"بيت العائلة الإبراهيمية".. العالم ينتظر هدية الإمارات للإنسانية
أينما حل اسم الإمارات حول العالم، أضحت مبادراتها في نشر قيم التسامح ودعم الحريات الدينية حاضرة كنماذج تلهم العالم.
ومن أبرز تلك المبادرات "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يمثل صرحا يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث ويجسد قيم التسامح والعيش المشترك، ويعد ترجمة على أرض الواقع لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التي انطلقت من الإمارات، وسيخلد العالم بعد أيام ذكرى توقيعها.
وبعد نحو أسبوعين، سيحتفل المجتمع الدولي لأول مرة يوم 4 فبراير القادم بـ"اليوم العالمي للأخوة الإنسانية"، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع بهذا الصدد.
ويعد ذلك انتصارا هاما للإمارات واعترافا دوليا بوثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات.
وفي ترجمة عملية للوثيقة وأهدافها، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بناء "بيت العائلة الإبراهيمية" ليجسد حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في دولة الإمارات.
وسيضم «بيت العائلة الإبراهيمية»، المقرر إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
وفيما يحتفل العالم بعد أيام باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، الذي يشكل هدية الإمارات للإنسانية في عام 2021، ودعوة عالمية لنشر التسامح وروح الأخوة، فإنها يترقب هديتها الجديدة ممثلة في بيت العائلة الإبراهيمية التي سترى النور منتصف العام القادم.
ومن المقرر افتتاح البيت عام 2022، ليشكل مركزا لنشر التسامح الديني والتعايش المشترك ونشر قيم السلام، وليضاف لما تزخر به الإمارات من مآذن المساجد وأبراج الكنائس ودور عبادة، متجاورة ومتحدة دون اضطهاد على أساس الدين أو العقيدة.
اليوم العالمي للأخوة الإنسانية
وسيحتفل المجتمع الدولي لأول مرة يوم 4 فبراير/شباط القادم بـ"اليوم العالمي للأخوة الإنسانية"، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع بهذا الصدد 22 ديسمبر الماضي بعد مبادرة قدمتها الإمارات بالتعاون مع السعودية والبحرين ومصر.
يأتي القرار تقديرا للخطوة التاريخية التي أقدمت عليها أبوظبي في الرابع من فبراير/شباط 2019، وبجهودها في احتضان توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية، التي وقّعها الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر ، وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
كما يعد القرار الأممي، بمثابة إقرار عالمي بصوابية الرؤية الإماراتية التي كانت ترى في الأخوة الإنسانية سبيلًا لاستقرار العالم والقضاء على النزاعات والصراعات، ونشر قيم التعايش والتسامح.
ووثيقة الأخوة الإنسانية تؤسس دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
وتُدشّن "وثيقة الأخوة الإنسانية" مرحلة جديدة من التعايش والتسامح بين أتباع الأديان، حيث دعا من خلالها الرمزان العالميّان جميع المؤمنين وغير المؤمنين إلى العيش المشترك، واحترام حُريّات الاعتقاد والتعبير والممارسة، وحَضّا البشر على تقدير التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس واللغة، فتلك حكمة لمشيئة إلهية .
كما تؤكد الوثيقة في إحدى مبادئها على أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية.
وقد شهد حفل توقيع الوثيقة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمشاركون في "المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية"، الذي احتضن أكثر من خمسمائة قائد ديني وروحي من مختلف دول العالم.
وتخليدا لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة للرمزين الدينيين الكبيرين، لدولة الإمارات، وإطلاقهما من أبوظبي "وثيقة الأخوة الإنسانية"، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتخصيص مساحة أرض في جزيرة السعديات وتشييد معلم حضاري جديد يُطلق عليه اسم "بيت العائلة الإبراهيمية".
ويرمز المعلم الديني الفريد إلى حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في مجتمع دولة الإمارات.
كما أنه سيستقي نهجه من الوثيقة التاريخية التي وُقّعت في دولة الإمارات، التي تُبشر بعهد جديد للإنسانية، تتقارب فيه الشعوب والطوائف والأديان باختلافاتها وتنوعاتها .. وسيكون الصرح الجديد أحد المعالم البارزة على مستوى الدولة والعالم.
تصميم فريد
ويعد مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية" المقرر إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، إحدى المبادرات الأولى التي دعت إليها وثيقة الأخوة الإنسانية.
