فى المجتمعات المتخلفة التى تحكمها أنظمة مستبدة قمعية تنتشر تلك الفئة، قد يكون زميلك فى العمل أو جارك، أو البقال «اللى على ناصية الشارع
فى المجتمعات المتخلفة التى تحكمها أنظمة مستبدة قمعية تنتشر تلك الفئة، قد يكون زميلك فى العمل أو جارك، أو البقال «اللى على ناصية الشارع».. يتخفون فى ملابس عادية لا تلفت النظر، ولا يجاهرون بوظيفتهم الأضافية، لأنهم عادة يخجلون منها.
أما فى مجتمعات «ما بعد العباطة»، التى تحكمها انظمة «غشيمة» فتجد المخبر، فخورا.. متباهيا، يسلم مرءوسه أو زميله فى العمل أو جاره «تسليم أهالى»، وهو مطمئن الضمير مرتاح البال، بثمن أو بدون، المهم أن يتقرب إلى السلطة ويظهر ولاءه لها.. فى مخيلته أنه نال الرضا، لا يعرف أن تلك الأنظمة لا عزيز لها، تستخدمك لفترة ثم تتخلص منك مثل «كلينكس الحمام».
الراحل العظيم الدكتور حامد عمار شيخ التربويين العرب، تتبع الشخصية المصرية فى الأربعين عاما الأخيرة، فوجد أن نمطها تطور من شخصية «الفهلوى» القادر على التكيف مع ظروف الحياة المختلفة، إلى شخصية «الهباش»، التى فرضت نفسها على المجتمع بعد انفتاح الرئيس المؤمن أنور السادات «خد الفلوس وأجرى»، إلى شخصية «البلطجى»، التى طفحت على سطح المجتمع فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك نتيجة تغول الدولة والأمن.
رحل الرجل قبل أن يرصد ويحلل نمطا جديدا للشخصية المصرية فى العامين الماضيين، «المخبر».. تختلف مع صديقك أو رئيسك «تبقى علطول وبدون تفكير إخوان»، مع أنه يعلم أنك شيوعى أو ملحد لا تركعها إلا كل «موتة» يهودى.
رئيس جامعة يسعى إلى التقرب من السلطة، فيحيل أعضاء هيئة تدريس بجامعته إلى التحقيق لنشرهم عبارات يراها مسيئة لرئيس الجمهورية على «الفيس بوك».
الدكتور أمين لطفى، رئيس جامعة بنى سويف، برر وضعه أستاذ وموظف وطالبة على مذبح السلطة بأن جامعته «جزء لا يتجزأ من مؤسسات الدولة، وتعمل فى منظومة الحوكمة والشفافية للقضاء على الافكار المتطرفة».
رئيس الجامعة الجهبز الذى وافق على منح مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع أجازة علمية ليتفرغ لحكم مصر فى عام الرمادة، أكد أن جامعته تقوم بدورها فى محاربة الفساد، أيا كان أشكاله أو أنماطه.
أما الحارس القضائى على نقابة المهن التعليمية الدكتور على فهمى، فقد تطوع وكشف عن وظيفته السرية للزميلة منى زيدان دون أى ضغوط وقال لها فى حوار بـ«الشروق» أنه يتعاون مع «الأمن الوطنى» للسيطرة على المعلمين المنتمين للإخوان.
فعندما صدر قرار فرض الحراسة على النقابة أرسل الرجل كشفا بأعضائها إلى «الأمن الوطنى» لمراجعته وتنقيته، ومن يرفضه الأمن الوطنى يتم استبعاده نهائيا، وكذلك فعل فى النقابات الفرعية فى المحافظات، من يضعون عليه علامة «إكس» يتم استبعادهم»، وبهذا الأسلوب استطعت أن أنقى النقابة العامة والفرعيات من الإخوان.
وبعد أن سلم «المخبر القضائى» أعضاء نقابته، أعد كشوفا بالمعلمين وأرسلها للجهة التى عينته «نقول للأمن اشتغل على الأسماء دى.. وجه لهم اتهامات.. راقبهم.. اعمل تحرياتك.. هناك تعاون متبادل بين النقابة والأمن الوطنى فى هذا الشأن».
«أنا كمحمد اندهشت».. فعلا كل مواطن مصرى شريف من واجبه أن يكون «مخبر»، كما قال المذيع اللامع صاحب الكشف الفظيع «مجلس إدارة العالم» تامر أمين، مضيفا على شاشة الحياة الاسبوع الماضى: «الناس اللى شايفة إنى كلمة مخبر دى مسيئة هما أحرار هما اللى جهلة».
تهت عن ببت صديقى.. فسألت العابرين
قيل لى امش يسارا.. سترى خلفك بعض المخبرين
حد لدى أولهم.. سوف تلاقى مخبرا يعمل فى نصب كمين
اتجه للمخبر البادى أمام المخبر الكامن.. واحسب سبعة، ثم توقف
تجد البيت وراء المخبر الثامن.. فى أقصى اليمين
حفظ الله أمير المخبرين.. فلقد أتخم بالأمن بلاد المسلمين
أيها الناس اطمئنوا.. هذه أبوابكم محروسة فى كل حين
فادخلوها بسلام آمنين
من قصيدة «أمير المخبرين» للشاعر أحمد مطر
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة