بالصور.. "أكروبوليس" في أثينا.. حضارة تطل على حضارة
اليونان وعاصمتها أثينا كانت مركزا لواحدة من أهم وأقوى الحضارات والإمبراطوريات التي شهدتها البشرية.
رغم مرور آلاف السنين على زوال حضارات إنسانية وإمبراطوريات حكمت العالم بقوة السلاح والعلم في القرون السابقة، فإن مجرد ذكر اسم دول أو عواصمها، يعود بنا إلى تلك العصور، خاصة مع المعالم الأثرية التي لا تزال شاهدة إلى يومنا هذا على امتدادات هذه الشعوب الضاربة في التاريخ، مثل روما، ودمشق، وبغداد، ومصر، وقسنطينة، والصين، والهند، ومنغوليا وغيرها.
اليونان وعاصمتها أثينا، هي الأخرى كانت مركزا لواحدة من أهم وأقوى الحضارات والإمبراطوريات التي شهدتها البشرية؛ إذ تشير الدراسات التاريخية إلى أنها بدأت من 1100 قبل الميلاد حتى 480 قبل الميلاد، وبلغت معها أوروبا قمة مجدها في العلم والثقافة.
وإلى هذا اليوم، لا تزال المعالم الأثرية في اليونان الشاهد الحي على تلك الحقبة، ومن بينها مدينة "أكروبوليس" الواقعة في العاصمة أثنيا، التي تُعَد أهم معالمها ومن أكبر رموز الحضارة اليونانية القديمة.
"أكروبوليس" كلمة إغريقية من شقين، هما "أكروس" التي تعني "المرتفع عن الأرض"، و"بوليس" تعني "المدينة"، وبالمجمل هي "المدينة العالية"؛ فهي عبارة عن هضبة عالية تقع وسط العاصمة اليونانية وبها جبل صخري، وترتفع الهضبة عن سطح البحر بنحو 152 مترا، و92 مترا عن مدينة أثينا.
تضم مدينة أو هضبة "أكروبوليس" مجموعة من المعالم التاريخية والسياحية المهمة؛ إذ تضم أكبر تجمع معماري بناه اليونانيون القدماء بعد انتصارهم على الفرس، وأعلنوا عليها إقامة الديمقراطية اليونانية، لتصبح المركز السياسي والروحي والاقتصادي لليونانيين.
كما شيد اليونانيون على هذه الهضبة مجموعة من المعابد للآلهة اليونانية القديمة، من أهمها "معبد أكروبوليس القديم" الذي بني عام 3000 قبل الميلاد فوق صخرة أطلق عليها اليونانيون القدماء اسم "الصخرة المقدسة"، ولم يقتصر دوره على العبادة فقط، حيث كان اليونانيون يتخذونه حصنا منيعا في وجه الغزو الخارجي.
وتشير الدراسات التاريخية، إلى أن العثمانيين حولوا "معبد أكروبوليس" إلى مسجد كبير تحيط به المآذن عام 1394، وبعد الثورة اليونانية سنة 1921، تمكن حاكمها الجديد "أوديسيس أندروتسوس" في 1833 من الاستيلاء على المعبد، وبقي بعد ذلك تحت السيطرة اليونانية.
ويصنف اليونانيون اليوم المعبد "كأيقونة معابد اليونان والعالم القديم"؛ ما جعل منظمة اليونسكو تضم مدينة "أكروبوليس" ضمن التراث العالمي عام 1987 بفضل مكانتها العظيمة في التاريخ الإنساني، كما أشارت اليونسكو.
ومن عجائب هضبة "أكروبوليس" أن لها إطلالة رائعة تسمح لزوراها بمشاهدة العاصمة اليونانية أثينا كلها وجميع ضواحيها، وفي أعلى قمة الجبل خصصت الحكومة اليونانية مجموعة من المناظير تتيح للسياح مشاهدة العاصمة أثينا وحتى أزقتها بمشاهد بانورامية بزاوية 360 درجة.
مشاهد وشواهد وتاريخ جعلت من مدينة "أكروبوليس" عاصمة للسياحة في عاصمة اليونان أثينا؛ حيث يزورها يوميا آلاف السياح الذي يأتون من جميع أنحاء العالم، منبهرين ومكتشفين لحضارة سمعوا عنها أو درسوها في التاريخ والفلسفة.
ليس كل ما في مدينة "أكروبوليس" إغريقيا قديما، وليس كل ما يجذب السياح الأجانب المعالم السياحة والتاريخية للمدينة بفنها المعماري القديم؛ فهناك من اليونانيين من يفضل جذب السياح "بنغمات العود العربي الأصيل"، كما يفعل "أناتولي سيفاكس" الذي ينجح في كل مرة في استمالة السياح المارة، ويضع أمامه محفظة العود ليضع فيها السياح بعض النقود كتعبير عن إعجابهم بعزفه الموسيقي، الممزوج بين الفن اليوناني والتركي.
لم يغفل اليونانيون كذلك ثقافتهم التي يحاولون إبرازها والتعريف بها للسياح الأجانب، خاصة الموسيقى التي صنفها أرسطو وأفلاطون "فنا قائما بذاته"، وأعطاها اليونانيون القدماء أهمية بالغة، إلى درجة كانوا يصفون الشخص المثقف "بالموسيقي".
وفي شوارع مدينة "أكروبوليس" تكسر فرق الرقص الفلكلورية على أنغام الموسيقى اليونانية روتين وهدوء المدينة الهادئة، وتسمى موسيقى ورقصة "زوربا" التي تعني "الانتصار على البؤس"، من خلال إيقاعات متنوعة مصحوبة بإيماءات وحركات تعبيرية.
الملاحظ في موسيقى ورقصة "زوربا" أنها تجمع ثقافات عربية مختلفة؛ فلباس المؤدين للرقصات يشبه اللباس التقليدي للشعب الليبي، والموسيقى تشبه إلى حد كبير موسيقى "المَزْوَد" المعروفة في الأعراس والمناسبات بتونس وليبيا والجزائر، أما الرقصة فتكاد تكون رقصة "الدبكة" المعروفة في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق والأردن وتركيا.