مصرفيون: تعويم الجنيه يرفع احتياطي مصر إلى 25 مليار دولار
مصرفيون يقولون إن قراري البنك المركزي بخفض الجنيه وطرح شهادات بعائد 15% سيؤديان إلى القضاء على السوق الموازية خلال فترة وجيزة.
قال مصرفيون ومديرو استثمار إن القرارات المفاجئة التي أعلن عنها البنك المركزي المصري بخفض سعر الجنيه في عطاء الاثنين من 7.73 إلى 8.85 جنيه بمعدل تراجع 14.5% هي خطوة صريحة نحو تعويم الجنيه، بحيث يترك تحديد سعره بناءً على حرية حركة العرض والطلب.
وتفاجأت السوق المصرفية بقرار البنك المركزي الذي جاء رغم تأكيد طارق عامر، محافظ البنك، في فبراير الماضي أنه لا تفكير في خفض قيمة الجنيه قبل وصول الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى ما يتراوح بين 25 و30 مليار دولار.
وتزامن القرار مع طرح أكبر بنكين حكوميين، الأهلي ومصر، الإثنين، شهادات ادخار ذات أجل 3 سنوات بعائد 15%، على أن يقتصر شراؤها على حائزي العملات الأجنبية، وبشرط التنازل عنها، وأن تكون عملة الشهادات هي الجنيه.
وأكد مصرفيون ومديرو استثمار أن هذه الخطوات ستنعش الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وستساعد في تحقيق مستهدفات البنك المركزي بالوصول به إلى 25 مليار دولار بنهاية العام 2016.
وأرجعوا ذلك إلى أن القرارات الأخيرة ستعيد جذب الاستثمارات الأجنبية بعد أن أصبح الجنيه يتداول على سعر عادل وحقيقي، فضلاً عن أن شهادات الادخار الجديدة وكذلك المطروحة للمصريين في الخارج ستجذب سيولة جيدة من العملات الأجنبية.
وتوقعوا أن تقضي قرارات المركزي الجديدة على السوق الموازية للدولار خلال أشهر قليلة لحين ارتفاع رصيد الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي، ما يمكن البنوك من تلبية كافة احتياجات السوق من النقد الأجنبي بمفردها.
وقال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية العاملة بالسوق المصرية، لبوابة "العين" الإخبارية إن خفض البنك المركزي سعر الجنيه خطوة صريحة لتعويم الجنيه.
وأضاف أن المركزي أفصح عن رغبته في أن يتم تحديد سعر الجنيه بناءً على حرية حركة العرض والطلب حتى بات السعر الحالي يقترب من سعر العملة المحلية في السوق الموازية.
وتم تداول العملة الخضراء خلال تعاملات الأحد بالسوق الموازية بين 8.95 إلى 9.25 جنيه، حيث واصلت التراجع تحت ضغط الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي مؤخرًا بإلغاء قيود السحب والإيداع للأفراد والشركات التي تعمل في مجال استيراد السلع الاستراتيجية والأساسية.
وأكد يوسف أن البنك المركزي يستهدف من تعويم الجنيه تحقيق 3 أهداف رئيسية، في مقدمتها ضمان شفافية سعر صرف الجنيه بحيث يكون هناك سعر واحد سواء في البنوك أو شركات الصرافة، والهدف الثاني يتمثل في جذب استثمارات أجنبية سواء مباشرة أو غير مباشرة في سوق السندات والأسهم بالسندات أو الاستثمار في سوق المال، لأن مرونة سعر صرف الجنيه تزيل مخاوف انخفاض قيمته عقب ضخ الاستثمارات الأجنبية، والتي كانت ستؤدي بدورها إلى تراجع قيمة الاستثمارات وكذلك الأرباح المحولة للخارج.
وحدد يوسف الهدف الثالث في رفع سيولة الجهاز المصرفي الرسمي من العملات الأجنبية، خاصةً أن قرار التعويم تزامن، الإثنين، مع إعلان بنكي مصر والقاهرة شهادة ادخار ذات أجل 3 سنوات بعائد 15% سنويًا على أن يقتصر شراؤها بالعملات الأجنبية وبشرط التنازل عن هذه العملات الأجنبية واستبدالها بالجنيه.
وسبق هذه الخطوات، محاولة البنك المركزي إغراء حائزي الدولار خارج وداخل البلاد على إيداع مدخراتهم بالعملات الأجنبية عبر رفع طرح شهادات ادخار بأسعار فائدة مرتفعة.
فقد أصدرت البنوك الحكومية الثلاثة الأهلي ومصر والقاهرة هذا الشهر شهادات ادخار متنوعة تحت اسم "بلادي" للمصريين في الخارج بعائد 3.5% لأجل عام واحد، و4.5%، لأجل 3 أعوام، و5.5% لأجل 5 أعوام، على ألا يقل مبلغ الشراء عن 100 دولار ومضاعفاتها.
