معرض المصورة رندا شعث: كاميرا تخزّن التفاصيل والحنين
سر معرض المصورة رندا شعث، تحت عنوان شعري هو "لا يزول"؛ هو تعانق التفاصيل المدهشة مع الحياة اليومية لقاطني العاصمة المصرية القاهرة
من قلب التفاصيل الصغيرة الحميمة في حياتنا اليومية، تولد الحكايات وينمو عشب الذكريات.
ربما كان هذا هو سر معرض المصورة الفوتوغرافية المعروفة رندا شعث في "غاليري جيبسوم" في القاهرة، تحت عنوان شعري هو "لا يزول"؛ حيث تتعانق تلك التفاصيل المدهشة مع الحياة اليومية لقاطني العاصمة المصرية القاهرة، وترسم ملامح الحنين بلغة الكاميرا.
في المعرض الذي افتتح في 21 فبراير الماضي ويستمر حتى 5 إبريل/ نيسان المقبل، يشعر الزائر أنه أمام قصائد رصدتها عدسة مصورة بارعة قبل أن تعلقها على الجدران كي يستمتع بها قطاع أكبر من الجمهور.
تفاجئ شعث زائر المعرض في الواجهة بمقطع من أحدث روايات الكاتب العراقي سنان أنطون "فهرس" (دار الجمل، 2016) كتعريف ومدخل لمعرضها "ستكون الدقيقة فضاءً ثلاثي الأبعاد، ستكون مكاناً اقتنص فيه الأشياء والأرواح وهي تسافر، التقاطع الذي تلتقي فيه قبل أن تختفي إلى الأبد. بلا وداع، البشر يودعون معارفهم وأحبتهم فقط. أما الأشياء فهي تودع بعضها البعض، لكنها تودع البشر أيضاً، لكننا لا نستطيع أن نسمع أصواتها وهمساتها لأننا لا نحاول، قلما نلمح ابتسامات الأشياء. نعم الأشياء أيضاً لها وجوه، لكننا لا نراها".
مئات التفاصيل التي رصدتها رندا شعث بعدستها في معرضها "لا يزول" وبدون فلسفة معقدة يستطيع الزائر تذوق صدقها وعفويتها وعذوبتها، صور حياتية تنقلك برشاقة من الدهشة للبسمة للحزن والحنين.
تطرح شعث في معرضها تساؤلًا مفاده: متى نألف الأماكن وتصبح بيتا ومأمن وموضع اطمئنان؟
من هذا التساؤل تجيب شعث عن هذا التساؤل عبر مجموعة تتألف من أربعين صورة ضوئية ملونة هي ثمرة عملها على مدى عامين من الزمان. تنوعت الصور ما بين الملاعق والمروحة القديمة وأدوات حلاقة ومكواة كهربائية والأطباق، والصحف المهملة بقصصها على مقابض المنازل، والمرايا المنسية وتوابل الطبخ وأسرة النوم والملاءات المجعدة عقب استيقاظنا، والزجاجات الفارغة وأنابيب المعجون المنتهية التي نعجز عن إلقائها في القمامة وننتظر أن نضغطها بقوة أكثر لتخرج ما تبقي فيها. ويظهر ولع شعث بالشبابيك والشرفات والكراسي، في المطبخ يبرز الشباك المنير في الخلفية، وفي صورة أخرى كرسي يجاوره شرخ كبير في الجدار الخلفي، وأخرى لكرسي تؤنس وحدته الوسادة الملونة، وصورة أخرى لرنجة مشوية تحكي تفاصيل الاحتفال بشم النسيم، وصورة لطبق فرغ من الطعام وألقيت فيه المعلقة دون اكتراث، تفاصيل كثيرة قصتها كاميرا شعث من خلال معرضها، قد تشعر وأنت تتجول بين الصور أنك جز من تلك التفاصيل الصغيرة، فأسلوب شعث في استخدام الإضاءة الطبيعية، والتلاعب بينها وبين الظل، جعل الصور تشعر من يقف أمامها بأنه داخلها ويسير في الزمن الذي تذكره بما فيه من أشياء تركها وراءه لكنها لا تزول.
راندا شعث مصورة فلسطينية مصرية من مواليد 1963، حاصلة على بكالوريوس دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأمريكية بالقاهرة 1985، وماجستير صحافة وإعلام من جامعة مينيسوتا، عملت محررة في جريدة "الشروق" لمدة 6 سنوات، ومصورة في جريدة "الأهرام ويكلي"، وعرضت أعمالها في عدة معارض ومؤسسات أجنبية، وهي الآن تعمل في مجال التدريس والتدريب.
aXA6IDMuMTQyLjIxMi4xMTkg جزيرة ام اند امز