حوار أبوظبي للفضاء 2022.. تجسيد لرؤية قيادة الإمارات في بناء "اقتصاد المستقبل"
لم يكن تحقيق الإمارات لنجاحات كبيرة في قطاع الفضاء، وليد صدفة أو دون خطط استشرافية، تصل في آفاقها لمئة عام، مثل مشروع "المريخ 2117".
نجاحات دولة الإمارات الفضائية كان بسبب "رؤية وطنية" رسخها قادة الإمارات، ووُجدت لتضع دولة الإمارات في مكانتها التي تستحق بين اللاعبين الكبار عالمياً، خاصة وأن لديها من الإنجازات، ما يجعلها شريكاً مهماً للدول المتقدمة في هذا الشأن.
ورغم حداثة تكوين هذا القطاع، إلا أنه يسير بخطوات متسارعة وممنهجة، ليضيف بمخرجاته الكثير للمجتمع العلمي العالمي بفضل هذه الرؤية المُلهمة.
وتجسد استضافة دولة الإمارات لحوار أبوظبي للفضاء الذي ينطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول المقبل ويستمر ليومين، اهتمام دولة الإمارات بقطاع الفضاء ورؤية قيادة الإمارات في بناء اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار والتكنولوجيا والعلوم المتقدمة.
بدايات مُلهمة
وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، سبّاقاً في رؤيته التي رسخت أرضاً صلبة للنجاحات الحالية في قطاع الفضاء، وذلك حينما اجتمع مع مسؤولي رحلة أبولو 15 من وكالة ناسا في عام 1974، حيث كان "المؤسس" صاحب رؤية واضحة في هذا المجال، لتتوالى بعدها الأبحاث والمراكز المتخصصة بهذا الشأن.
فيما كان هذا اللقاء حافزاً لتوجيه اهتمام الإمارات بالفضاء، ما أدى إلى بداية قطاع وطني لاحقاً، عبر تأسيس شركة الثريا للاتصالات في 1997، وشركة الياه للاتصالات الفضائية "ياه سات" بعد عشر سنوات في عام 2007، حيث وضع ذلك الاجتماع الأساس، لما حققته الإمارات اليوم.
وعلى هذا النهج سار قادة الإمارات عبر تعزيز تعاون وشراكات الإمارات ومؤسساتها في هذا القطاع، مع كثير من دول العالم المعنية وعلى كافة المستويات سواء كانت الاقتصادية أو المعرفية والبحثية، فيما مهدت تلك الجهود الطريق لتعظيم أثر "دبلوماسية الفضاء" الإماراتية، والتي انتهجها قادة الإمارات منهج عمل، والتي آتت ثمارها على مستوى تقليل تكلفة المشروعات الوطنية، فضلاً عن استقطاب الشركات العالمية المتخصصة في صناعات هذا القطاع لتنطلق بأعمالها من الإمارات ، الأمر الذي عاد بالفائدة على القطاع والكوادر الوطنية نتيجة لهذا التعاون.
علاقات جيدة
ومهدت "دبلوماسية الفضاء الإماراتية" التي رسختها القيادة الرشيدة نهجاً، الطريق لاستقطاب أفضل الشركات المتخصصة في هذا القطاع عالمياً وبدء مشروعاتها وخططها في الإمارات، الأمر الذي يعزز تعظيم استفادة الشركات الوطنية، وزيادة خبراتها والتعاون مع هذه الشركات العالمية الموجودة على أرض الإمارات، والتي تتنامى أعدادها يوماً بعد يوم، ولولا العلاقات الجيدة للإمارات عالمياً وتأثيرها، لما كان هناك أثر إيجابي في تطور خطط ومستهدفات البرنامج الفضائي الوطني.
ولما كانت رؤية قادة الإمارات واهتمامهم بقطاع الفضاء، محركاً وحافزاً لتحقيق هذه الإنجازات المتلاحقة في سنوات قليلة، فإن مشاريع مهمة ونوعية لها ثقلها العلمي والمعرفي عالمياً، لم تكن لتظهر للنور لولا هذا الدعم منقطع النظير من قبل القيادة الرشيدة.
مؤسسات وطنية
وتأكيداً لهذا النهج فقد أبرمت "وكالة الإمارات للفضاء" خلال السنوات القليلة الماضية، اتفاقات وشراكات ومذكرات تفاهم كثيرة تجاوزت في عددها المئات، حيث عقدت الوكالة لوحدها أكثر من 50 شراكة مع وكالات فضاء إقليمية ودولية، وأكثر من 30 مذكرة تفاهم واتفاقيات مع جهات خارجية ومحلية خلال 6 سنوات بعد إنشائها في 2014، و في مقدمتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية "جاكسا"، وصولاً إلى الهندية والأوروبية وغيرها الكثير.
