معركة طاحنة بين موالين لأردوغان شمالي سوريا تحت أنظار الجيش التركي
المعركة بين حركة نور الدين الزنكي المدعومة بشكل علني من تركيا و"جبهة تحرير الشام" فرع تنظيم القاعدة الإرهابي التي تمولها أنقرة سرا.
تثير المعارك المشتعلة شمالي سوريا بين الفصائل المسلحة الموالية لتركيا علامات استفهام كثيرة حول ما تحمله أجندة الرئيس رجب طيب أردوغان من جديد خلال الفترة المقبلة، ارتباطا بالمتغيرات الجيواستراتيجية.
المعارك التي انطلقت شرارتها مع بداية العام الجديد بين "حركة نور الدين الزنكي" المدعومة من تركيا بشكل علني، و"جبهة تحرير الشام" فرع تنظيم القاعدة الإرهابي في سوريا، المدعومة سرا من أنقرة، تمت تحت أنظار الجيش التركي المنتشر بالمنطقة، ما يجعل عدم تدخله يثير أكثر من علامة استفهام.
- مكافحة "داعش" في سوريا.. أكذوبة أردوغان تعريها عقدة الأكراد
- عودة سوريا لحضنها العربي.. ضرورة لمواجهة التحديات والتدخلات
تفسيرات متباينة
المتابعون للملف السوري بتشعباته الإقليمية والدولية يعطون تفسيرات متباينة لسكوت أردوغان عن الحرب المشتعلة التي أصبحت أشبه بمعركة تكسير عظام بين أنصاره المسلحين شمال سوريا.
ويذهب بعض المتابعين للملف إلى أن الموضوع "يرتبط بمحاولة من تركيا لتوحيد أنصارها تحت أقل عدد ممكن من الرايات، وبالتالي تركت أنقرة المعركة تستمر، لتنحاز في النهاية إلى الطرف الذي يستطيع فرض هيمنته ميدانيا".
ويعتمد أصحاب هذا الطرح على تقارير تشير إلى اجتماع سري بين المخابرات التركية والفصائل المسلحة السورية، بهدف توحيدها قبيل اندلاع المعارك التي بدأت إثر مقتل عناصر من هيئة تحرير الشام على يد حركة نور الدين الزنكي.
وتشير التقارير الإخبارية إلى أن الاجتماع الذي كان محاطا بسرية تامة شهد تباينا في المواقف بين الفصائل، وأن زعيم "هيئة تحرير الشام" المتشددة أبومحمد الجولاني وزعيم حركة "نور الدين الزنكي" توفيق شهاب الدين رفضا المقترح التركي.
بدورهم يرى بعض المتابعين أن القتال المستمر "يندرج في إطار صراع الهيمنة بين أنصار تركيا في أفق الانسحاب الأمريكي من سوريا وما قد يترتب عليه من تغييرات في مراكز النفوذ بالمنطقة".
ويشير هؤلاء إلى أن جبهة تحرير الشام "لديها بعض الهواجس تجاه استراتيجية تركيا المستقبلية، واحتمال تلاقيها في نقاط معينة مع المآلات التي تريدها روسيا وحلفاؤها الإيرانيون والسوريون للصراع".
ويذهب هذا الاتجاه إلى أن الجبهة المرتبطة بتنظيم القاعدة "فضلت طرد حركة نور الدين الزنكي التركمانية بالأساس من مناطق سيطرتها، حتى لا تكون شوكة في خاصرتها خلال أي صراع محتمل مع تركيا، بحجة الاعتداء على عناصرها".
ويوفر هذا الوضع لـ"هيئة تحرير الشام" ميزات استراتيجية، فهي من ناحية لم تقطع حبال الود السرية مع تركيا، وفي الوقت نفسه تخلصت من ورقة ضغط محتملة لأنقرة خلال أي مفاوضات أو معارك قادمة.
معالم مشهد جديد
ويرى محللون أن مشهد الصراع السوري برمته "يتشكل من جديد، وأن المعارك التي شكل ريفا محافظتي حلب وإدلب مسرحها الرئيسي سترسم ملامح الحالة السياسية والعسكرية في تلك المنطقة".
ويؤكد المحللون أن تركيا "بعد اتضاح موازين القوة في منطقة سيطرة حلفائها ستعمل مع المنتصر ميدانيا، على الأقل في المدى القصير، حتى تتمكن من تصفية التواجد الكردي شرقي نهر الفرات، عسكريا، أو من خلال تفاهمات مع الجهات ذات العلاقة بالملف".
إلا أن المحللين يشيرون إلى "عقبة رئيسية في وجه الاستراتيجية التركية مرتبطة بقوة جبهة تحرير الشام على حساب بقية الفصائل، في الوقت الذي يصعب تسويقها دوليا بفعل علاقتها المشهودة بتنظيم القاعدة الإرهابي".
ويعزز هذا الطرح ما تشير إليه التقارير الإخبارية من اكتساح الهيئة لمواقع حركة نور الدين الزنكي خلال أربعة أيام فقط من المعارك، حيث تمكنت من السيطرة على كامل ريف حلب الغربي الذي يعتبر المعقل الأخير للزنكي.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن جماعة نور الدين الزنكي أعلنت حل نفسها، إثر هزيمتها من قبل هيئة تحرير الشام، وأن عناصرها فروا إلى أنقرة وعفرين ومناطق خاضعة لسيطرة القوات التابعة لحملة "درع الفرات" التركية شمال شرقي سوريا.
aXA6IDMuMTQ2LjEwNy40OSA=
جزيرة ام اند امز