مساعدة شهداء فلسطين .. ذريعة إيرانية لاختراق الضفة الغربية
إجماع فلسطيني على رفض "الطرق الملتوية" لإدخال المساعدات.
من بوابة المؤازرة والمساعدات المالية أرادت إيران أن تدخل ساحة الضفة، لتجابه برفض فلسطيني رسمي مسنود بشبه إجماع فصائلي.
من بوابة المؤازرة والمساعدات المالية أرادت إيران أن تدخل ساحة الضفة الغربية، لتجابه بموقف فلسطيني رسمي مسنود بشبه إجماعًا فصائليًّا يرفض أي محاولة للتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي من بوابة الألم والمعاناة واستغلال حالة التضحية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
تطورات الموقف، برزت بعدما أعلن السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، أواخر الشهر الماضي، أن بلاده ستمنح كل أسرة شهيد في انتفاضة القدس 7 آلاف دولار، وكل أسرة هدم منزلها 30 ألف دولار، وأن تلك المساعدات سيتم تقديمها عبر مؤسسة الشهيد-فرع فلسطين، وهي مؤسسة تم تأسيسها في إيران عام 1992، وتقدم مساعداتها للعديد من الدول الإسلامية.
السلطة .. موقف حازم:
السلطة الفلسطينية أعلنت أنه لم يتم التواصل معها بشأن هذه المساعدات، رافضة أن يجري تدفقها عبر طرق غير قانونية، وهو ما بدا واضحًا من توجه قادة طهران، حيث أعلن حسين شيخ الإسلام مساعد رئيس مجلس الشورى الايراني، أن طهران ستدخل الأموال عبر طرقها الخاصة.
هذا الموقف دفع الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إلى التصريح بأنه "كان من الأجدى أن ترسل إيران الأموال بشكل رسمي إلى مؤسسة الشهداء والأسرى والتي تقوم بواجباتها نحو أبطال فلسطين وعائلاتهم بدل اللجوء إلى طرق ملتوية ووسائل غير مشروعة".
ووصف الناطق الرسمي تصريحات المسؤول الإيراني بأنها غير مقبولة ومرفوضة، وهي ليست تجاوزًا للشرعية الفلسطينية فقط، بل تُعَد خرقًا لكل القوانين بما فيها القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول، كما أنها تُعَد تدخلًا مرفوضًا في الشؤون الداخلية الفلسطينية والعربية.
إسناد فصائلي:
وإسنادًا لموقف السلطة، بدا هناك شبه إجماع فصائلي لتأييد رفض التدخلات الخارجية، أو تسييس الدعم.
رأى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود إسماعيل، أن سعي إيران لتقديم الأموال لذوي الشهداء والأسرى عبر طرق غير رسمية، يُعَد "دليلًا على أنها لا تريد دعم الشعب الفلسطيني"، وقال: "لو أرادت إيران دعم الشعب الفلسطيني لقدمت الأموال من البوابة الواسعة وهي الشرعية الفلسطينية وليس عبر فصيل معين"، مؤكدًا أن التدخل الإيراني يعمق الانشقاق الوطني الفلسطيني تمهيدًا لضرب الحالة الوطنية والمشروع الوطني من أجل فرض سيطرتها عبر الأذرع التي تبنيها في البلدان العربية ومن ضمنها فلسطين.
توظيف دماء الشهداء:
وشدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، على رفض استخدام شهداء فلسطين وتوظيف دمائهم في إطار الصراعات الإقليمية مع عدد من الدول العربية خاصة السعودية، في إشارة لتأزم العلاقات السعودية الإيرانية، على خلفية اعتداء إيرانيين على السفارة السعودية في طهران، إضافة لموقفها مما يجري في سوريا، وشدد مجدلاني على أن الدعم "يجب أن يمر عبر الطرق الرسمية والشرعية"، مشددًا على أن منظمة التحرير هي "الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وعن طريقها يجب أن يكون تقديم المساعدات لشعبنا"، واعتبر ما نشر بوسائل الإعلام حول طلب إيران من أسر الشهداء تعبئة طلبات عبر الإنترنت، إهانة للكرامة الوطنية الفلسطينية والشهداء.
وأكد أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول، رفض أي تدخل خارجي في الشأن الفلسطيني، وقال: "نحن في حركة فتح نتحفظ على أي دعم لشعبنا بطرق ملتوية"، وطالب بوجوب مرور الدعم بالطرق الرسمية؛ "كي لا تكون الساحة الفلسطينية ملعبًا للسياسات"، وذكر بالآثار السلبية للدعم الإيراني السياسي والمالي لقوى فلسطينية وأثر ذلك على وحدة الصف الفلسطيني، في إشارة إلى الدعم الإيراني السابق لحركة "حماس"، والذي يدور حديث أنه تجمد منذ تباين موقفهما من الأزمة السورية.
واجب يُراد به باطل:
ووصف الحقوقي الفلسطيني زيد الأيوبي المساعدات الإيرانية بأنها "واجب يراد به باطل"، وقال الأيوبي: "هذا الواجب المزعوم يراد به باطل؛ كون إيران وقياداتها يبحثون عن دور سياسي واستراتيجي في القضية الفلسطينية على غرار الأدوار التي تلعبها في سوريا واليمن ولبنان، وذلك من خلال تعزيز التناقضات الداخلية الفلسطينية وتعزيز عدم الثقة بالقيادة الفلسطينية".
ورأى أن طهران تسعى "للاستفادة من هذا الدور في صراعها مع العرب، بحيث تضحي فلسطين كرت ضغط إيراني على العرب لتحسين شروط أي اتفاق مستقبلي معهم بدلًا من أن تسعى إيران لتكريس شعاراتها الرنانة على الأرض وتدعم قضية فلسطين لتبقى القضية المركزية لكل العرب والمسلمين.
وحذر بأن ساسة إيران الحاليين "لا يفكرون في دعم القضية الفلسطينية والفلسطينيين لعيونهم الزرقاء، بقدر ما يفكرون في تعزيز نهج السيطرة والتوسع الإيراني في المنطقة"، معتبرًا أن هذا التفكير "محروق ومكشوف" لكل القوى الوطنية والإسلامية ولعامة الشعب الفلسطيني بكل شرائحه وفئاته الشعبية.