سياسة
عبدالله باثيلي.. مهمة إنقاذ ليبيا بزوارق الأمم المتحدة
منذ تسمية السنغالي عبد الله باثيلي مبعوثا أمميا جديدا لليبيا، ونبرة التحذيرات من أخطاء أسلافه تتصاعد توفيرا للوقت والجهد.
واختيار باثيلي جاء في توقيت "حرج" من عمر الأزمة الليبية، والتي يهددها خطر الانقسام المؤسسي من جديد، في ظل وجود حكومتين تتنافسان على السلطة، وهو ما طرح تساؤلات حول ماهية دور المبعوث الأممي الجديد، والتحديات التي ستقف عثرة في مشواره نحو تحقيق السلام.
وأمام تلك التساؤلات، اختلف محللون ليبيون استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، في تقييم دور المبعوث الجديد، بين متفائل بدور الرجل الجديد لاسيما وأن غياب شخص في المنصب لإدارة الوساطة بين أطراف الصراع الليبي أدى إلى تأزيم الوضع، ومقلل من أهمية وجوده، وخاصة وأنه يعد رقم ثمانية في طابور المبعوثين الأمميين الذين توافدوا على البلد الأفريقي في السنوات العشر الأخيرة.
وقبل يومين، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قرارًا بتعيين عبدالله باثيلي، ممثلاً خاصاً له في ليبيا ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
دوافع للنجاح
المحلل السياسي الليبي طاهر محمد، توقع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن ينجح السنغالي باثيلي في إحداث فرق في الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن "الدوافع عديدة أولها أن الجميع ألقى باللوم على الأمم المتحدة ومجلس الأمن بعد تأخر تعيين ممثل أممي يقود الحوار بين الأطراف الليبية".
وأوضح أن مهمة باثيلي الآن أصبحت أكثر جدية بالتوازي مع إرادة المجتمع الدولي لتدارك تأخره في تعيين مبعوث لحل الأزمة، مشيرًا إلى أن هناك "إصرارًا من المجتمع الدولي على تدارك فشل حلوله السابقة والتي ربما عقدت الأزمة بشكل أكبر".
ولفت إلى أن أحد الأسباب التي قد تجعل مهمة باثيلي ليست بالأمر العسير، هو حالة الإنهاك التي وصل إليها جميع أطراف الأزمة الليبية، والتي باتت مستعدة للامتثال للحل.
وأكد المحلل الليبي، أن أحد الأسباب التي جعلته يتوقع نجاح المبعوث الأممي الجديد، هي جنسية الأخير الأفريقية، وليس من دول "الناتو" المتصارعة، مشيرًا إلى أنه سيعمل بشكل مستقل نسبيا ولن يتعرض للضغوط الدولية التي ساهمت في إفشال مهام سابقيه.
وقال طاهر محمد، إن المشكلة الليبية ليست محلية كليا بل إن جزءًا منها ناتج عن صراع القوى الدولية العظمى، مشيدًا بقرار اختيار مبعوث أممي لا ينتمي لتلك الدول، بالإضافة إلى ما يتمتع به من خبرة وقرب من الملف.
كرة "سهلة"
على النقيض من تلك الرؤية، تقف المحللة السياسية رقية المسماري، قائلة في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "جنسية المبعوث الجديد الأفريقية، تجعله كرة سهلة يتقاذفها اللاعبون الدوليون الكبار، خاصة أمريكا وروسيا".
وأضافت المسماري، أن العادة جرت أن تستخدم الدول العظمى "دولة المبعوث" للضغط عليه للسير في الاتجاه الذي تريده، مشيرًا إلى أن دولة أفريقية كالسنغال لن تستطيع الوقوف في وجه الضغوط الدولية الأخرى، مما سيؤدي إلى إخضاع باثيلي لطموحات تلك الدول.
وأشارت إلى أن المبعوث الأممي الجديد استلم مهمته في أعقاب فشل ذريع لسلفه "المؤقتة" ستيفاني وليامز التي انتهت مهمتها فيما الوضع السياسي يعاني من أزمة كبيرة، مما يجعل من محاولات الدبلوماسي الأفريقي لطرح حلول، أمرًا صعبًا.
وأضافت: "ستيفاني انسحبت بعد أن أيقنت أنها لن تتمكن من الحل وتركت ملفات ساخنة وتركة ثقيلة سيحملها السينغالي باثيلي، سواء في الملف السياسي الذي زاد تعقيدا أو الأمني الذي تطورت الأمور فيه إلى أن وصلت للحرب التي اندلعت بين الأطراف المتناحرة، قبل أسبوع".
وأكدت المحللة السياسية الليبية أن "باثيلي يعد المبعوث الثامن للأمم المتحدة لدى ليبيا منذ اندلاع أزمتها في العام 2011، في ظل الإخفاقات المتكررة من جميع المبعوثين في حلحلة الأوضاع، مما يطرح تساؤلات: ما الذي سيقدمه باثيلي عن أسلافه؟".
"الخطأ الكبير"
رقية المسماري أوضحت أن ما وصفته بـ"الخطأ الكبير" الذي وقع فيه أسلاف باثيلي، كان التركيز على أن يتوافق المتصارعون حول سلطة جديدة دون أن يسعوا لحل الخلاف بينهم، ما يجعل السلطات الجديدة تفشل بعد أن تصطدم في تلك الخلافات.
وشددت المسماري على أن "أزمة ليبيا لن تحل بمبعوثين جدد بل باتفاق الدول العظمى المتحكمة في مصير الليبيين على تقاسم كعكة البلد، بشكل بحل الأزمة".
من جانبه، طالب عضو البرلمان صالح فحيمة الليبيين بألا يعلقوا آمالا كبيرة على أشخاص رؤساء البعثات الجدد، بل عليهم التدقيق في مشاريعهم وخططهم للعمل في بلادهم، ومن ثم اتخاذ الموقف الصحيح منها.
وأوضح فحيمة، في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنه ما لم تتغير الظروف الأمنية في ليبيا فإن باثيلي لن يستطيع تغيير شيئا في المشهد السياسي.
وأشار إلى أن باثيلي لو استطاع فقط تحسين الظروف الأمنية في ليبيا من أجل التمهيد لتوحيد الحكومة، فسيكون قد أنجز ما عجز عن إنجازه كل أسلافه.
aXA6IDUyLjE1LjIxNy44NiA=
جزيرة ام اند امز