ولم يكن هذا ليحدث لولا النجاحات الكبيرة للمشروعات الفضائية الإماراتية، وخاصة أنه دائماً ما تتجه هذه الجهات والمؤسسات الدولية في تعاونها العلمي والمعرفي، مع الدول التي تستطيع إضافة الجديد للمعرفة والاكتشافات الجديدة، التي تفتح آفاقاً جديدة نحو سبر أغوار الفضاء، وهو الأمر الذي نجحت فيه الإمارات بامتياز بفضل رؤية قادتها.
جهود ضخمة
ولم يكن فوز الإمارات مؤخراً برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، إلا تتويجاً لمجهودات كبيرة بذلتها الإمارات طوال سنوات مضت، وانعكاساً مباشراً لقوة "دبلوماسية الفضاء" الإماراتية، التي انتهجتها القيادة الرشيدة من حيث تسهيل عقد الاتفاقيات الدولية، وضمان الالتزام بالمعاهدات الدولية، ومن ثمّ التأسيس لنجاح دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا والمعرفة، التي رسختها الإمارات في علاقاتها الخارجية المختلفة.
من ناحية أخرى تشكل الكوادر والكفاءات الوطنية، حجر أساس في وضع الإمارات ضمن الصفوف الأولى للدول المتقدمة في مجال الفضاء، حيث يقدر عدد العاملين في القطاع حالياً بأكثر من 3100 شخص بين مهندسين وعلماء وباحثين وتقنيين وخبراء ومتخصصين، كان لهم عظيم الأثر في النجاحات الكبيرة للمشروعات الاماراتية، والتي أصبحت تُنجز بأياد وطنية 100% ، فيما توجد 5 مراكز بحثية وبرامج جامعية في العلوم الفضائية، تسهم بتخريج الكوادر المؤهلة لقيادة القطاع نحو المزيد من التطور، حيث يمكن للشركات الناشئة في الإمارات ، الاستفادة من قاعدة المواهب والكفاءات التخصصية المتنامية في قطاع الفضاء الإماراتي.
بيئة داعمة
وأصبحت الإمارات خلال سنوات قليلة، بيئة حيوية داعمة لرواد الأعمال والمشاريع الناشئة الوطنية والمحلية في قطاع الفضاء، وحاضنة نمو نوعي للعديد من الأفكار المبتكرة لتأسيس شركات محلية ناشئة، والتي أصبحت تضم أكثر من 20 مشروعاً ناشئاً باستثمارات واعدة في قطاع الفضاء والصناعات والتقنيات المرتبطة به، وهو الأمر الذي يساعد في تخريج كفاءات وطنية تستعد لقيادة مشروعات حيوية مستقبلاً.
وكما أسهمت مشروعات مثل مهمة الامارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، و"مهمة الإمارات لاستكشاف القمر"، بالإضافة إلى تصنيع الأقمار الاصطناعية، في كونها أصبحت حاضنة للكوادر الوطنية، يأتي "مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات"، المهمة الفضائية الأكبر في تاريخ دولة الإمارات، والتي تستهدف إطلاق المركبة الفضائية الأولى عربياً والرابعة عالمياً إلى حزام الكويكبات عام 2028، لتعطي زخماً نوعياً وحافزاً جديداً للشركات الوطنية والمحلية الناشئة في قطاع الفضاء، لتنضم إلى جهود تطوير تقنيات وابتكارات جديدة تسهم في نجاح المهمة في رحلتها، فيما سيتعزز ذلك بوجود الكفاءات والمواهب الإماراتية، والتي تستعد للدخول بقوة في السباق العالمي نحو اكتشاف الكواكب الأخرى.
منصة عالمية
يذكر أن حوار أبوظبي للفضاء يهدف إلى جعل الإمارات منصة عالمية تلتقي فيها الجهود المشتركة بين كافة القطاعات المعنية بالفضاء، حيث يعمل على توحيد الرؤى والأفكار واستعراض أهم التحديات، والخروج برؤية مشتركة وموحدة.
وتتمحور أهداف الحوار حول مناقشة الاحتياجات العالمية من القدرات الاستراتيجية والخدمات والبنى التحتية والقوانين والموارد الأساسية، وتوفير منصة عالمية للدول الناشئة والكبرى في قطاع الفضاء لعرض منجزاتها وتطويرها وتقديم رؤى جديدة لإدارة الفضاء وتنميته جنباً إلى جنب مع الدول الكبرى والتي بدأت مسيرتها في قطاع الفضاء منذ فترة طويلة.
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA==
جزيرة ام اند امز