سرت "كلمة السر".. تسوية جديدة في ليبيا هل"تقلب الموازين"؟
مراقبون أبدوا تخوفا من تسوية سياسية دولية يجري التجهيز لها في ليبيا تناقض المرتكزات والثوابت التي أكدت عليها كل المسارات السابقة
حذر مراقبون من تحول في الموقف الدولي في التعاطي مع الأزمة الليبية، يمثل "قلبا للموازين" ويغاير المرتكزات والثوابت التي أكدت عليها المسارات الدولية منذ مؤتمر الصخيرات 2015 وحتى إعلان القاهرة يونيو 2020، مرورا بباليرمو وباريس وأبوظبي وبرلين.
وارتكزت المسارات الدولية السابقة لحل الأزمة في ليبيا، حسب مراقبين، على عدة أسس تنهي الصراع، أبرزها تفكيك المليشيات المسلحة غربي ليبيا ونزع سلاحها، والتبرؤ من الإرهاب ومحاربته، وحظر إرسال السلاح والمرتزقة للأراضي الليبية، إضافة إلى ضرورة دعم المؤسسات الشرعية ومن بينها المؤسسة العسكرية ممثلة في الجيش الوطني الليبي.
أما أبرز ملامح التسوية التي يجري الترويج لها من أطراف عدة فرفعها لشعار "سرت منزوعة السلاح" لتصبح كلمة السر أو بالأحرى محورا للتفاوض، يختزل الأزمة الليبية في نزع سلاح سرت والجفرة، متجاهلة شحنات السلاح والمرتزقة القادمة من تركيا إلى غربي ليبيا.
أخطر من الصخيرات
يرى المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني أن التسوية التي تلوح في الأفق "عبارة عن خطوة في اتجاه تحقيق أهداف دولية قد تزيد تعقيد الأزمة وتمثل خطورة على وحدة الأراضي الليبية".
واعتبر الفرجاني في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن "ما يحدث مجرد فقرة في سيناريو سياسي جديد يتم الإعداد له منذ فترة".
وأضاف: هذا السيناريو أخطر من الصخيرات (اتفاق لحل الأزمة الليبية جرى توقيعه في المغرب عام 2015 تمخض عنه المجلس الرئاسي) وأكثر تهديدا لوحدة التراب الليبي.
ورجح الفرجاني 4 أهداف أساسية تهم الأطراف الخارجية في مساعيها الجديدة، يأتي في مقدمتها تقييد الجيش الوطني بقرار وقف دائم لإطلاق النار، وإدخال قوات مراقبة دولية لاحقا، وضمان تدفق النفط واستمرار ضخ الإيرادات وفق الحسابات السابقة، علاوة على خلق منطقة منزوعة السلاح ستتضمن المنطقة النفطية وإخضاعها لاحقا بإشراف دولي.
وحذر المحلل الليبي من أن هذا السيناريو تجاهل أي ضمانات للقبائل الليبية، كما أنه عمليا لا يضمن وحدة التراب الليبي شرقا وغربا.
سحب الأنظار عن طرابلس بسرت
يرصد مراقبون هذا التحول من خلال التحركات الدولية الأخيرة التي توجت بالإفادة التي قدمتها المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني ويليامز، أمام مجلس الأمن الأربعاء، وتحدثت فيها عن الأوضاع في سرت.
وقالت ويليامز إنه "لا تزال هناك حالة اصطفاف يشوبها الاضطراب حول سرت"، مضيفة أن هذه الحالة تعرض حياة سكان المدينة الـ130 ألفا للخطر.
ولفتت المسؤولة الأممية إلى حيوية وأهمية البنية التحتية للنفط في البلاد التي تشكل شريان الحياة الاقتصادية.
تصريحات ويليامز تبعها بيان تأييد عبر الفيديو من السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، التي أكدت انضمامها لما جاء فيها، معتبرة أن "ليبيا تقف عند مفترق طرق حاسم".
ورحبت كرافت بإعلان رئيس البرلمان الليبيى عقيلة صالح وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق الداعي إلى وقف لإطلاق النار ونزع السلاح واستئناف عمليات قطاع النفط والعودة إلى المحادثات السياسية التي تسهلها الأمم المتحدة.
تسويق وإلحاح
وفي 21 أغسطس الماضي نشرت البعثة الأممية بيانين متزامنين لصالح والسراج بوقف إطلاق النار، وجعل سرت منطقة منزوعة السلاح والعودة للمسارات السياسية.
وعلق مراقبون بأن القوى الدولية لم تر خطرا على 3 ملايين ليبي يقعون تحت أسر المليشيات والمرتزقة والتنظيمات اللإرهابية غرب ليبيا، في حين ترى خطورة شديدة على حياة سكان سرت والجفرة.
وفي تعليقه على بيان كيلي كرافت وإفادة المبعوثة الأممية، قال السياسي الليبي عز الدين عقيل، رئيس حزب الائتلاف الجمهوري، إن هناك تسويقا دوليا لفكرة نزع سلاح سرت والجفرة.
وطالب عقيل في تدوينة له من البعثة الأممية والسفيرة الأمريكية بتوضيح أكثر، متسائلا على صفحته الرسمية بموقع التواصل "فيسبوك" عن المقصود بنزع السلاح، ومن هو صاحب السلاح الجديد البديل له؟
ضغوط سرية
مصادر ليبية رأت أن جملة "سرت منزوعة السلاح" تأتي ترجمة علنية لضغوط سرية تمارس منذ فترة على القيادة العامة للجيش الليبي للخروج من سرت والجفرة، والتراجع مسافة 160 كيلومترا تقريبا نحو الشرق.
وأوضحت المصادر لـ"العين الاخبارية" أن هذا يعني وجود رغبة دولية لفتح الطريق نحو وسط وجنوب ليبيا.
وينظر إلى إعلان البعثة الأممية لبياني البرلمان الليبي والسراج بخصوص وقف إطلاق النار، اعتبارا من 21 أغسطس الماضي باعتباره إنجازا كبيرا في اتجاه حل الأزمة الليبية المتفاقمة بوقف إطلاق النار والعودة إلى المسارات السياسية بعد سنوات من الحرب والدمار.