انتحار المراهقين.. الإناث أكثر محاولة وأدوات الذكور أعنف
تعد ظاهرة الانتحار، خاصة بين المراهقين، من الظواهر التي تستحوذ على انتباه ودراسة علماء الاجتماع والنفس ورجال الدين عبر العالم.
ورغم التطور الهائل في وسائل الترفيه والتكنولوجيا، يحتل الانتحار مرتبة متقدمة كأحد أهم أسباب الوفاة حول العالم.
وتولي منظمة الصحة العالمية اهتماماً بالغاً لفحص أسباب هذه الظاهرة، لا سيما أن تقديرات المنظمة لعدد المنتحرين سنوياً تصل إلى ما يزيد على 70 ألف شخص في العالم، فضلاً عن أعداد الذين أقدموا على محاولة الانتحار، ولم يتمكنوا من تحقيق مرادهم، حيث إن كل حالة انتحار تقابلها حالات أخرى عديدة من محاولات الانتحار.
وتؤكد الإحصاءات الرسمية أن الانتحار هو السبب الرئيسي الرابع للوفاة في صفوف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً وأن 77% من حالات الانتحار في العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ويعتبر ابتلاع المبيدات، والشنق والأسلحة النارية من بين الأساليب الأكثر شيوعا للانتحار على مستوى العالم.
أسباب انتشار الانتحار
ويعتبر الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي المصري، أن ظاهرة الانتحار في البلدان العربية، من الظواهر التي يجب أن يتم التنبه لها، لا سيما أنها أصبحت أكثر من المعتاد، ومعظمها يأتي في سن المراهقة الذي يحتاج فيه الشاب إلى معاملة خاصة واحتواء من الأسرة، خاصة أنه السن الأكثر عرضة وإقداما على الانتحار.
وقال فرويز في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن سن المراهقة الذي يبدأ طبقاً للتعريف الطبي من سن الـ12 حتى 28، يحتاج معاملة خاصة، حيث إن أغلبية من يقدمون على الانتحار هم في سن المراهقة.
ويرى فرويز أن هناك ظواهر مرضية، قد تطرأ على المراهق في هذه المرحلة العمرية، منها الاضطرابات الشخصية العصبية التي تخلق توتراً لدى المراهقين، وهو ما يتفاقم في حالة التعرض إلى أي نوع من أنواع الضغط سواء المادي أو العاطفي أو الاجتماعي.
وفي كثير من الأحيان -والحديث على لسان فرويز- يلجأ المراهق إلى التخلص من مشكلاته الضاغطة بالإقدام على الانتحار، وفي كثير من الأحيان إذا تمكن من النجاة يلوم نفسه كثيراً على اتخاذه تلك الخطوة، ونسبة إقدامه على تكرارها تكون أقل بكثير.
ويؤكد استشاري الطب النفسي، أن الإناث هن الأكثر إقداماً على محاولة الانتحار، أما النسبة الأكبر في تحقيق الانتحار فتكون من نصيب الذكور ذلك أنهم يلجأون لوسائل أكثر قسوة في تنفيذ مخططاتهم.
وعادة ما تلجأ البنات إلى الوسائل الخفيفة كابتلاع الأدوية في سبيل التخلص من حياتهن، أما الذكور فغالباً ما يلجأون لوسائل شرسة كإلقاء أنفسهم تحت عجلات المترو، أو القفز من مكان مرتفع فيصعب إنقاذهم.
وشدد فرويز على أن الأسرة هي الجهة الأولى في علاج أي مشكلات نفسية لدى المراهقين، وعليها العبء الأكبر في متابعة المريض في حالة وجود اضطرابات عصبية توترية، أما إذا كان الأمر في مرحلة اكتئاب بأنواعه أو حالات هلاوس بسبب مرض الفصام، فيجب الاستعانة بطبيب نفسي للعلاج.
وكشف فرويز أن مصر تحتل المرتبة الرابعة في الوطن العربي، كأكثر الدول إقداماً على الانتحار رغم أنها الأعلى من ناحية العدد، وتقع في المرتبة الـ79 على مستوى العالم في تفشي تلك الظاهرة فيها.
رأي الدين
من الناحية الدينية والشرعية، يؤكد الدكتور السيد سليمان، أحد علماء الأزهر الشريف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الانتحار كبيرة من الكبائر طبقاً للشريعة الإسلامية الغراء، لكنه لا يدخل في مرتبة الكفر.
ويضع سليمان على عاتق الأئمة والخطباء، مسألة مخاطبة الشاب الذي يفكر في التخلص من حياته، من خلال تعريفه في البداية بالغاية من الابتلاءات التي يتعرض لها سواء كانت ابتلاءات بسبب الغنى الفاحش أو الفقر المدقع أو غيرها من الأسباب الاجتماعية الأخرى.
وينصب دور الواعظ في توعية الشباب والشابات بخطورة الانتحار، من خلال التأكيد على أن الله أكد أن العسر يتبعه يسر، وأن رحمة الله قريبة من الجميع، وأنه على الإنسان الاتصال بالله والتقرب إليه، مما يخفف من حدة الأعباء التي يتحملها المرء بداخله.
ويؤكد سليمان أن التحذير من مخاطر الانتحار، لا بد أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة، والعمل على دمج المكتئب أو المقبل على تلك الخطيئة مع المجتمع مجدداً، وتعريفه بأهمية الإيمان بقضاء الله، والتأكيد على أن كل بني آدم مبتلى، ولهذا على الإنسان أن يتواءم مع منعطفات الحياة دون إفراط في الانزعاج منها، لا سيما أنها تقع على جميع البشر مع اختلاف ابتلاءاتهم.
ولفت سليمان إلى أن الصلاة من أحد أهم الوسائل التي تريح النفس وتعيد الإنسان إلى صوابه؛ لأن فيها اتصالا حقيقيا مع الله، وسكينة للروح والجسد، وكثرة اتصال الإنسان مع ربه تجعله أقل عرضة للضيق، ولهذا يعتبر التقرب إلى الله ومناداته ومناجاته أحد الحلول الدينية في مواجهة الاكتئاب أو أي من الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان، فتجعله يفكر أو يقدم على إنهاء حياته منتحراً.
وشدد سليمان على ضرورة اللجوء إلى الطب النفسي، متى كانت الحالة تستوجب ذلك، وهذا جنباً إلى جنب مع دور الواعظ والأسرة.
aXA6IDMuMTQxLjIxLjE5OSA= جزيرة ام اند امز