حوار أبوظبي للفضاء.. توحيد الرؤية للعبور إلى مستقبل أفضل للبشرية
انطلقت النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء، الإثنين، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
الحدث يأتي بمشاركة عالمية رفيعة المستوى من قادة الدول النشطة في مجال الفضاء، ونخبة من الخبراء وأهم الشخصيات المؤثرة في القطاع حول العالم، بهدف صياغة سياسات دولية جديدة في مجال الفضاء.
حدث هو الأول من نوعه في العالم ستلتقي فيه الجهود المشتركة بين القطاعات المعنية بالفضاء كافة للخروج برؤية مشتركة وموحدة، لمواجهة تحديات القطاع وتوظيفه لتطوير مشاريع التنمية للعبور إلى مستقبل أفضل للبشرية.
مكانة مرموقة
تعكس استضافة هذا الحوار المهم المكانة الدولية المرموقة للإمارات على مختلف الأصعدة، وسعيها الحثيث لقيادة مشاريع علمية وتنموية وسياسية كبرى تخدم الإنسانية جمعاء، بما يتوافق مع رسالتها في تعزيز الأخوة الإنسانية.
أيضا تعد استضافة مؤتمر مهم من هذا القبيل هو إنجاز في حد ذاته، ويأتي تتويجاً للإنجازات الإماراتية التاريخية في قطاع الفضاء، التي تتواصل على مدار الساعة.
بالتزامن مع "حوار أبوظبي للفضاء" يواصل رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي تدريباته استعدادا لتنفيذ أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب على متن محطة الفضاء الدولية عام 2023.
وبالتوازي مع ذلك، يواصل "مسبار الأمل" الإماراتي، أول مسبار عربي وإسلامي يصل إلى مدار كوكب المريخ، مهمته العلمية لجمع معلومات وبيانات لم تتوصل إليها البشرية من قبل.
وقدم "مسبار الأمل" منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ في 9 فبراير/شباط 2021 مساهمات علمية غير مسبوقة ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة.
يأتي هذا فيما تستمر الإمارات في التحضير لمشروع صنع مركبة فضائية إماراتية تنطلق في رحلة استكشافية إلى كوكب الزهرة وحزام الكويكبات في المجموعة الشمسية.
إنجازات تستند إلى بنية تحتية رائدة في قطاع الفضاء وثروة بشرية واعدة، حيث تمتلك الإمارات 19 قمراً اصطناعياً مدارياً وأكثر من 10 أجسام فضائية جديدة قيد التطوير، كما يوجد بها أكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية عالمية وناشئة، وهناك أكثر من 3000 عامل ومهندس وخبير يعملون في القطاع، إضافة إلى 5 مراكز بحثية لعلوم الفضاء و3 جامعات لتأهيل الكوادر الوطنية.
إنجازات ترسخ مكانة الإمارات كواحدة من أسرع دول العالم نمواً في استكشاف الفضاء، وتعزز موقعها مرجعاً معرفياً دولياً في علوم الفضاء، ومختبراً مفتوحاً لبرامجه ومشاريعه وتقنياته المتقدمة، ومركزاً عالمياً للبيانات والمعلومات التخصصية يوفر حصيلة مهامها الفضائية ونتاجها المعرفي في قطاع الفضاء الحيوي لمستقبل الإنسانية ويضعه في خدمة المجتمع العلمي العالمي.
مبادرة ملهمة
وبعد أن رسخت الإمارات مكانتها العالمية بين أهم الدول الفاعلة في نادي الفضاء من خلال الإنجازات التي حققتها في هذا المجال تستضيف النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء انطلاقا من حرصها على تعزيز التعاون الدولي في استكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه السلمي.
مبادرة إماراتية ملهمة ستحاول من خلالها دولة الإمارات تأكيد أهمية الوصول العالمي والمتساوي إلى الفضاء الخارجي لجميع الدول والتعاون الدولي في تطوير الأنشطة الفضائية، بما يعم بالخير على البشرية بأسرها.
مبادرة تحمل أهمية خاصة أيضا كونها تنطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذي يسعى بخطى حثيثة وطموحة لترسيخ مكانة بلاده المرموقة في مجال الفضاء، عبر تحقيق إنجازات تاريخية واستضافة فعاليات مهمة تسهم في تقدم البشرية والعلم، من خلال تعزيز التعاون الدولي في هذا القطاع المهم.
