مروّض "الأسود الخمسة" الأفغانية.. من هو أحمد مسعود شاه؟
بابتسامته الواثقة، ولسانه الطليق بالإنجليزية، يحتل القيادي الشاب أحمد مسعود، هذه الأيام مكانا مرموقا بالمشهد في أفغانستان.
ويحرص نجل القيادي الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود غالبا على اعتمار القبعة الأفغانية المعروفة بـ"الباكول"، في تأكيد على أصالة ضرورية لزيادة أنصاره بوادي بنجشير (الأسود الخمسة).
وبرز اسم أحمد مسعود (32 عاما) مؤخرا بين أسماء قيادات قليلة، تفرض نفسها في المشهد، بعد سيطرة حركة طالبان على مقاليد السلطة بأفغانستان.
لكن تلك السيطرة بقيت ناقصة، إذ ما تزال ولاية بنجشير، أو الأسود الخمسة، خارج حكم طالبان، كما كانت دوما، حتى في حكم الحركة السابق (1996*2001).
ويتكئ الشاب أحمد مسعود على إرث والده في المقاومة والدفاع عن بنجشير، فيما يطمح أن تجرّه المفاوضات مع طالبان، إلى التوافق على حكم فيدرالي لأفغانستان، تبقى فيه "الأسود الخمسة"، في حظيرة سيطرته.
فمن هو أحمد مسعود؟
وُلد أحمد مسعود على مقربة من فوهات المدافع في العاشر من يوليو/ عام 1989، بينما كان والده حينذاك يكافح الغزو السوفيتي بأفغانستان، بولاية بنجشير.
وأفاق في سنواته الأولى على والده أحمد شاه مسعود، وهو يصدّ طالبان عن ولاية "الأسود الخمسة".
لكنّ ذلك لم يمنعه من الالتحاق في وقت مبكّر بالدراسة، إذ مكنته علاقات والده، ونفوذه في المنطقة، من متابعة دراسته، فأرسله الوالد (أصوله طاجيكية) ليقضي طفولته في طاجيكستان، وهناك درس الابتدائية.
أكمل أحمد مسعود دراسته الثانوية في إيران، قبل أن يلتحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية العريقة ببريطانيا، ويتخرج منها عام 2012.
ثم حصل بعد ذلك على بكالوريوس في دراسات الحرب من جامعة "كينغز كوليج" بلندن، عام 2015، قبل أن يتخرج حاصلا على درجة الماجستير، في العام الموالي من جامعة "سيتي" بالمملكة المتحدة.
عودة على أجنحة الطموح
ما إن أكمل الشاب الطامح دراسته حتى عاد إلى أفغانستان، لبدء نشاطه السياسي، بناء على إرث والده، التي قتل عام 2001، على يد تنظيم القاعدة، قبل أن يشاهد سقوط حكم طالبان، والقضاء على التنظيم الإرهابي الذي اغتاله.
ترك أحمد شاه مسعود نجله مع خمس بنات، هو شقيقهم الوحيد، لكنه محاط بمناصرين بالآلاف، ومقاتلين أشداء، يملكون مخزون السوفيّيت من الأسلحة في ولاية بنجشير.
في عام 2019، أعلن مسعود من ولاية بنجشير نيته ملء فراغ والده، وأسس حزبا سياسيا، إضافة إلى جمعيته الناشطة التي تحمل اسم العائلة.
ودعا في حشد كبير اختار أن يكون مكانه ضريح والده، أنصاره إلى دعمه، وأوضح الخطوط العريضة لطرحه السياسي، وفي أولويته "التزام الحرية"، ولا مركزية السلطة في أفغانستان، بنظام إسلامي معتدل.
تسويق واستعداد
وحين سيطرت طالبان على أفغانستان مجددا، كان مسعود الابن وقتها في كابول، وغامر في طريق محفوف بالمخاطر، للعودة إلى بنجشير ليرتب صفوف مناصريه، وبالفعل، أعلن الشاب استعداده للقتال، ومدّ يده للحوار في ذات الوقت.
وهناك في "الوادي الحصين"، استقبل أحمد مسعود عشرات القادة من أنحاء أفغانستان، والتحق به أمر الله صالح، نائب الرئيس الأفغاني أشرف غني، الذي نصّب نفسه رئيسا "شرعيا" وحيدا للبلاد.
حتى الآن أجرى أحمد مسعود، عشرات المقابلات المصورة والمكتوبة مع وسائل الإعلام الدولية، مقدما رؤيته لحل الأزمة في أفغانستان، متمسكا بالحوار، وملوحا بالاستعداد للقتال.
كما كتب في سبيل شرحه لرؤيته، وسعيه لتوسيع دائرة دعمه الدولي، أكثر من مقال في صحف أجنبية في الولايات المتحدة، وأرووبا، دعا فيها جميع دول العالم، بما فيها الدول العربية إلى مساعدته.
ورغم التقارير الإعلامية، غير المؤكدة، عن زحف مقاتلين من الطاجيك موالين لمسعود، نحو كابول، يبدو صوت المفاوضات مع طالبان أعلى، إذ دخلت روسيا على خط وساطة، ولا تبدو الحركة راغبة في دخول حرب مع "أسود بنجشير".
aXA6IDMuMTM4LjEzNS4yMDEg جزيرة ام اند امز