ويضم البيت كنيسة ومسجدا وكنيسا تحت سقف صرح واحد، وسيضم - بحسب تصميمه الفريد- 3 مبان منفصلة، سيخصص كل مبنى على حدة منها لعبادة ديانة سماوية في إطار مدخل منفصل من الحديقة الرئيسية للمجمع.
كما سيضم البيت مبنى رابع غير تابع لأي ديانة، سيكون بمثابة متحف ثقافي يجتمع فيه الأخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم، وسيوفر برامج تعليمية وفعاليات متنوعة، تهدف إلى تعزز التبادل والتعاون الثقافي والإنساني بين الأديان والأخوة الإنسانية بمختلف انتماءاتهم.
ومن المقرر افتتاح هذا المشروع التاريخي الفريد من نوعه عام 2022.
وسوف يكون البيت مفتوحا للبشر من كافة الديانات من جميع أنحاء العالم، وكافة طوائف المجتمع للتعلم والتواصل، لتجمعهم رسالة مشتركة وهي التعايش السلمي للأجيال المقبلة.
وقد تم اختيار تصميم المعماري العالمي الشهير، السير ديفيد اجايي أوبي، لبيت العائلة الإبراهيمية، خلال اجتماع اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، في المكتبة العامة بنيويورك ،20 سبتمبر/أيلول 2019، وذلك بحضور الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيا،ن وزير الخارجية والتعاون الدولي.
وأجمع أعضاء اللجنة العليا على أن اختيار هذا التصميم العصري لـ "بيت العائلة الإبراهيمية" جاء وفق عملية دقيقة، أتيحت الفرصة خلالها لمشاركة معماريين معروفين حول العالم تتنوع خلفياتهم ودياناتهم، ولفتوا إلى أن تصميم المعماري أجايي اتسم بالتميز حيث يضم أماكن عبادة منفصلة لكل ديانة، ومكانا مشتركا للتعاون، تقام فيه تجمعات غير رسمية، ولكونه تصميما معاصرا، فهو سيعكس الهدف الذي تم وضعه لإنشاء مكان للأجيال المقبلة يستقطب الأجيال المستقبلية".
وشددوا على أن هذا المشروع الحضاري سيكون بمثابة معلم حضاري عالمي، يهدف إلى إعلاء قيم التنوع والتفاهم والمحبة والتسامح، ويعطي في نفس الوقت للبشرية محطة للتأمل والأمل، والاحتكام إلى العقل والإرث الإنساني للأمم والشعوب مهما اختلفت وتعددت قناعاتها وأديانها وعقائدها.
والتقت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية في منتصف نوفمبر 2019 في الفاتيكان قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وذلك لتقديم التصور والمقترح لبيت العائلة الإبراهيمية الذي سيقام في أبوظبي.
واحة تسامح
وتضاف هذه المبادرة إلى مبادرات إماراتية عديدة لتعزيز قيم التسامح و التعايش.
وتعد الإمارات واحة للإنسانية والتسامح ونموذجا يحتذى به، حيث تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف الأديان والثقافات يعيشون على أراضيها بانسجام ووئام، ويضمن القانون الحق للمقيمين في استخدام مرافق الدولة الصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية أسوة بمواطنيها دون أي تمييز.
وكفلت قوانين الإمارات للجميع الاحترام والتقدير، وجرمت الكراهية والعصبية وأسباب الفرقة والاختلاف، كما أنها تعد شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز.
وتستضيف الإمارات عشرات الكنائس المسيحية ومعبدين هندوسيين وكنيس يهودي ومعبد للسيخ ودير بوذي. وفي عام 2022، سيكتمل بيت العائلة الإبراهيمية، الذي سيجمع بيوت العبادة المسيحية واليهودية والإسلامية تحت سقف واحد.
ومن الأمثلة العملية لروح التسامح التي تتمتع بها دولة الإمارات، والتي لا ينساها العالم، توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عام 2017، بإطلاق اسم السيدة مريم أم النبي عيسى على مسجد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في منطقة المشرف بأبوظبي.
وكانت الإمارات سباقة عالميا في الإعلان عن تشكيل وزارة للتسامح في فبراير 2016 لتضطلع بمهمة ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في المجتمع والعالم، كما كانت أول دولة في العالم تخصص عاما للتسامح في 2019.