مشاركة رفيعة المستوى
وتشهد النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء حضوراً رفيع المستوى من قادة الدول النشطة في مجال الفضاء يتقدمهم إسحاق هرتسوغ رئيس دولة إسرائيل، وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند الذي سيلقي كلمة رئيسية عن بعد.
ويستقطب الحوار العالمي أكثر من 300 ممثل عن وكالات الفضاء وقادة قوات فضائية عالمية.
أيضا هناك أكثر من 45 دولة استقطبها الحدث العالمي، حيث تشارك فيه 35 وكالة فضاء من الإمارات وكولومبيا والفلبين وإيطاليا ورومانيا وسنغافورة وروندا وبولندا والنرويج وفرنسا وغيرها من الدول، بالإضافة إلى وكالة الفضاء الأوروبية.
كما سيشارك في الحدث 77 شركة من القطاع الخاص منها "جيوبوليتيكال فيوتشرز" و"نورثروب جرومان"، و"ريدواير سبيس"، و"إيرباص للدفاع والفضاء"، و"أمازون ويب سيرفيسز"، و"برايفيتير سبيس"، إلى جانب مشاركة عدد من قادة الفكر في مختلف مجالات وصناعات الفضاء.
كما سيستضيف الحدث حواراً وزارياً عن الفضاء في البرامج الوطنية للعلوم والتكنولوجيا واجتماعات ثنائية رفيعة المستوى لبحث فرص التعاون الثنائي بين الدول.
أهداف وموضوعات
ومن المقرر أن يناقش"حوار أبوظبي للفضاء" 3 مواضيع رئيسية هي استدامة الفضاء وضمان الوصول إليه وتعزيز أمنه من خلال أكثر من 35 جلسة نقاشية وحواراً وزارياً وورشة عمل وكلمات رئيسية.
ويستهدف الحوار تحقيق عدد من الأهداف الرئيسية من أبرزها:
- تأسيس منصة عالمية تلتقي فيها الجهود المشتركة بين كافة القطاعات المعنية بالفضاء، لمواجهة أهم التحديات، والخروج برؤية مشتركة وموحدة.
- تحفيز دعم برامج الفضاء الحكومية وفي القطاع الخاص لتطوير مشاريع التنمية للعبور إلى المستقبل، وبما ينعكس على العالم والبشرية بالخير.
- مناقشة الاحتياجات العالمية من القدرات الاستراتيجية والخدمات والبنى التحتية والقوانين والموارد الأساسية الخاصة بقطاع الفضاء.
- توفير منصة عالمية للدول الناشئة والكبرى في قطاع الفضاء لعرض منجزاتهم وتطويرها جنباً إلى جنب.
- تقديم رؤى جديدة لإدارة الفضاء وتنميته.
- ترسيخ جهود دبلوماسية الفضاء والعلوم عالمياً وتشجيع الوصول العادل والسلمي إلى الفضاء لجميع الدول.
- الإسهام في تعزيز الامتثال للأطر القانونية الدولية ومعاهدات الأمم المتحدة التي تحكم سلامة واستدامة الفضاء الخارجي بين الدول الأعضاء.
- تشجيع الدول والمؤسسات والشركات والأفراد لتطوير الشراكات والتعاون في مجال علوم الفضاء.
- الإسهام في خلق رؤية مشتركة لمستقبل الفضاء عبر الإسهام في صياغة السياسات الدولية لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات العالمية في المجال.
أهداف تجسد استثمار الإمارات لإنجازها برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس" لصالح البشرية.
وفازت دولة الإمارات مطلع يونيو/حزيران الماضي برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس"، من أكبر اللجان في الأمم المتحدة، والتي تضم في عضويتها 100 دولة، وذلك في إنجاز جديد للدبلوماسية الإماراتية يعكس نجاح سياستها الخارجية.
وسيتولى عمران أنور شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ منصب رئيس اللجنة التي تأسست لأول مرة عام 1959، وتتبع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، لمدة عامين 2022-2023.
ويسهم "حوار أبوظبي للفضاء" في تعزيز مساهمة دولة الإمارات في سياسات الفضاء الدولية وقيادة الحوارات العالمية حول التحديات الرئيسية التي تواجه الفضاء، انطلاقاً من التزامها الكامل في المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية في هذا المجال.
استكشاف القمر
أيضا تعد استضافة الإمارات حوارا مهما من هذا القبيل هو إنجاز في حد ذاته، ويأتي تتويجا للإنجازات الإماراتية التاريخية لها في قطاع الفضاء.
