"جيل كي" .. المراهقون يحملون نظرة مضطربة ومتشائمة للحياة

جيل المراهقين الحالي يتسم بالقلق العميق وانعدام الثقة ولا يتوقع خيرًا في المستقبل، بحسب تحقيق استقصائي أجرته صحيفة الجارديان البريطانية

في تحقيق استقصائي جريء أجرته صحيفة الجارديان البريطانية طوال ١٨ شهرًا والتقت خلاله أكثر من 2000 شاب وشابة، كشفت الصحيفة أن جيل المراهقين الحالي الذين تترواح أعمارهم بين ١٤-٢١ عامًا أو ما يطلق عليه جيل الألفية، يحمل صورة متشائمة للغاية للحياة.

ويرى هذا الجيل -بحسب التحقيق- أن الحياة أصبحت أشد قسوة مما كانت عليه، كما أنه جيل يتسم بالقلق العميق وانعدام الثقة ولا يتوقع خيرًا في المستقبل.

وكشف التحقيق أن السبب الرئيسي الذي كون هذه المخاوف لديهم هو أنهم لم يشهدوا سوى الأحداث الجسيمة العنيفة منذ أن ولدوا.

وأضاف أن أكثر ما يجمع هذا الجيل والشيء الوحيد الذي يتفقون عليه هو تعلقهم بالتكنولوجيا الحديثة المتمثلة في التليفون المحمول والحاسوب المحمول، بل إنهم أصبحوا متعلقين بهذه الأجهزة أكثر من والديهم حتى لو كانوا في محنة.

وأوضحت أن هذه الأجهزة عامل مساعد لهم؛ لأنها سهلة الاستخدام ومتعددة الاستخدام في آن واحد، مما يوفي بكثير من طلباتهم بسرعة وسهولة.

وأطلقت الصحيفة الشهيرة لقب "جيل كي" على هؤلاء المراهقين تيمنا بـ"كاتنيس إيفردين" أو الدور الرئيس لسلسلة أفلام "هانجر جيمز" (ألعاب الجوع) الذي قامت به الممثلة الشهيرة جينيفر لورنس.

وأوضحت أن هذا الجيل مثل كاتنيس يشعر أن العالم الذي يعيشون به في صراع دائم وغير عادل وقاسٍ وبائس،ومع ذلك فأكد الكثير من هؤلاء الشباب أن الظروف الصعبة التي ولدوا بها جعلتهم أقوى من والديهم وأنهم لن يستسلموا بسهولة.

وتوافقًا مع هذا التحقيق حذّر تقرير لمنظمة الصحة العالمية صدر قبل أسبوع من أن المراهقين في جميع أنحاء العالم أصبحوا أكثر اضطرابًا مما سبق.

وأضافت أن المراهقين البريطانيين هم الأكثر اضطرابًا من بين ٤٢ جنسية أوروبية أجريت عليها الدراسة بينما جاء مراهقو مقدونيا وبولندا في نهاية القائمة.

ويقول المراهقون إنهم يشعرون بضغوط من الفروض المدرسية وقلقون من مظهرهم. وحتى الباحثين فيقولون إنهم مصدومون من حالة عدم الرضا التي يمر بها هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 15 عامًا.

ولا عجب في الحقيقة، فهذا الجيل يأتي في ظل التدهور الاقتصادي، وانعدام الأمن وصعوبة الحصول على ووظيفة، وزيادة عدم المساواة وعدم التفاؤل المالي.

وعندما سُئِلوا عما إذا كانوا يعتقدون أن نضالهم في الحياة سيكون أكثر من حياة والديهم، كان جوابهم هو نعم بدون شك: وقال 79% إنهم قلقون بشأن الحصول على وظيفة، في حين قال 72% إنهم قلقون بشأن الديون. 
وردًّا على سؤال عما تعنيه الديون بالنسبة لهم، فصوروها على شكل السلاسل والأغلال وقضبان السجن.
ومما لاشك فيه أن هؤلاء المراهقين ولدوا في ظل تهديدات لوجودهم في حد ذاته، حيث قال 70% إنهم قلقون بشأن الإرهاب.
وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى منهم لم يشهدوا حقًّا هجمات إرهابية وجرائم مباشرة، لكن مشاهد قطع الرؤوس والتفجيرات وعمليات القتل العنيفة على كل وسائل تكنولوجيا الاتصال الحديثة التي يحملونها.
وهذا القلق العميق ليس في أوروبا وحدها، بل يمتد أيضًا إلى الولايات المتحدة؛ حيث ذكر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية أن 17% من طلاب المدارس الثانوية فكروا بجدية في قتل أنفسهم.
وفي إنجلترا وحدها، كانت هناك زيادة بمقدار 3 أضعاف خلال السنوات الـ10 الماضية في عدد من المراهقين الذين قاموا إيذاء النفس.

ويفتقد هذا الجيل أيضًا الثقة بشدة في الحكومات والمؤسسات الكبرى؛ حيث يثق 6% فقط بالمؤسسات الكبرى مقارنة بـ60% من البالغين. ويشبهون هذه المؤسسات بالمتلاعبة والأنانية والمتكبرة والطماعة والغشاشة وغير جديرة بالثقة.

واحد فقط من 10 من هذا الجيل يثقون بالحكومة أي ما يقرب من نصف أبناء هذا الجيل.

ولكن عندما يشعرون بأن هناك سياسيًّا مختلفًا أمثال المرشح للرئاسة بيرني ساندرز؛ فإنه يلقى شعبية مفرطة وذلك بسبب تعهده بالوقوف بالمرصاد لمطامع المؤسسات الكبرى والتزامه بالعدل الاجتماعي.
كما تبين فإن 92% منهم يعتقدون أن مساعدة الآخرين مسألة مهمة، و 70% يرون أن عدم المساواة والإرهاب من القضايا التي تقلقهم كثيرًا.

وهذا الجيل لا يوافق على أن "المجتمع عادل والجميع لديه فرصة متساوية"، وبدلًا من ذلك، فإنهم يعتقدون أن لون بشرتهم، والجنس، والوضع الاقتصادي لوالديهم ووضعهم الاجتماعي هى التي ستحدد مستقبلهم. 

نعم إنهم جيل مختلف .. منعزلون في وسائلهم التكنولوجية لكنهم ليسوا أنانيين، قد يكونون متصلين بالجميع حول العالم، لكن ما زالوا يشعرون بالوحدة، قد يكونوا قلقين لكنهم عمليين، يخشون المخاطر لكن فرص استثماراتهم وابتكاراتهم أكبر.

إنهم مختلفون تمامًا عن الجيل السابق، لكن إلى ماذا سيأخذهم مستقبلهم؟ هل سيكون مختلفًا عن توقعاتهم؟