اقتصاد
أعباء 9 أعوام من الحرب.. الحكومة الليبية المؤقتة تتحرك لمواجهة البطالة
نسبة البطالة بين الشباب الليبيين وصلت إلى 19% خلال العام الجاري، لكن تحركا مزدوجا من الحكومة المؤقتة والجيش الوطني يسعى للقضاء عليها
على مدار 9 أعوام من الحرب، منذ انطلاق أحداث 17 فبراير 2011، عانى الشباب الليبي من تجاهل الحكومات المتعاقبة لأزمة البطالة التي منعت اندماجهم في قطاعات الدولة العامة أو حصولهم على فرص العمل الملائمة، بيد أن الأمر تغير في السنوات الأخيرة.
البطالة أزمة اقتصادية في الأساس، لكن توابع هذه الأزمة وصلت بوضوح إلى عالم السياسة وبدت تهديدا واضحا لاستقرار الدولة وسلام المجتمع، لا سيما بعد أن استغلت المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية تلك الأزمة بتقديم عروض مغرية للشباب مقابل تجنيدهم لتنفيذ أجندات أبعد ما تكون عن مصلحة الوطن أو حتى صالح الشباب أنفسهم على المدى الأبعد.
لكن ثمة جانب إيجابي في المشهد، إذ إن نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب يتمتعون بمستويات تعليم عليا، خاصة مع استمرار العملية التعليمية في مختلف الجامعات الحكومية على مدار سنوات الحرب، وكذلك استحداث خصخصة التعليم العالي والمتوسط واعتماد مجموعة من المعاهد والجامعات الأهلية.
وعلى هذا الأساس الإيجابي تحركت الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر القائد العام، لاستيعاب الشباب وتوظيفهم وفقا لمحورين رئيسيين، الأول ضخ فرص العمل في مؤسسات الدول وهيئاتها أو تسهيل تأسيس المشروعات الخاصة التي بدورها توفر الوظائف وتدعم الاقتصاد، وفي المحور الثاني تعيين المؤهلين منهم في جيش البلاد الوطني لاستكمال مهمة البناء والتحرير وحماية البلاد وإنجازاتها.
الحكومة المؤقتة تنتبه
انتبهت الحكومة المؤقتة للمسؤولية الملقاة على عاتقها في مكافحة البطالة، فأعطت الصلاحيات للمجالس البلدية في مختلف البلديات الواقعة تحت إدارتها، بإصدار قرارات تعيين حملة الشهادات العليا والمتوسطة، وتعزيز الكوادر الوظيفية وخلق كفاءات جديدة في سوق العمل الليبي.
ولم تتوقف الحكومة المؤقتة عند هذه الصلاحيات، بل تابعت سير عمل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المسؤولة عن حصر الباحثين عن العمل والتنسيق مع الوزارات الأخرى في توفير وظائف ملائمة لهم حسب مؤهلهم العلمي.
وحسب جاسم ارحيم، المسؤول البارز بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة المؤقتة، فإن نسبة البطالة بين الليبيين خلال عام 2019 وصلت إلى 19%.
وأكد ارحيم، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الحكومة المؤقتة لا تزال تبحث إمكانية القضاء على هذه المشكلة بحلول جذرية، عبر السعي لعقد برامج تدريبية للتعريف بكيفية خلق وظائف بديلة عن الوظائف العامة.
وتابع ارحيم أن وزارة العمل في الحكومة المؤقتة أصدرت القرار رقم 18 لسنة 2018 الذي يقضي بإنشاء هيئة التشغيل التي تهتم بتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة من خلال قروض مقدمة من الحكومة.
كما نظمت وزارة العمل أواخر شهر يوليو/تموز الماضي ورشة عمل حول أهمية خلق بدائل للوظائف الحكومية، وكيفية الحد من تفاقم البطالة.
ونوه ارحيم بأن الدولة الليبية تعاني الآن من كثافة وظيفية هائلة، حيث بلغ عدد الموظفين في مختلف القطاعات الخدمية 3 ملايين موظف، أي ما يعادل نصف سكان الشعب الليبي، وهذه الكثافة بدورها تساعد في خلق البطالة المقنعة.
الجيش الوطني يتحرك
رصدت أجهزة الجيش الوطني الليبي معاناة الشباب المؤهل علميا، واندفاع بعضهم إلى التيارات المتطرفة، إضافة إلى ازدياد نسبة الجرائم المختلفة كتهريب البشر والقتل بدافع السرقة وتعاطي المخدرات.
وبين عامي 2013 و2015 سجلت البلاد أكثر من 650 جريمة مختلفة وفقا لمكتب النائب العام الليبي، وأظهرت التحقيقات فيها بعد أن أغلب مرتكبوها من حملة الشهادات العليا والعاطلين عن العمل.
في مطلع 2015، افتتحت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي كليتها العسكرية في طبرق لتكون بابا لقبول الشباب الليبيين من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة وانخراطهم في القوات المسلحة كضباط في مختلف التخصصات العسكرية.
كما شرعت مراكز التدريب التابعة للمناطق العسكرية بالجيش الوطني في استقبال المستجدين للانخراط في الكتائب العسكرية التابعة للجيش الليبي، لتكون المبادرة الأولى في القضاء على البطالة.
حلول بديلة
ويرى محمود العبيدي الباحث والمحلل الاقتصادي الليبي أن الحكومة مطالبة أيضا بالاهتمام بالمجال الحرفي كتطوير مراكز التدريب التي أنشأها النظام السابق، وكانت تبعيتها لوزارة العمل، والتي أدت لنتائج ملموسة في القضاء على البطالة بتخريج مجموعة من الحرفيين المهنيين.
وأشار العبيدي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الحكومة الليبية المؤقتة تدرس مجموعة من تجارب الدول المقدمة في مجال تنمية الكوادر البشرية كسنغافورة ومصر، كما أن هيئة التشغيل تبحث دعم المجموعات بتطبيق آلية المشاريع الجماعية.
وطالب المحلل الاقتصادي الليبي الجامعات الحكومية والأهلية بالتنسيق مع وزارة العمل في استحداث تخصصات تتماشى مع طلب سوق العمل الليبي والخروج من التخصصات التي لم تتغير منذ أكثر من 15 عاما.
مشيرا إلى أن بعض الشباب الليبي لجأ لحل مشكلته ذاتيا بتأسيس مشاريع خاصة كمتاجر تغليف الهدايا ومراكز صيانة الهواتف النقالة.
الأمر ذاته أكده ارحيمة امصادف المواطن الليبي، قائلا لـ"العين الإخبارية" صدمنا بأزمة بطالة حال تخرجنا من الجامعة، فلم نرَ أي احتضان من الجهات الحكومية في الدولة الليبية، في ظل أزمات البلاد المتراكمة".
وتابع: "عن نفسي توقفت عن البحث على وظيفة حكومية واتجهت لإنشاء مشروعي الخاص بمساعدة الأهل والأقارب".
كما أشار نبيل مسعود المواطن الليبي، لـ"العين الإخبارية"، إلى أنه تخرج في كلية القانون بتقدير عالٍ سنة 2012، وكان يأمل في الحصول على وظيفة في السلك القضائي لكن هذا لم يتحقق، ما اضطره إلى العمل في مكاتب المحاماة الخاصة.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjEyNCA= جزيرة ام اند امز US