مستشفى للجيش الإيراني يحرق امرأة وهي تلد
في واقعة أخرى، أمر طبيب إيراني بفك خياطة الجرح في وجه صبي لأن الأم أخبرته أنها لا تملك سداد قيمة الخياطة، وترك الطفل ينزف.
لعل أجمل شعور لدى المرأة في أكثر اللحظات قداسة في حياتها، هو ذاك الشعور الذي يساورها حين ترى وليدها للحظة الأولى بعد تكبد آلام وعناء تسعة أشهر من حمل جنينها في بطنها وانتظاره بفارغ الشوق والصبر. مثل كل أم توجهت امرأة إيرانية لم يكشف الإعلام الإيراني عن اسمها إلى أحد المستشفيات التابعة للجيش الإيراني شمال العاصمة الإيرانية طهران في 17 يناير الماضي، وهو مستشفى "شَمران"، لتدخل غرفة العمليات استعداداً لإجراء عملية ولادة قيصرية للتوأم الذي تحمله في بطنها، وبدلاً من أن تفتح عينيها لترى التوأم الموعود، دخلت في حالة غيبوبة بسبب إصابتها بحروق في الوجه والفم والرئتين.
وتبين أن الفريق الطبي المشرف على العملية قام بتوصيل كمامة المريضة بإسطوانة غاز ثاني أوكسيد الكربون وأوكسيد النيتروجين بدلا ًمن الأوكسجين وغاز التخدير المستخدم عادة في مثل هذه العمليات، ما أدى إلى اختناق المريضة وإصابتها بحروق ودخولها في غيبوبة تامة.
ورغم أن القصة مضى عليها أكثر من شهر، إلا أن وسائل الإعلام الإيرانية تناولت القضية اليوم، لتصبح قضية رأي عام وتتفاوت التعليقات وردود الأفعال عليها.
صحيفة "هفت صبح" الإيرانية نشرت صورة مؤلمة لضحية القصة وعنونت "جريمة لا تُغتفر"، وجاء في تقريرها انتقاد لاذع لتأخر تدخل وزير الصحة شخصياً حسن قاضي زاده هاشمي في الموضوع، والذي اضطر بعد مرور شهر من وقوع الحادثة والتفات الإعلام لهذه الحالة إلى تشكيل فريق مختص لدراسة أبعاد الحادث وأسباب وقوعها، وأمر بنقل المريضة من المستشفى التابع للجيش الإيراني والذي لا يخضع لرقابة وزارة الصحة إلى مستشفى آخر تحت إشراف وزارة الصحة مباشرة.
وتفادياً لتبعات سخط الرأي العام جراء ما حصل، قال محمد حلي، رئيس مستشفى "شمران" التابع للجيش الإيراني في حوار مع وكالة فارس للأنباء إن المتسببين في الحادثة سيُعاقبون، لكن التحقيقات ما زالت جارية. وبرر وقوع الحادثة بأن الأم والتوأم كانوا بحاجة لأوكسجين على الفور بعد عملية الولادة القيصرية، لكن نظراً لعدم توفر جهاز يؤمن الأوكسجين لشخصين في غرفة عمليات واحدة فإن الفريق الطبي استخدم إسطوانة أوكسجين كانت متوفرة في المستشفى، وما إن مرت لحظات حتى تم اكتشاف إصابة المرأة بحروق وأن الغاز في الإسطوانة لم يكن غاز الأوكسجين. وأضاف أن الإسطوانات يتم ملؤها خارج المستشفى وما زلنا نتابع أسباب هذا الخطأ.
وفي تصريح لموقع "ألِف" للأنباء -وهو موقع متخصص في قضايا الرأي العام والصحافة الاستقصائية- قال والد التوأم إنه لم يترك باباً إلا وطرقه طوال شهر منذ وقوع الحادثة، لكن أحداً من المسؤولين في وزارة الصحة لم يكن متجاوباً معه، إلى أن لجأ إلى الإعلام.
ومع تزايد الانتقادات للمسؤولين في وزارة الصحة الإيرانية بسبب ما حدث، صرح نادر عسكري، مساعد وزير الصحة الإيراني، بأن الوزارة أوفدت مبعوثاً وفريقاً متخصصاً لعلاج المريضة وأن الخطر قد زال عن صحتها.
ولا تزال الأوساط الإعلامية الإيرانية تتفاعل مع القضية وسط حالة من الصدمة عبر عنها الإيرانيون في تعليقات غاضبة على نطاق واسع في برامج التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.
جدير بالذكر أن الانتقادات لوزارة الصحة الإيرانية قد تكررت في الأشهر الأخيرة بسبب عدة حوادث أثارت الرأي العام الإيراني، ومنها حادثة مؤلمة شهدها مستشفى خمين شهر في مدينة أصفهان حين راجع طفل جريح في وجهه أوائل ديسمبر الماضي قسم الإسعاف في المستشفى للعلاج، وبعد أن تم خياطة جرحه، طلب الطبيب المشرف من أم الطفل التوجه إلى قسم المحاسبة لدفع الفاتورة اللازمة، وحين أجابته بأنها لا تملك المال، ما كان من الطبيب إلا أن أمر الممرضة بفكّ القُطب الطبية بعد خياطة الجرح عن وجه الطفل وترك الجرح مفتوحاً. وهي الحادثة التي خلقت سخطاً شديداً لدى الرأي العام الإيراني، وفتحت باب الانتقادات الواسع لتعامل المسؤولين الإيرانيين مع حالات إنسانية شبيهة.