ليس جديداً أن تكون العلاقات بين الإمارات والسعودية في أفضل صورها على الصعد كافة، وأن تكون هي العلاقة الأهم بين دول الخليج قاطبة
ليس جديداً أن تكون العلاقات بين الإمارات والسعودية في أفضل صورها على الصعد كافة، وأن تكون هي العلاقة الأهم بين دول الخليج قاطبة، لكن قرار تشكيل "لجنة التعاون المشترك" بين البلدين في جميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها من المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين أعطى العلاقات الثنائية دفعة قوية إلى الأمام، بعد أن حولها إلى تحالف استرايتجي مكتمل الأركان.
لا يعني إعلان هذه الخطوة قبل ساعات من انطلاق القمة الخليجية الـ38 في الكويت أن أبوظبي والرياض تبحثان عن صيغة تعاون بعيدة عن مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو تكون بديلاً عنه، فالعكس هو الصحيح، إذ أن تمتين العلاقات البينية لدول المجلس الست، وفي أي مجال، من شأنه أن يزيد مجلس التعاون قوة، ويفتح آفاقا أوسع أمامه، فعلى سبيل المثال فإن التحالف الثنائي بين فرنسا وألمانيا لم يضر الاتحاد الأوروبي وإنما زاده قوة، وهو أمر يبرهن عليه تمسك الدولتين بهذا الاتحاد والدفاع عنه، بينما خرجت بريطانيا منه، والمهم في الحالة الخليجية أن تلتزم الدول الست بالإعلان التأسيسي والمبادئ والاتفاقات والتقاليد والأعراف، التي وللأسف الشديد ضرب بها نظام الحمدين عرض الحائط.
نظام الحمدين الذي يعمل وبشكل نشط جداً من خلال خلاياه الإلكترونية للتحريض على مختلف الدول العربية والإسلامية وبالذات المملكة العربية السعودية، مستغلاً قرار الرئيس الأمريكي ترامب بشأن القدس في محاولة بائسة من قبل النظام القطري للتشكيك بمواقفها تجاه القدس، متناسياً الجهود الجبارة والمتواصلة منذ عهد الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة وحتى الملك سلمان بن عبدالعزيز أول من تدخل وبقوة عندما تم إغلاق المسجد الأقصى من الاحتلال الإسرائيلي.
ما يجعل تشكيل هذه اللجنة خطوة مهمة وفارقة أنها تختص بالتعاون والتنسيق المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في المجالات كافة، ولها جميع الصلاحيات اللازمة لتنفيذ وتسيير أعمالها، ومن صلاحيات رئيسها أن يتخذ قرارا بتعيين أعضائها، ممثلين عن عدد من الجهات والقطاعات الحكومية الاتحادية والمحلية في الدولة.
ما يجعل تشكيل لجنة التعاون المشترك خطوة مهمة وفارقة أنها تختص بالتعاون والتنسيق بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في المجالات كافة، ولها جميع الصلاحيات اللازمة لتنفيذ وتسيير أعمالها.
وإذا كانت الرياض وأبوظبي متحدتان في التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة، وذهبتا معاً لمواجهة مليشيا الحوثي الموالية لطهران في اليمن، فضلاً عن سياسة البلدين المشتركة في مواجهة التيارات المتطرفة، والتصدي للحركات الإرهابية التي تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، فإن السعودية هي أكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى الخليج والمنطقة العربية ككل، وهناك فرص قوية لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين تتمثل في العديد من القطاعات، ومنها قطاع الطيران المدني والمطارات بما يشمل تسهيل إجراءات المطارات وبناءها وتطويرها، مع الاهتمام بتطوير المطارات الصديقة للبيئة والتنسيق والمتابعة الجوية بين البلدين.
ينطوي قرار تشكيل هذه اللجنة على العديد من الدلائل والرسائل الاستراتيجية، حيث تؤكد أن العلاقات السعودية الإماراتية تجاوزت الشكل التقليدي وانتقلت إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي، كما تبين إدراك البلدين الشقيقين أهمية بلورة آليات عمل سريعة للتعاطي مع مختلف المستجدات والقضايا السريعة، ناهيك إلى أن هذه اللجنة ستتصدى وتتعامل بشكل حاسم وسريع مع مختلف الملفات والقضايا بما يتلاءم مع مصالح البلدين ودول المنطقة.
إن هذه اللجنة تبرهن بجلاء على أن قادة البلدين حريصون على أن ينطلقا معاً نحو المستقبل، بما يساعد الدولتين على أن يستجيبا بقوة للتحديات الكبرى التي تواجها منطقة الخليج العربي في الوقت الراهن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة