بعد زيارة القاهرة.. "حماس" حائرة بين المحاور
يبدي خبراء فلسطينيون شكوكًا كبيرة في قدرة الزيارة التي نفذها وفد حركة حماس على إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تعيشها الحركة
يبدي خبراء فلسطينيون شكوكًا كبيرة في قدرة الزيارة التي نفذها وفد حركة حماس على إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تعيشها الحركة ومعها مليوني فلسطيني في قطاع غزة، في ظل حالة "الحيرة" التي تعيشها ضمن لعبة المحاور في المنطقة.
ويرى المحلل السياسي، رجب أبو سرية، أن حماس تبدو حائرة وهي ترسم تحالفاتها، فهي أولا، تنسجها معها كحركة سياسية، وليس من خلال منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة، التي تمثل فلسطين، وثانيا ترسمها على أساس التوافق السياسي أو العقائدي.
لعبة المحاور
وأوضح أن حماس نسجت تحالفها أولا مع محور إيران/ سوريا، على قاعدة التوافق السياسي، كمحور ممانعة داعم للمقاومة، ثم تحولت لمحور تركيا/ قطر على أساس عقائدي، كونه محورا سنيا متحالفا مع تنظيم الإخوان، حين وصل إخوان مصر وتونس لسدة الحكم، والآن بعد سقوط الإخوان في مصر وتونس، وعجز تركيا/ قطر عن حل مشاكلها في غزة، بدأت تفكر في التحول لمحور السعودية/ مصر.
وأنهى وفد حماس زيارته إلى العاصمة المصرية، التي وصلها السبت الماضي، قادمًا من غزة والدوحة، بعد أيام من عودة التوتر إلى أجواء العلاقة مع القاهرة، إثر اتهام وزير الداخلية المصري، اللواء مجدي عبد الغفار، الحركة بالضلوع في عملية اغتيال النائب العام المصري، فيما يتوقع أن يعود الوفد مجددا للقاء المخابرات بعد اجتماعات قيادية له في الدوحة.
وقال أبو سرية، إن الحراك الحالي يأتي في ظل أنباء بأن قطر بدأت بتضمين مصاريف مكاتب حماس في الدوحة "فاتورة" الدعم المالي الذي تقدمه لحماس، كذلك الحديث عن بدء تركيا بسحب جوازات سفر بعض قيادات وكوادر الحركة المقيمين بتركيا.
ومع ذلك يرى أنه لا يمكن القول إن حماس انتقلت تماما من محور لآخر، لكنها تفحص وترى باعتبارها حركة برغماتية، أي موطئ قدم أفضل لها، "لذا لم تعط جوابا نهائيا لمصر، ولم تقطع تماما حبل الود مع قطر، بإبقاء ملف المصالحة لدى الدوحة".
وأضاف يمكن القول بوضوح إن حماس ما زالت تمارس نفس السياسة السابقة التي تعتقد بأنها وحدها كحركة وخارج إطار الكل الفلسطيني، خاصة إطاره الرسمي، يمكن أن تحقق عبرها أهدافها السياسية!
مصر حتمية قدرية
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، الدكتور ناجي شراب أن الزيارة تؤكد تطلع حماس إلى التعامل بواقعية وإبداء المرونة السياسية واتباع استراتيجيات التكتيك.
وقال شراب لـ"العين" إن حماس ربما بدأت تدرك أن مصر حتمية قدرية لغزة، ما بتطلب تغييرا في سلوكها السياسي، فيما رأى أنّ مصر تدرك أيضاً أن حماس فاعل حقيقي في الساحة الفلسطينية لا يمكن تجاهله، وأن الواقع يقتضي نوعا من المرونة والعلاقة المشتركة.
كان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مزروق، اعتبر أن زيارة وفد حركته برئاسته لمصر فتحت صفحة جديدة، بعد لقاءات جمعتهم بمسؤولين مصريين لأول مرة بهذا المستوى منذ أكثر من سنتين.
وقال أبو مرزوق في تصريح نشره على صفحته بموقع "فيسبوك" إن "الزيارة لها ما بعدها، ونعتقد بأنها فتحت صفحة جديدة وخطاب مودة لأشقائنا في مصر".
