف غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، محاولات وفد الرياض لتقويض عملية المفاوضات بذريعة مواصلة روسيا عمليتها العسكرية في سوريا بـ"غير المقبولة على الإطلاق"، معللا أن الحديث يدور عن مكافحة الإرهاب في هذا البلد، والذريعة الثانية المتمثلة بعدم قدرة المعارضة على المشاركة في المفاوضات بسبب الوضع الإنساني المتفاقم في سوريا، هي الأخرى "غير مجدية تماما".
وفي سياق متصل، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن سبب قرار "معارضة الرياض" تعليق مفاوضات جنيف يعود إلى تحقيق الجيش السوري نجاحات جدية في شمال محافظة حلب.
نكث إجراءات الثقة
الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من المعارضة السورية، قبلت المشاركة بمحادثات جنيف على شرط تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي والذي ينص على "رفع الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف الهجمات الجوية والبراميل المتفجرة على المدنيين".
ومع عدم الاستجابة لمطالبها، وبعد صدور قرار تعليق المفاوضات في جنيف، أكدت على لسان رئيسها، رياض حجاب، أنها لن تعود إلى جنيف ما لم يتم إحراز تقدم في المجالات الإنسانية في سوريا، واعتبر حجاب أن تأجيل المباحثات "فرصة للمجتمع الدولي من أجل الضغط على النظام وحلفائه للالتزام أولا بتنفيذ المتطلبات الإنسانية للشعب السوري من خلال فك الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف القصف، وإدخال المساعدات الإنسانية".
ورحب رئيس الوفد المعارض بأي جهود دولية لتحقيق انتقال سياسي للسلطة دون أن يكون الرئيس السوري طرفًا فيه، مُتهمًا "الحكومة السورية والروسية بالعمل على إفشال المباحثات وتكثيف العمليات العسكرية والغارات الجوية".
كذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، التي اتهمت نظام الأسد وروسيا برفضهما للحل السياسي والسعي وراء الحل العسكري فقط، كما حملهما وزير الخارجية الفرنسي فرانسو هولاند مسؤولية "نسْف" مباحثات السلام في جنيف بعد الهجوم العنيف على مدينة حلب.
تعليق تركيا عن سبب فشل مفاوضات صبّ في جدول سابقيه، عبر رئيس وزرائها أحمد داود أوغلو، الذي أكد أن عدم التزام النظام بوعوده تسبب في تعليق تلك المباحثات، مطالبًا أمريكا بإظهار "موقف أكثر وضوحًا ضد روسيا، إزاء جرائم الحرب في سوريا".
ولفت أوغلو إلى أن روسيا تضاعف قصفها في سوريا بعد كل لقاء يجمعها بأمريكا، معربا عن فقدان الأمل في وصول مجلس الأمن لحل للأزمة السورية.
كما انتقد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الهجمات العسكرية التي شنّها النظام السوري مدعومًا بالغارات الجوية الروسية في حلب، بقوله: "إن هجوم الجيش السوري على ريف حلب ألحق ضررًا بالمحادثات في جنيف"، لافتًا إلى "أن الفرصة القادمة لاتخاذ إجراء مشترك مع الأطراف الإقليمية ستكون في المؤتمر الأمني في ميونيخ الذي سيعقد في الفترة من 12 إلى 14 فبراير".
وفي مؤتمر صحافي لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير مع نظيره الألماني، أكد أن وفد النظام السوري إلى جنيف "لم يكن جاداً" وأن هدفه "المماطلة"، محمّلاً النظام مسؤولية فشل المؤتمر.
نتيجة متوقعة
ما حدث على الأرض السويسرية من فشل للمفاوضات، كان نبوءة نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، الذي أعرب عن توقعاته بفشل مؤتمر جنيف 3 قبل انطلاقه بيوم، في التوصل إلى حل للأزمة بخارطة طريق، متهما إيران بالتسبب في الأزمة السورية، وروسيا بالتركيز على أطماعها ومصالحها، ولو كانت على حساب المدنيين.
كما انتقد خدام المجتمعَ الدولي لموافقته على استمرار مؤتمرات جنيف، ورأى أن جنيف 3 سيكون كسابقيه، والقتل والحصار والتجويع سيستمر بحق الشعب السوري، ومؤكدا أن المؤتمر "لن يخرج بحلول جدية".
مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أشار من جانبه إلى أن "المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لم يحمّل القصف الروسي مسؤولية تعليق مفاوضات جنيف"، والسبب كان برأيه هو "عدم شرعية" الضربات الجوية للتحالف الدولي في سوريا لعدم حصولهم على موافقة من السلطات السورية.
كما شدد على أن الإصرار على رفع الحصار سيؤدي إلى تأجيل استئناف المحادثات السورية، واتهم السلطات التركية بتغذية الاقتتال واستمرار تدفق الدعم على الجماعات المتطرفة.
دعوات منددة
وأمام خيبة الأمل هذه، أطلق نشطاء على موقع التواصل الاإجتماعي تويتر هاشتاق #كلهم_خذلونا، للتنديد بما آلَ إليه الوضع السوري، وتدهور الوضع الكارثي الذي حلّ بالسوريين لا سيما بعد انطلاق محادثات جنيف.
فتوجه عدي همام من خلال هذا الهاشتاق برسالة إلى الأشقاء في المملكة العربية السعودية وفي البحرين مفادها "نكفيكم مشقة الحرب في الشام على أن تمدونا بسلاح نوعي.. ولن ننسى معروفكم أبدا".
في حين رأى حسن أحمد الدقي أن ما حصل هو "الناتج الطبيعي لنظام القمع العربي.. ولن تقف الصورة عند النظام الجمهوري".
محمد مختار الشنقيطي قال في تغريدته إن "سوريا سد منيع وحصن حصين للجزيرة العربية وتركيا، فإذا انهار السد فسيغرق الطرفان في الطوفان الروسي الشيعي بكل غروره ودمويته".
وغرّد محمد الأمين تحت نفس الوسم بالآية القرآنية التي تقول: "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ".
aXA6IDMuMTQwLjE4Ni4xODkg جزيرة ام اند امز