أستاذة صحة نفسية:الانتحار في غزة أزمة عابرة لكن أرقامه مخيفة
دكتورة مختصة بالصحة النفسية أكدت أن حالات الانتحار التي شهدها قطاع غزة، مؤخرًا، هي أزمة عابرة سببها الحصار الإسرائيلي.
وصفت دكتورة مختصة بالصحة النفسية حالات الانتحار التي شهدها قطاع غزة، مؤخرًا، بأنها أزمة عابرة سببها الحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع الساحلي منذ نحو 10 أعوام، موضحة أن الشباب الفلسطيني في غزة وجد أن الانتحار رغم تحريمه الشرعي حل من الحلول التي قد تخلصه من الواقع المرير الذي يعيشه في غزة التي يعيش نحو 80% من سكانها تحت خط الفقر.
ورفضت الدكتورة تغريد كساب، في حديثها لبوابة "العين" الإخبارية، وصف الانتحار الذي انتشر في غزة بـ"الظاهرة"، معتبرة أن تلك الحالات ليست سوى " أزمة عابرة" قد تختفي في أي وقت، لو اختفت الظروف المؤدية إليها والتي سببها الحصار الإسرائيلي لغزة وأدى لحالات من القهر والفقر والبطالة التي استشرت بشكل كبير في أوساط الغزيين.
واعتبرت كساب، وهي أستاذ مساعد في الصحة النفسية بجامعة القدس المفتوحة بغزة، أن الانقسام الفلسطيني إلى جانب الحصار الاسرائيلي كان له دور أيضًا فيما وصلت إليه الأمور لدى الشباب الغزي الذي بات يشعر باليأس وانعدام الرغبة في الحياة، وهو الأمر الذي دفعهم للاتجاه إلى الانتحار.
وشهد قطاع غزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية حالات انتحار غير مسبوقة، تنوعت ما بين الشنق والحرق ومحاولة إلقاء النفس من مكان مرتفع، وهو الأمر الذي أودى بحياة 4 أشخاص خلال فترة وجيزة.
عوامل مسببة:
وفندت أستاذة الصحة النفسية بغزة، عدة عوامل مسببة دفعت الشباب الغزي للتفكير الجدي في الانتحار، حيث كانت العوامل الاقتصادية وما تبعها من بطالة وفقر نتيجة الحصار الإسرائيلي على غزة، أحد أهم عوامل الانتحار.
وأضافت أن ضبابية المستقبل لدى شريحة واسعة من الشباب الغزي، إلى جانب انخفاض الوازع الديني كان سببًا جوهريًّا للإقدام على هذه الخطوة المحرمة شرعًا وعُرفًا.
وأشارت إلى أن العوامل النفسية المحيطة بالشباب تدفعهم للتفكير في الانتحار، وفقدان الرغبة في الحياة، ليجدوا الانتحار أفضل طريقة لإنهاء معاناتهم.
علامات للانتحار:
وعن العلامات التي قد تبدو على الأشخاص الذين قد يقبلون على الانتحار، قالت أستاذة الصحة النفسية، إن العلامات تبدأ بالاكتئاب الشديد، إلى جانب الاضطراب النفسي، وهي بالمناسبة أمراض نفسية يشعر بمقتضاها المريض بضرورة التخلص من حياته للتغلب على هذه الأوجاع والمآسي، كما يصور له.
ورأت كساب أن من يقدم على الانتحار، يكون لديه ما يسمى بـ"الهشاشة النفسية"، وهي التي تنتج بعد تعرض الأشخاص لأزمة يعجزون عن إيجاد الحلول لها، مشيرة إلى أن من المعروف في علم النفس أن الإنسان يحاول التخلص من حياته حين يزيد إحباطه، بسبب شعوره بالفشل الشديد في مواجهة الواقع الذي يعيشه، وبالتالي لا يستطيع التكيف حتى مع أقرب المقربين له، لذلك يتجه لإنهاء حياته.
أرقام مخيفة:
وفيما يخص الأرقام المخيفة التي نشرتها مؤسسات مستقلة تعنى بحقوق الإنسان حول حالات الانتحار، أكدت الدكتورة تغريد كساب، أن هذه الأرقام واقعية، خصوصًا أنها تعبر عن الوضع المزري الذي يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة.
بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن حالات الانتحار في قطاع غزة، ارتفعت بما يتراوح بين 30% و40% خلال الأشهر الماضية، مقارنة مع الفترة نفسها من الأعوام 2014 و2015.
وأوضحت أن هذه الأرقام المعبرة عن نسب حالات الانتحار كبيرة عن الفترات السابقة؛ لأن الوضع سابقًا لم يكن على ما هو عليه الآن بالنسبة للسكان الغزيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، إلى جانب وجود نسبة هائلة للبطالة بينهم.
طرق العلاج:
وترى أستاذة الصحة النفسية أن العلاج الأهم لإيقاف الانتحار بين أوساط الغزيين هو رفع الحصار الإسرائيلي أولًا عن غزة، إلى جانب إنهاء الانقسام الفلسطيني بين الفرقاء من أجل إيجاد حياة كريمة للغزيين.
ودعت كساب إلى تدخل فوري من قبل الجميع سواء الحكومة أو الفصائل والنخب لإيجاد حلول فورية وسريعة لثني الشباب عن اللجوء للانتحار الذي استشرى بشكل كبير في الفترات الأخيرة، إلى جانب محاولة تأمين الحد الأدنى من شروط الحياة الحرة والكريمة للسكان في غزة.
وعن طرق علاج المفكرين في الانتحار أو الذين حاولوا وفشلوا، طالبت بإيجاد مصحات نفسية تساعدهم على الاستمرار في الحياة، ومواجهتها، لأن قطاع غزة يفتقر لوجود مثل هذه المصحّات بالشكل المطلوب، دون أن تغفل أهمية التوعية بمخاطر الانتحار عبر وسائل الإعلام المختلفة والمنابر الدينية.