وزير الخارجية المصري بدمشق وأنقرة.. رسائل أبعد من الدعم الإنساني
أنهت مصر، اليوم الإثنين، سنوات من القطيعة مع سوريا بزيارة تاريخية أجراها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق.
والزيارة التي شملت أيضا تركيا لتتوج جهد التقارب بين القاهرة وأنقرة، جاءت ضمن خلفية الدعم المصري للبلدين في أعقاب زلزال مدمر أوائل فبراير/شباط الجاري.
لكن مراقبين تحدثوا لـ"العين الإخبارية" قالوا إن الرسائل السياسية لتلك الزيارة تفوق بعدها الإنساني، وتمهد إلى إعادة ترتيب المشهد الإقليمي برمته.
ورأى المراقبون أن زيارة شكري إلى سوريا تحمل دلالات عدة، في ضوء كون القاهرة هي بلد المقر لجامعة الدول العربية.
وكانت الجامعة العربية قد علقت المشاركة السورية في أنشطتها منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، في أعقاب ما سمي حينها بـ"الربيع العربي" واندلاع الانتفاضة في سوريا قبل أن تتحول إلى حرب أهلية وتنحرف عن مسارها بإعلان تنظيم داعش دولته المزعومة فيها.
وتوقع مراقبون أن تمهد الزيارة إلى عودة سوريا مجددا للحاضنة العربية، لافتين إلى أن المد التضامني مع دمشق قد يفتح الباب لاتصالات أوسع ومحادثات تمهد لعودة سوريا للجامعة العربية.
وعن الجانب التركي، أكد المراقبون أنها خطوة لتحقيق الأمن الإقليمي العربي ودفعه للتقارب أقوى بين القاهرة وأنقرة على مستوى وزراء الخارجية لعودة العلاقات بين البلدين.
وقال أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي إن زيارة شكري إلى كل من تركيا وسوريا تتجاوز أزمة الزلزال.
وأضاف فهمي، في حديثه لــ"العين الإخبارية"، أن زيارة شكري تحمل في طياتها طريق عودة دمشق لمقعدها بالجامعة العربية، والذي يشكل ملفا مهما للغاية، لافتا إلى أن هناك حرصا سوريا على هذا الملف قبل القمة العربية المقرر انعقادها في السعودية.
وردا.. هل تلعب القاهرة دورا في التسوية في حال استئناف العلاقات، أكد أنه مطروح وسيكون لها حضور كبير في الملف السوري حتى مع تركيا أيضا.
وعن زيارته إلى تركيا، أشار إلى أنها حققت نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين من التنسيق الأمني ومحادثات على مستوى المساعدين إلى مباحثات وزراء الخارجية، في إشارة لعزم القاهرة البناء على الخطوات التركية السابقة لقطع شوط أكبر على طريق تطبيع العلاقات بين البلدين.
ولفت فهمي إلى أن الزيارة تمثل عامل دفع كبيرا لحزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "العدالة والتنمية"، قبل الانتخابات التركية.
وتعهد حزب العدالة والتنمية بإعادة تصفير المشكلات مع دول الإقليم بعد عقد من التوتر مع غالبية دول الجوار وأبرز الدول الإقليمية.
واتفق مع فهمي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة الدكتور بشير عبدالفتاح، الذي أكد أن الزيارة سوف تقدم الدعم الإنساني لكل من سوريا وتركيا.
ولكنه أوضح في حديثه لــ"العين الإخبارية" أنها تشمل جانبا أمنيا برغبة القاهرة بالتنسيق مع سوريا في مواجهة داعش والحركات الإرهابية المتطرفة، بالإضافة إلى السعي لإعادة التعاون الاقتصادي مع دمشق لتجاوز المحنة الحالية.
وأكد أن أهم هدف تسعى له القاهرة بزيارتها هي إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية واستعادة مقعدها بالجامعة العربية، لافتا إلى أن زيارة أنقرة تهدف لاستكمال التقارب مع تركيا ووجود رغبة في تطوير العلاقات، في إطار المساعي المصرية لتحقيق تقارب بين البلدين.
الأمر ذاته أكده الخبير السياسي بالشؤون الدولية أحمد رفعت، الذي اعتبر الزيارة تمهد الطريق لعودة سوريا للجامعة العربية وعودة العلاقات السورية المصرية الرسمية وزيارة مسؤولين سوريين كبار مصر.
وقال رفعت في حديثه لــ"العين الإخبارية" إن "التواصل المصري السوري لم ينقطع منذ الأزمة في سوريا، ولكن ليس بشكل رسمي".
وحول الزيارة الحالية لكل من تركيا وسوريا، رأى أن هناك دورا مصريا قادما بشكل قوي بالتنسيق مع دولة الإمارات وروسيا لتحقيق الاستقرار والسلام بالشمال السوري، وحفاظا على وحدة تراب البلد.
ونبه إلى أن القاهرة تعتمد في معالجتها للأزمة السورية على 5 مبادئ، أولها ضمان إنهاء الإرهاب في سوريا، ووحدة أراضيها، ورفض أي مشروعات لتقسيمها، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وإطلاق الحوار السوري السوري.