دبلوماسية القمة.. زيارة أضنة تفتح الطريق للقاء "السيسي- أردوغان"
مسار جديد للعلاقات بين القاهرة وأنقرة قد تذيب فيه زيارة وزير الخارجية المصري لتركيا ما تبقى من جليد دبلوماسي.
ولم يجد خبراء سياسيون أفضل من تعبير "فاتحة خير" لمسار جديد في العلاقات بين مصر وتركيا ضمن تعليقهم على زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لولاية أضنة، باعتبارها تمهيدا لـ"تطور مهم وكبير".
انطباعات تركها الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، بعد لقاء شكري نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في ولاية أضنة التي تضررت جراء زلزال 6 فبراير/شباط، التي خلفت خسائر فادحة في تركيا وسوريا.
ورغم أن زيارة وزير الخارجية المصري حملت في ظاهرها رسالة تضامن من القاهرة إلى أنقرة، عقب كارثة الزلزال، فإنها "لن تقف عند هذا الحد وسيكون لها ما بعدها"، خاصة في أعقاب التصريحات التي تضمنتها.
وردا على إمكانية عقد قمة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبدالفتاح السيسي، كتتويج للقاء المصافحة بينهما العام الماضي في قطر، قال الوزير سامح شكري على هامش زيارته لتركيا: "بالتأكيد ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين".
وزير الخارجية المصري أكد أن بلاده "ستبقى إلى جانب شقيقتها تركيا"، موضحا أن العلاقات بين البلدين سترتقي لأفضل مستوى، وأن بلاده "تؤمن بقدرة تركيا على تجاوز آثار الزلزال في أقرب وقت".
من جهته، قال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إن "تطور العلاقات بين أنقرة والقاهرة يصب في مصلحة الطرفين"، موضحا أن مصر دولة مهمة بالنسبة للعالم العربي والشرق الأوسط وفلسطين.
قمة مرتقبة
الخبير السياسي التركي الدكتور طه عودة أوغلو، قال لـ"العين الإخبارية"، إن زيارة وزير الخارجية المصري في ظاهرها تضامني، لكنها لها ما بعدها، وستكون مقدمة للقاءات على أعلى المستويات.
وتوقع عودة أوغلو أنه خلال أسابيع قليلة ستكون هناك ترتيبات لعقد لقاء على مستوى القمة بين الرئيسين المصري والتركي.
وأشار إلى أن "الزيارة فاتحة خير لمسار العلاقات بين البلدين، فمن المتوقع تبادل السفراء قريبا بين الدولتين، والتنسيق في الكثير من الملفات خاصة الملف الليبي، وبعض القضايا الشائكة نظرا لأهمية وموقع البلدين الإقليمي والاستراتيجي في المنطقة".
الدكتور كرم سعيد الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تحدث لـ"العين الإخبارية" أيضا عن دلالات الزيارة، قائلا: إنها تؤكد حرص البلدين على دفع العلاقات قدما للأمام، وحل جميع القضايا الخلافية بينهما.
ووفقا لـ"سعيد" فإن الزيارة تمثل "انفراجة كبيرة" في العلاقات المصرية التركية، موضحا أن التقارب بين القاهرة وأنقرة يسهم في توسيع مساحات التنسيق بينهما في ملف شرق المتوسط، والتوصل لصيغ متقاربة في الملف الليبي، التي تمثل تحديا كبيرا في العلاقة بين الدولتين.
وقال الخبير بمركز الأهرام، إن ذهاب وزير الخارجية المصري للمناطق المنكوبة في تركيا اليوم، يعمق التطور الحالي والعلاقات الإنسانية بين الجانبين.
ويرى أن التحركات والاتصالات الأخيرة بين الجانبين المصري والتركي وآخرها زيارة أضنة تشير إلى أن هناك "أمرا مهما كبيرا سيحدث في العلاقات المصرية التركية قريبا".
وهنا يتوقع "سعيد" عملية تبادل للسفراء بين الدولتين في المدى القصير، دون استبعاد عقد قمة بين الرئيسين المصري والتركي، بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أنقرة.
انفراجة كبيرة
وفي ملمح آخر، قال بشير عبدالفتاح الخبير المصري في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الزلزال المدمر وفر مظلة للتقارب بين مصر وتركيا، والتحركات بوازع إنساني تحول لواقع سياسي جديد.
واتفق "عبدالفتاح" مع ما ذهب إليه الخبيران السابقان، قائلا إن "زيارة الوزير المصري تمثل انفراجة كبيرة وانفتاحا في العلاقات بين البلدين، خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن تم تجاوز مساحات رمادية ومظلمة كانت بينهما".
وأضاف: "بعد لقاء وزيري خارجية البلدين، فنحن مقبلون على دبلوماسية القمة من خلال لقاء الرئيسين المصري والتركي، وهو ما سيمثل الانفراجة الكبيرة في العلاقات".
وصباح الإثنين، رست سفينة تجارية مصرية تحمل اسم "الحرية" في ميناء ولاية مرسين، محملة بـ525 طنا من المساعدات الإنسانية.
وكتبت السلطات المصرية على المساعدات المقدمة للجانب التركي كلمات توحي بقرب وجهات النظر بين البلدين: "من شعب مصر إلى الشعب التركي.. قلوبنا معكم في مواجهة آثار الزلزال المدمر.. حفظ الله شعوبنا وأوطاننا من كل سوء".
يذكر أن مصر أرسلت منذ اليوم الأول للزلزال حتى الآن أكثر من 1200 طن من المساعدات الإنسانية.
وفي السادس من فبراير/شباط الجاري، وقع زلزالان متتاليان بقوة 7.7 و7.6 درجة جنوب تركيا وشمال سوريا، وتسببا في خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
وعقب الزلزال المدمر، أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، قدم فيه التعزية بضحايا الزلزال.
وشكر أردوغان نظيره المصري على المشاعر الطيبة، مشيراً إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي الشقيقين.
والخميس الماضي، أرسلت مصر طائرتي مساعدات إغاثية إلى تركيا تضامنا مع شعبها في تخفيف آثار الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد قبل أسبوعين.
وتأتي الطائرتان غداة رسو السفينة التابعة للقوات البحرية المصرية "حلايب" في ميناء مرسين الدولي جنوبي تركيا محملةً بـ650 طنا من المساعدات الإنسانية.
وفي 8 فبراير/شباط الجاري أعلن الجيش المصري تسيير 5 طائرات نقل عسكرية محمّلة بكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى سوريا وتركيا.
ومنتصف الشهر الجاري، عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي اجتماعاً مع وفد ضم ممثلي شركات تركية تعمل في مصر، أو ترغب في بدء استثمارات جديدة في السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة، ليكون اللقاء الأول منذ 10 سنوات.