ثم شهد الأسبوع الماضي، رفع البنك الأهلي عائد شهادات الادخار الدولارية ذات أجل 3 سنوات إلى 4.25% بدلاً من 3.5%، الشهادات ذات أجل 5 سنوات إلى 5.25% بدلاً من 3.6%، في حين وصل للشهادات ذات أجل 7 سنوات إلى 5.75% بدلاً من 4.25%.
كما رفع بنك القاهرة العائد على الشهادات ذات أجل 3 سنوات و5 سنوات إلى 4.25% و5.25% على التوالي بزيادة 1% عن المستويات السابقة، فيما رفع بنك مصر العائد على الشهادات ذات أجل 3 سنوات إلى 4.25% من 3.5 % وشهادات أجل 5 سنوات إلى 5.25% بدلاً من4%.
وتوقع يوسف أن تؤدي هذه الخطوات إلى رفع الاحتياطي الأجنبي للبلاد إلى المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي بنحو 25 مليار دولار بنهاية العام 2016.
ورأى رئيس قطاع الخزانة أن قرارات البنك المركزي لن تقضي على السوق الموازية للدولار الآن بل ستؤدي إلى تقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، لكن سيحتاج السوق إلى ترقب نحو 3 أشهر حتى يشهد توحيد بين السعرين.
وأضاف أن توحيد السعرين يتطلب تحسن الاحتياطي النقدي الأجنبي واعتماد الشركات والأفراد بشكل كامل على البنوك في تدبير احتياجاتها من العملة الصعبة وهو أمر يتطلب حوالي 3 أشهر لحين تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي الصادرات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج للجهاز المصرفي الرسمي وجذب مدخرات حائزي الدولار.
وقد تعرضت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي للتآكل على مدار 5 سنوات، إذ سجلت 16.533 مليار دولار بنهاية يناير 2016 مقارنة بـ 36 مليار دولار بنهاية 2010، نتيجة تآكل الصادرات وانخفاض عائدات السياحة من 14 مليار دولار في عام 2010، إلى 6 مليارات دولار خلال عام 2015.
من جانبه، رأى إيهاب رشاد، العضو المنتدب لشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، أن قرارات البنك المركزي ستنعكس إيجابًا على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة للبلاد لأن المستثمرين كان يطالبون بسعر عادل للجنيه مقابل العملات الأجنبية طيلة الفترة الماضية.
وقال رشاد لبوابة "العين" الإخبارية إن السعر المحدد للدولار الآن بـ 8.85 جنيه يقترب للغاية من السعر العادل حيث تم إلغاء معظم قيود الإيداع والسحب، ولم تعد هناك سوى القيود المفروضة على السلع غير الأساسية، الأمر الذي يعني أن أي انخفاض قادم للجنيه سيتراوح غالبا بين 10 و20 قرشًا فقط.
واستبعد أن يؤدي خفض الجنيه بنسبة 15% إلى ارتفاع معدلات التضخم وحدوث طفرة سعرية للسلع والخدمات نظرًا لأن أغلب الشركات حددت سعر الدولار في ميزانياتها بين 9 و10 جنيهات خلال الفترة الماضية، بل إن التضخم من الممكن أن يشهد تراجعًا الفترة المقبلة.
وبرر رشاد ذلك بأن السعر الرسمي سيكون هو السعر المعتمد في تعاملات الشركات الخارجية مع مرور الوقت نظرًا لأنه سيقضي تدريجيًا على السوق الموازية للدولار، فضلاً عن أن السيولة الأجنبية المتوقع تدفقها إلى البنوك من مدخرات المصريين داخل وخارج البلاد وكذلك الاستثمارات الأجنبية ستمكن الجهاز المصرفي من أن يكون المنفذ الرئيسي لتوفير احتياجات الشركات من النقد الأجنبي.
كما لفت إلى أن المرونة التي ينتهجها البنك المركزي الآن في إدارة السياسة النقدية وسعر الصرف ستساعد الشركات على رفع معدلات التشغيل بعد أن تأثرت سلبًا بسبب القيود السابقة، مما يؤدي إلى زيادة المنتجات المطروحة واعتماد سياسات تسويقية ترتكز على خفض الأسعار وتقديم عروض ترويجية لمواكبة الارتفاع المتوقع في المنافسة بالسوق المحلية.
وتوقع رشاد أن تلقى شهادات الاستثمار التي أعلن عنها بنكا مصر والأهلي رواجًا واسعًا بين حائزي الدولار نظرًا لأن هذه الخطوة سبقتها إزالة المخاوف من القدرة على إيداع وسحب أموالهم بحرية تامة، ثم الآن تعتبر الشهادة فرصة لمضاعفة أرباح حائزي الدولار الذين حصلوا عليه قبل ذلك بسعر أقل من 8 جنيه، في ظل إمكانيه استبداله في الشهادة بسعر 8.85 جنيه.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xODAg جزيرة ام اند امز