أبو الغيط والإخوان.. رؤية ثاقبة لـ"تهديد خطير" وتحذير لا ينتهي
"الأب الروحي للجماعات الإرهابية" عبارة شهيرة للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، تعكس إدراكه المبكر لخطر الإخوان.
أبو الغيط الذي ترشح مؤخرا لولاية ثانية على رأس الجامعة، أظهر بمواقفه وتصريحاته المتتالية منذ 2013، رؤية ثاقبة وبعد نظر كبيرين فيما يتعلق بخطر تنظيم الإخوان على المجتمعات العربية، وضرورة محاربة الإرهاب واقتلاع جذوره، علاوة على وعيه بالتحديات والمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي.
وقبل يومين، وافق وزراء الخارجية العرب خلال الاجتماع التشاوري لمجلس الجامعة العربية بالقاهرة، على التجديد لأحمد أبو الغيط أمينا عاما للجامعة لفترة جديدة.
ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت مصر اعتزامها إعادة ترشيح أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لفترة ثانية مدتها 5 سنوات، بعد أن تنتهي المدة الحالية في يونيو/حزيران المقبل.
محطات في مواجهة الإخوان
وخلال فترة تولي تنظيم "الإخوان" حكم مصر، تحدث أبو الغيط في تصريحات إعلامية أن فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي ألحقت أضراراً كبيرة بالسياسة الخارجية المصرية؛ لأنه انطلق في تنفيذ سياسة خارجية على أساس مناهج أيديولوجية".
وفي مارس/آذار 2013، قال أبو الغيط في تصريحات تلفزيونية: "لا أعرف مرسي ولم أخاطبه في حياتي.. لكن في التحليل المجرد هناك ظروف صعبة للغاية، ويجب أن تقيم مصر علاقات مع جميع الدول، وبذل أكبر جهد ممكن لطمأنة المجتمع الخارجي".
مأساة كبيرة
وفي استشراف مبكر لخطر وصول التنظيم الإخواني للحكم، روى أبو الغيط الذي افنى نحو 43 عاما في العمل الدبلوماسي في تصريحات تلفزيونية في فبراير/شباط 2017: "لقد طلبت من هيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة)، ضرورة إتاحة الفرصة للرئيس مبارك للتغيير حتى لا نتيح الفرصة للإخوان"، قبل أحداث يناير 2011.
ودلل بأن هيلاري كلينتون ذكرت في مذكراتها التي حملت عنوان "خيارات صعبة": "تحدثت أكثر من مرة مع وزير الخارجية المصري (أحمد أبو الغيط).. وكان يقول لي مكنوا مبارك لتحقيق الاستقرار والتهدئة على الأرض؛ لأنكم (واشنطن) إذا دفعتم الأمور باتجاه سرعة التغيير، فإن الإخوان سوف يقفزون على السلطة".
وتابع أبو الغيط في تصريحاته التلفزيونية: "حذرت من خطورة وصول جماعة تستخدم الإسلام كوسيلة للحكم، وقلت للإدارة الأمريكية إن وصول الإخوان للحكم سيكون مأساة كبيرة على الإقليم؛ لأنهم سيدخلون في تحالف مباشر مع ملالي إيران، وسوف يفرضون على المجتمع العودة للقرن الـ 15".
ومضى قائلا: "ليس هناك ما يسمى بالربيع العربي بل التدمير العربي".
وفي تصريحات منفصلة، قال أبو الغيط: "ثورة 30 يونيو خيبت آمال أمريكا في تقسيم مصر".
وكان أبو الغيط يشغل منصب وزير الخارجية المصري منذ يوليو/تموز 2004 وحتى مارس/آذار 2011
وكان لافتا، باعتراف كلينتون، تحذير أبو الغيط المتكررة للإدارة الأمريكية من سعي التنظيم الإرهابي إلى القفز على السلطة، وهو الأمر الذي تحقق لاحقا في مصر بوصوله لسدة الحكم في منتصف 2012، لكن وعي الشعب ويقظته، أحبط مخططاته والإطاحة به بعد ذلك بعام واحد.
75 مليار دولار خسائر
وكشف الدبلوماسي المخضرم في لقاء مع برنامج "كل يوم" التلفزيوني المصري في ديسمبر كانون أول 2019 أنه تحدث مع كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة "في 2009"، وطلب منها إعطاء الفرصة للتأقلم مع الأوضاع المتغيرة في المنطقة؛ لأن هناك قوى قادمة من القرن الـ15 تريد القفز على السلطة، ويجب الحذر في التعامل مع مصر".
وتابع : "قلت لوزيرة خارجية أمريكا بوضوح لا تضغطوا من أجل التغيير الفوري في مصر.. فالقاهرة رمانة الزمان".
وأكد أبو الغيط في نفس اللقاء أنه "نتيجة وصول الإخوان للحكم في مصر، خسرت البلاد 75 مليار دولار في 5 سنوات بسبب الفوضى التي ضربت المجتمع".
الأب الروحي للتنظيمات الإرهابية
وكان "أبو الغيط" روى في فبراير شباط 2014 أن "الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش قال لرئيس الحكومة المصري الأسبق أحمد نظيف في زيارة للأخير إلى واشنطن إنه (رغم علمنا بأن الإخوان جماعة إرهابية، لكن يجب أن تقوموا بمنحها فرصة للعمل السياسي واشراكها في الحكم)"، وهو ما وصفه أبو الغيط بـ"الأمر العجيب والغريب".
ونوه إلى أن "أمريكا بدأت منذ عام 2005 في محاولات تغيير الأنظمة العربية، ورأت تسليم السلطة للإسلام السياسي بشرط ضمان حماية أمن إسرائيل".
وحرص الأمين للجامعة العربية في أبريل نيسان 2019، على التأكيد في حوار لاحق مع برنامج "على مسئوليتي" المصري إن "جماعة الإخوان الإرهابية هي الأب الروحي لكافة الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي نراها الآن".
وشدد على ضرورة "تأهيل رجال الدين، وتجديد الخطاب الديني، حتى نتمكن من القضاء على الفكر التكفيري"
الخلافة لن تعود لإسطنبول
وبالتوازي مع الحديث عن خطورة الإخوان، حذر "أبو الغيط" بشكل متكرر من خطر التدخل التركي في المنطقة.
ففي أكتوبر/تشرين أول 2019، أكد الدبلوماسي المخضرم في تصريحات تلفزيونية أن "الخلافة الإسلامية لن تعود لإسطنبول، ولا لأي عاصمة أخرى"، قائلا: "الخلافة مرحلة من مراحل في التاريخ، وإلا لتحدثنا عن عودة الإمبراطورية المقدسة في أوروبا".
وزاد :"المراهنة على الإسلام السياسي خاسرة لعدة عقود، فلا أرى أن هناك نجاحات في هذا المجال".
ومضى قائلا: "ما نراه (من تدخلات تركية) على الأرض في أكثر من دولة عربية هو أمر خطر للغاية"، مضيفا أن أنقرة "سمحت بآلاف من الشباب العربي للتدفق عبر أراضيها للعراق وسوريا".
aXA6IDMuMTQ1LjY2LjEwNCA=
جزيرة ام اند امز