ورأى الكاتب والمحلل السياسي عادل الأسطل، أن تصريح أبو مرزوق الذي نظر إليه البعض بأنه تفاؤلي "أراد وقف التكهّنات التي تميل إلى أن اللقاء كان فاشلاً".
وقال الأسطل "ما سبق هو بلا ريب في عِداد الصحيح، لكنه لا يُعتبر عن إنجاز، بسبب أن تبادل الأحاديث الوردية، والتعبير عن الشعور والأحاسيس، ليس كافياً عن وجود نتائج ملموسة يشعر بها العامة من الناس والتي يُمكن البناء عليها منذ الآن فصاعداً".
وأشار إلى أن اللّقاء أمني بالدرجة الأولى، حيث علّق المصريّون آمالهم في كسب المعركة ضد التنظيمات المسلحة في سيناء من خلال تعاون حماس، إضافةً إلى التوصية (المُحددة) من السلطة الفلسطينية وحركة فتح تحديداً، رغبةً في ممارسة المصريين ضغوطاتهم من أجل انتزاع مواقف أقل تشدداً بشأن إتمام المصالحة.
إمساك العصا من النصف
لعبة المحاور الخطيرة، التي تحاول حماس تجنب دفع استحقاقاتها حاول القيادي في الحركة محمود الزهار التأكيد بأن حماس حريصة على البعد عنها، من خلال تصريحات لقناة "بي بي سي" نهاية الأسبوع الماضي، بأن حركته "لا تريد أن تلعب لعبة المحاور، والتي لا يكسب منها إلا الغرب".
وأضاف "تحاول أن تقنع كل أطراف الأمة العربية والإسلامية لإبعادنا عن الخلافات الدائرة؛ وألا يستخدمنا أيّ طرف بعيدًا عن القضية التي نحن في مواجهتها (الاحتلال )".
وتابع "من يقبل بنا على هذا الأساس؛ نرحب بذلك ومن لا يقبلها لا نعاديه ولا ندخل معه في إشكاليات، ولا ندخل في محور ضده"، مضيفا أن "حماس تنظر للأمة كأمة واحدة بكل مكوناتها العرقية، وبين أن إمساك حركته للعصا من المنتصف ليست عيبًا، فإمساكها من أحد الأطراف يعني أنك تريد أن تضرب".
مفترق طرق
ويرى الكاتب مجدي شقورة أن زيارة حماس إلى القاهرة تتعدى ما يقول البعض إنها ليست سوى زيارة "علاقات عامة".
ويعتبر أن السيناريو الذي يمكن أن يظهر في أفق العلاقة بين حماس وجمهورية مصر العربية، يمتد إلى مربعات إقليمية أخرى، تتعلق بالسعودية والحرب على داعش والصراع مع إيران.
وأشار إلى أن السعودية على ما يبدو بحاجة ماسة إلى بناء أكبر تحالف "سنّي" يسمح لها بقيادة المعركة ضد مسلحي تنظيمي "داعش والقاعدة" الإرهابيين من جهة، ويتيح لها أن تواصل معركتها في مواجهة الحوثيين في اليمن من جهة ثانية.
ويذهب شقورة إلى أن دعوة حماس إلى القاهرة قد تمت ليس برغبة مصرية أحادية، وإنما برغبة إقليمية متعددة الأطراف، وربما كان أحد الأطراف الاقليمية هو الذي رتّب وخطط لهذه الزيارة، ضمن ثقل وتأثير القاهرة والرياض وأبو ظبي.
وقال: "حماس إذن أمام مفترق طرق، ربما كان الأخطر في مسيرتها كلها، وهي مدعوة هذه المرة لتحديد خياراتها وتقرير مصيرها بإرادتها، ولن يسمح لها الإقليم هذه المرة أن تناور، ولن تتمكن من التذاكي سياسياً، لحساب مصالحها وتوازناتها، وحتى تكتيك الزيارة المعتزمة لدول المنطقة، لن يفي بالغرض، حيث ستجيب في نهاية المطاف على سؤال الحقيقة المتعلق بأي محور تتمسك وبأي آلية تذهب وضمن أي معطيات تتقدم نحو وجهتها المحتومة، فما الذي اختارته حماس، سؤال ستجيب عنه الأيام القليلة القادمة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xMDAg جزيرة ام اند امز