وضمن أحدث تلك الإنجازت، أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء قبل أيام أنه من المقرر إطلاق المستكشف راشد نحو سطح القمر قريبا.
وأعلن مركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون مع الشركاء "سبيس إكس" و"آي سبيس" أن مركبة الإطلاق التي تم وضعها على متن مركبة الهبوط ستبدأ في الانطلاق نحو المجمع رقم 40 بقاعدة كيب كانافيرال الفضائية ولاية فلوريدا الولايات المتحدة.
وستأخذ المركبة الفضائية الموجودة على متن مركبة الهبوط بمجرد إطلاقها طريقا منخفض الطاقة إلى القمر بدلاً من الاقتراب المباشر، ما يعني أن الهبوط سيستغرق حوالي 5 أشهر بعد الإطلاق أي أنه سيتم في أبريل/نيسان 2023.
وكانت الإمارات أعلنت في 29 سبتمبر/أيلول 2020 عن أول مهمة عربية علمية لاستكشاف القمر والتي تدخل ضمن الاستراتيجية التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء "2021-2031"، حيث يشمل المشروع تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي للقمر تحت اسم "راشد"، يتم تصميمه وبناؤه بجهود إماراتية 100%، لتكون دولة الإمارات بذلك رابع دولة في العالم تشارك في مهام استكشاف القمر لأغراض علمية، وأول دولة عربية تقوم بمهمة فضائية لاستكشاف سطح القمر.
ويتميز المستكشف راشد بعدد من المزايا والمواصفات التقنية العالية الجودة والكفاءة، حيث تم تزويده بـ6 أجهزة منها جهاز كاميرا ذات دقة عالية لالتقاط الصور وكاميرا ميكروسكوبية وكاميرا للتصوير الحراري وجهاز استشعار لانغموير لقياس درجة حرارة الإلكترونيات وكثافتها وجهد تأين البلازما، إضافة إلى وحدة قياس عزم القصور الذاتي لتتبع حركة المستكشف وكاميرا ثلاثية الأبعاد.
وسيعمل المستكشف بالاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية، وستوفر كاميرا التصوير الحراري التي زود بها المستكشف صورة تساعد في معرفة خصائص تربة سطح القمر وأحجام حبيباتها، وغيرها من المعلومات الجديدة.
وسيتنقل المستكشف راشد في مواقع جديدة لم يسبق دراستها من قبل، لدراسة البلازما على سطح القمر، حيث سيقوم بجمع بيانات والتقاط صور نادرة، تصل إلى نحو 10 جيجابايت، ومن ثم إرسالها إلى محطة التحكم الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء بدبي.
ويعد القمر منصة مثالية لاختبار التقنيات والمعدات الجديدة، التي سيتم استخدامها مستقبلاً في بعثات استكشاف الفضاء الخارجي، ومنها المريخ، حيث يتيح الهبوط على سطح القمر اختبار تعرض أجهزة الاستشعار وغيرها من التقنيات لبيئة الفضاء لفترات طويلة، وسيختبر المستكشف تقنيات جديدة على سطح القمر، كونه البيئة الأمثل لمثل هذه الاختبارات، كما أنه أقرب إلى الأرض، ما سيساعد على اختبار قدرات الإمارات قبل الانطلاق في مهمات استكشافية مأهولة إلى المريخ.
وستسهم الاختبارات العلمية التي يجريها المستكشف راشد خلال مهمته على سطح القمر في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات، فيما لا يقتصر التأثير الإيجابي لهذه التطورات على قطاع استكشاف الفضاء فقط، بل يمتد أثره إلى العديد من القطاعات الأخرى كقطاع الصناعات التكنولوجية وقطاع الاتصالات وغيرها من القطاعات ذات الصلة.
طموح زايد
ولم يكن اهتمام دولة الإمارات بعلوم الفضاء والفلك وليد اللحظة بل يرجع إلى سبعينيات القرن الماضي عندما التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع فريق وكالة ناسا المسؤول عن رحلة أبولو 15، حيث كان هذا اللقاء حافزاً لتوجيه اهتمام دولة الإمارات بالفضاء منذ نحو 5 عقود، ما أدى إلى ولادة قطاع وطني للفضاء مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات في أبريل/نيسان 1997 ومؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة "إياست" في فبراير/شباط عام 2006 وشركة الياه للاتصالات الفضائية "ياه سات" في عام 2007 ووكالة الإمارات للفضاء عام 2014 ومركز محمد بن راشد للفضاء في فبراير/شباط عام 2015.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xNDEg
جزيرة ام اند امز